زايد بن سلطان شخصية استثنائية 2-2

ت + ت - الحجم الطبيعي

علمنا أن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، أقام دعائم دولته على الحب والصفاء والإخاء، ثم بدأ يُخطّط ويبني، ويعمر المساجد والمستشفيات، والمدارس والجامعات، والأسواق والمنتديات، وراح يعبّد الطرقات ويقيم الجسور التنموية بين الحضر والبادية، واهتم بالرجال والنساء والمواطن والمقيم.

وحوّل رمال الصحراء إلى واحات خضراء، ورسم الابتسامة على كل الشفاه، من الفقراء حتى الأرامل والأيتام في الداخل والخارج، ووفّر الطعام والشراب والمأوى للإنسان والحيوان والطير والهوام، ونشر العدل والمساواة والرحمة والأمن والأمان في كل ساحة.

ما ذلك إلا لأنه كان محباً للسلام، ولا يطيق الخصام، وكان دائماً هو أول من يرفع يده للمصافحة ويدعو إلى الإصلاح، ولم يكن يتصنع ذلك رياءً وسمعة بل إرضاء لله، ورحمةً بالفقراء والمشردين في كل مكان.

لذلك فإن الشيخ زايد بن سلطان، رحمه الله، استحق أن يُنادى في زمانه برجل العروبة والإسلام والإنسانية من غير منازع، واستحق أن يبكي عليه البرُّ والفاجر في مشارق الأرض ومغاربها حين رحيله، وقد بكى العالم عليه فعلاً، ووقف له أعضاء مجلس الأمم المتحدة في يوم وفاته دقائق تعظيماً لشخصه المحب للسلام، وتقديراً لدوره الإنساني في حياة الناس الذين نعموا بحياة العزة والكرامة في فترة حكمه.

ولعمري هل يُنسى مثل هذا الرجل، أو هل يجود الزمان بمثل هذا الرجل الاستثنائي؟! ومن منا لا يتمنى أن يكون ممن عاش في عصر زايد، أو يكون على الأقل ممن تشرفوا برؤيته. وما أجمل أبيات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، الذي يقول:

استظـل بْاسم زايد كل ليله

                  وكل لـيله في منامي له حضور

يا اسم زايد لو لزايد وسيله

                     لو دقيقه بس وحده في الشعور

ألمس إيدينه وفي عيني أشيله

                    هو أبويه وخالي وشيخ العصور

ولقد كرّس الشيخ زايد حياته في خدمة الإنسان، لعلمه أن الحضارة البشرية ليست طابوقاً وحجراً وأسمنتاً، بل ارتقاء بالإنسان إلى المستوى الذي أراد له ربنا تبارك وتعالى، فهو القائل في محكم كتابه: (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ).

وهو القائل: (يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ)، وهو القائل: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)، وهو القائل: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا).

أجل.. وأجمل ما في زايد، رحمه الله، قلبه الذي لم يحمل حقداً على أحد، لذلك فإنه عندما أنعم الله عليه بالخير لم يحرم أحداً وتذكر الجميع من حوله، وجاد بالخيرات على القريب والبعيد، مما أفاضه الله سبحانه وتعالى عليه.

وما أجمل أن يُنعم الله عليك فتشكره على النعمة، وما أعظم من يذكر إخوانه من الذين وقفوا معه في أيامه كافة، ورحم الله من قال:

إن الكـــرام إذا ما أيســـروا ذكــــــروا

                                      من كان يألفهم في المنزل الخشن

فزايد بن سلطان نعم العربي في شهامته ونخوته، ونعم المسلم في مكارم أخلاقه وأريحيّته، ونعم الإنسان في مواقفه وإنسانيته.

Email