خصائص الأمة الإسلامية بشهر رمضان

ت + ت - الحجم الطبيعي

لهذه الأمة خصائص عظيمة وفضائل كثيرة لعظيم شرفها وكبير منزلتها عند الله تعالى، فهي خير أمة أخرجت للناس كما أخبر الله تعالى وهو أصدق القائلين بقوله سبحانه:

{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} فهي خيرية عامة وشاملة لكونها تقوم بهذه المهام العظيمة التي هي مهام الرسل عليهم الصلاة السلام، وهي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المتوجان بالإيمان بالله تعالى الذي يصدر عنه الأمر والنهي في ضوء شرع الله.

كما قال الله تعالى:{ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}، فهذه الوظيفة يقوم بها أفراد الناس بحسب تخصصهم وطاقاتهم كما قال صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه.

وذلك أضعف الإيمان» وهذه الخيرية تقتضي أن تكون ذات مِيز وخصائص لا تشاركها فيه الأمم الأخرى حتى وإن كانت عابدة بمثل عبادتنا، كما خصصت بخصائص كثيرة؛ منها تكفل الله تعالى بحفظ الكتاب الكريم الذي هو دستورها الأعظم، وأنها لا تجتمع على ضلالة، وأنها الآخرة في البعث الأول في الأجر، وأنها الأمة الوسط، وأنها الأمة التي رفع عنها الإصر والحرج والأغلال التي كانت على من قبلها من الأمم.

وأنها الأمة التي رفع عنها إثم الخطأ والنسيان وما استكرهت عليه، والأمة التي جعلت لها الأرض مسجداً وطهوراً، والأمة التي حفظت من الهلاك وعذاب الاستئصال العام... إلى غير ذلك من الخصائص العامة، وهناك خصائص بهذا الشهر بينها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: «أعطيت أمتي خمس خصال في رمضان، لم تعطها أمة قبلهم:

خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، وتستغفر لهم الملائكة حتى يفطروا، ويُزِيِّن الله عز وجل كل يوم جنته، ثم يقول: يوشك عبادي الصالحون أن يُلقوا عنهم المئونة والأذى ويصيروا إليك، ويصفد فيه مردة الشياطين، فلا يخلصوا فيه إلى ما كانوا يخلصون إليه في غيره، ويغفر لهم في آخر ليلة. قيل: يا رسول الله، أهي ليلة القدر؟ قال: «لا، ولكن العامل إنما يوفى أجره إذا قضى عمله».

فهذه الخصائص العظيمة التي تتميز بها الأمة الإسلامية تقتضي منها أن تغتنمها وتفاخر بها الأولين والآخرين، فها هو النبي صلى الله عليه وسلم يفاخر بأمته الأمم ويقول: «نحن الآخرون السابقون يوم القيامة، بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا، وأوتيناه من بعدهم، وهذا يومهم الذي فرض عليهم، فاختلفوا فيه، فهدانا الله له، فهم لنا فيه تبع.

فاليهود غدا، والنصارى بعد غد»، يعني بذلك يوم الجمعة الذي هو أفضل أيام الأسبوع وهو خير يوم طلعت عليه الشمس، فكذلكم هذا الشهر الذي هو سيد الشهور، والذي جعل الله فيه ليلة هي خير من ألف شهر، لم تنل مثله أمة من الأمم، ولما اختصت به من الفضائل فإنها تكون شاهدة على الأمم السابقة بأن رُسلها قد بلغتهم رسالات ربهم.

كما قال الله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يدعى نوح يوم القيامة، فيقول: لبيك وسعديك يا رب، فيقول: هل بلغت؟ فيقول: نعم، فيقال لأمته: هل بلغكم؟ فيقولون: ما أتانا من نذير، فيقول: من يشهد لك؟ فيقول: محمد وأمته، فتشهدون أنه قد بلغ».

وفي رواية عنه صلى الله عليه وسلم قال: «يجيء النبي ومعه الرجلان، ويجيء النبي ومعه الثلاثة، وأكثر من ذلك، وأقل، فيقال له: هل بلغت قومك؟ فيقول: نعم، فيدعى قومه، فيقال: هل بلغكم؟ فيقولون: لا، فيقال: من يشهد لك؟ فيقول: محمد وأمته، فتدعى أمة محمد، فيقال: هل بلغ هذا؟ فيقولون: نعم، فيقول: وما علمكم بذلك؟ فيقولون: أخبرنا نبينا بذلك أن الرسل قد بلغوا فصدقناه».

فاللهم لك الحمد على ما أوليتنا من فضلك، وجزيل نوالك على ما فينا من تقصير، فنسألك يا ربنا أن تتجاوز عن تقصيرنا وتعاملنا بما يليق بما كرمك، يا جواد يا كريم.

 كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء بدبي

Email