زايد .. الأب الناصح

ت + ت - الحجم الطبيعي

يتميز الشعر النبطي عن الفصيح في كونه يدخل شغاف القلب مباشرة وبعبارات واضحة بعيداً عن الزخارف البديعية.

وشعراء النبط في الماضي كانوا كثيري الخبرة وكثيري الحكمة، لذلك فإنك عندما تقرأ أشعارهم لا ترى إلا النصح والإرشاد، وسرد الحكم والعبر.

وبما أن الشعر النبطي مرتبط بالبادية، فإن الأكثرية كانوا يجيدون الشعر، وكلهم يروونه ويحفظونه في صدورهم، وآل نهيان فيهم شعراء وما زالت أشعار بعضهم تُروى على الألسنة أو تتناقلها الكتب.

ومن أبرز شعراء آل نهيان في الماضي الشيخ خليفة بن شخبوط، الذي حكم في الفترة من 1833 إلى 1845، والشيخ سلطان بن زايد، الذي حكم من عام 1922 إلى 1926، ويذكر عنه أنه كان مولعاً بالشعر، ومن أشعاره ما هو موجود اليوم على باب قصره الذي بناه لنفسه، وقد سجل عليه تاريخ البناء، وهو 3 شعبان من عام 1328 ﻫـ، أي منتصف عام 1910 من الميلاد.

وذلك الشعر هو:

لاح نجم السعد في باب العلا

مجده باق على رغم المعاند

أشرق التاريخ باليوم السعيد

شاد بيت الملك سلطان بن زايد

وعثر الشاعر حمد بو شهاب، رحمه الله، على قصيدة للشيخ ذياب بن عيسى تدلّ على أنه كان شاعراً أيضاً.

وأما شاعرنا الكبير، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، فقد كان غزير الشعر، وافر الحظ، سخيّ اليد، نقيّ القلب، صافي النية؛ فلا تعجب إذا وجدت النصح في شعره؛ فالشيخ زايد، رحمه الله، كان أباً للجميع قبل أن يكون حاكماً، وكان ناصحاً ومعلماً تربوياً حتى في مجالسه وأحاديثه العادية.

أما قصائده التي تتضمن النصح والإرشاد، فمنها ما كانت على سبيل الجد، ومنها ما كانت على شكل دعابة، وفي اعتقادي أن الشيخ زايد في الحالتين ينزّل نفسه منزلة الأب والمعلم والمربي، وأجزم بأن شعبه كان ولا يزال في حاجة إلى نصائحه لأنها نابعة من خبرة وتجربة.

ففي قصيدة «مترى العدل» على سبيل المثال يقول الشيخ زايد:

احذر ولا تشتط تندم

يا جان تبغي الشّي تنضيه

يا كم واحد قبلك ازتم

يركض ولا يوصل لي يبغيه

ومن الحماقة جسمه انحمّ

ومن العيا ما تقبض إيديه

ومترى العيل يتعوض الهمّ

ويخسر صديجه اللّي حواليه

بوصيك جانك رجل تعلم

إتـأن في أمـر بـتـعيـنـه

إعمل بطيب أوزين وفهم

ومترى العدل يعدل إبراعيه

إصبر ومترى الصّبر يسهم

في الجزل يوم أنّك توافيه

والإحترام إيعالج الهمّ

والغيــر هـــذا ما تواحيه

ويقول في قصيدة أخرى:

بن علي أرسلت لك عاني

يوم ريت الجيل مظمونه

إحترمهم لي لهم شاني

والهوى له شرط يرعونه

لو تشوف ابحالك اوهاني

في الهوى إصبر ولك عونه

قارن بين النصح في النموذج الأول وبين النصح في النموذج الأخير، الذي يذكر فيه الشاعر معاناته مع حبيبه، فزايد في كل المواقف ناصح أمين، تعود أن يقول كلمة الخير والخير، ولكنه يختار للمكان المناسب المقال المناسب، ولم يكن يفعل ذلك لولا أنه أوتي الحكمة.

Email