زايد وانتماؤه للوطن

ت + ت - الحجم الطبيعي

قلنا: إن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، يتميز عن غيره في أفكاره وولاءاته وانتماءاته، بأنه مهما يزر أو يرَ في أسفاره وجولاته بلاداً أجمل من بلاده، فإنه يفتخر أولاً وآخراً بثوابته التي يؤمن بها، فلو امتدح على سبيل المثال بلداً أو ذكر جماله أو خلق أهله فإنه لا يفضل ذلك البلد على بلده.

وإننا نلحظ هذا حتى في قصائده، والشيخ زايد معروف عنه أنه يكتب قصائد غزلية في غاية الروعة والجمال، وبالغة الدقة في الإحساس ودغدغة الخيال، لكنه مع ذلك يشبه أسلوبه أسلوب شعراء التصوف الذين يكتبون قصائدهم في المحبوب لكن المحبوب والمعشوق هو الله رب العالمين.

اقرأوا معي هذه القصيدة للشيخ زايد، وهو يبدو فيها شاعراً متعلقاً بوطنه ومخلصاً له إلى أبعد الحدود.. وأيضاً، يبدو في أبيات غيرها ميالاً إلى شعر الغزل مرة، وفي مرة أخرى أباً تربوياً حانياً يوجّه أبناءه إلى ما فيه مصلحة الوطن.

شطّن بي الغزلاني

لي الهن عيان سود

والسّولعي وزّاني

في امتابعه مجهود

إمن الوزا ظمياني

اولا نلت لي مقصود

اوحقه ذرب المعاني

سلام عدّ النود

استهلّ الشاعر الشيخ زايد القصيدة بالغزلان، والغزلان وإن كان يريد بها موضوعاً غزلياً، إلا أنه لا يتغزل بجمال أي غزال، بل جمال المرأة في بلاده، بدليل قوله فيما بعد: لي إلهن عيان سود.

ثم انظر إلى انتماء الشيخ زايد لوطنه.. إذ يفتخر بسمراء بلاده.. بل يعتز بالأرض التي أنبتت تلك الغزلان وذلك الجمال الطبيعي الخلّاب.

فالسولعي هو نوع من الغزلان الرشيقة هنا في صحراء الإمارات.

ونقرأ في قصيدة الشيخ زايد التي تبدو غزلية، نزاهة وترفّعاً عن الجمال الجسدي الزائل. والشيخ زايد، رغم انبهاره بجمال أشكال هذه الغزلان (رمز المحبوبة)، فإن انبهاره بأخلاق المحبوبة أكثر، وهي أخلاق بنات بلاده، لذلك وجّه الشباب إليها وقال:

ما يحترم لانساني

إلا بخصال اليود

إن كان من الشبان

والا كهل امعدود

الشهم له ميزاني

حشمه اوقدر عود

يا ذا الشباب الباني

بادر اوقم بجهود

اولا تقلّد الدّلهاني

لي ما وراهم زود

شمّر الوقت إن زاني

واعمل شرى ليدود

وعسى شباب أوطاني

يحظى بمجد أوفود

وانظر أيضاً إلى براعة الشاعر الشيخ زايد بن سلطان، من الغزل إلى الوصف.. ومن ثم تبرز بأبياته سمات وحكمة قائد يريد مصلحة شعبه.. ويبرز كأب يقدم النصح إلى أبنائه. ويحاول مع هذا النصح الأبوي التربوي الوطني الجميل، أن يربط الحاضر بالماضي، فيلفت انتباه أبنائه بأن عليهم تقع مسؤولية حفظ تراث الآباء والأجداد.

Email