زايد بن سلطان من هو؟ 2 ــ 2

ت + ت - الحجم الطبيعي

بلغ الشيخ زايد من العمر 28 سنة، وعندئذ عين ممثلاً للحاكم في منطقة العين المحاطة بقبائل البدو، ومنذ ذلك اليوم جلس يؤدي دور الحاكم في المنطقة تلك، ووضع نصب عينيه معالجة الأفلاج المنتشرة يومئذ فيها، وإصلاحها كان بالنسبة إليه من أوجب الواجبات نظراً لندرة المياه آنذاك في إمارة أبوظبي عموماً.

وفي عام 1959 أسس أول مدرسة شبه نظامية هي المدرسة النهيانية، وقبلها بسنة أسس أخوه الشيخ شخبوط بن سلطان حاكم إمارة أبوظبي، حينذاك، المدرسة الفلاحية في مدينة أبوظبي، إلا أنها لم تستمر فأغلقت، ثم أُعيد افتتاحها.

والشيخ زايد بن سلطان مذ كان ممثلاً للحاكم في المنطقة الشرقية في أبوظبي كان يهتم بالإنسان والمكان والزراعة، ويستثمر الوقت والزمن، لذلك فإنه اهتم بالتعليم والصحة والطرق والأسواق والأشجار ولا سيما النخيل والغاف.

وفي عام 1953 بدأ في زيارات خارجية إلى دول عديدة، مثل : بريطانيا وأميركا وسويسرا ولبنان والعراق ومصر وسوريا والهند وباكستان وفرنسا؛ بغية الاطلاع على تجارب الآخرين.

وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدل على أنه كان يملك إرادة قوية، فقام بتلك الجولات التحضيرية قبل أن يتولى حكم البلاد ومسؤولية الإدارة الكاملة، فلم يأت عام 1966 إلا والشيخ زايد، رحمه الله، كان قد تأهل لقيادة إمارة أبوظبي، حيثُ اختير بالإجماع حاكماً للبلاد خلفاً لأخيه الأكبر الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان الذي حكم إمارة أبوظبي من عام 1928 إلى عام 1966.

كان الشيخ زايد من غير شك هو الرجل الأنسب والأقرب إلى الناس، والأكثر شعبية بين القبائل البدوية، ولا ننسى أنه قضى من عمره عشرين سنة بينهم عندما كان ممثلاً للحاكم في المنطقة الشرقية، فعرفوه بالكرم ورجاحة العقل والتواضع، وحب الخير والقدرة على الإصلاح بين المتخاصمين.

يقول عنه «كلود موريس» في كتابه «صقر الصحراء» على لسان العقيد «هيو بوستيد» الممثل السياسي البريطاني الذي عاش في المنطقة لفترة طويلة:

«لقد دهشت تماماً من الجموع التي تحتشد دوماً حول الشيخ زايد وتحيطه باحترام واهتمام، وقد شقّ الينابيع لزيادة المياه لريّ البساتين.

وكان الشيخ زايد يجسِّد القوة مع مواطنيه من عرب البادية، وكان يشاركهم في حفر الآبار وإنشاء المباني وتحسين مياه الأفلاج، والجلوس معهم ومشاركتهم الكاملة في عيشتهم اليومية، وفي بساطتهم كرجل ديموقراطي لا يعرف الغطرسة أو التكبر.

وضع خلال سنوات حكمه في العين شخصية القائد الوطني، إضافة إلى شخصية شيخ القبيلة المؤهل فعلاً لتحمُّل مسؤوليات القيادة الضرورية».

إذن فإن الشيخ زايد، المتخرج في جامعة الحياة، مثلما كان الرجل الأمثل لإدارة مدينة العين في بداية حياته السياسية، كان الرجل الأجدر لحكم إمارة أبوظبي، ثم الأقدر على تأسيس دولة الاتحاد عام 1971 بمعاونة أخيه المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم حاكم دبي، رحمه الله، وبمساندة إخوانه حكام الإمارات.

وكم تكبّد العناء حتى أقنع حكام الإمارات، ولَمْلم شمل هذه الحكومات الصغيرة.

نعم... وأراد الشيخ زايد أن يُقيم اتحاداً تساعياً يشمل البحرين وقطر آنذاك، لكن جرت الرياح بما لا تشتهي السفن، فأقام اتحاداً ثنائياً عام 1968 بين أبوظبي ودبي، ثم الاتحاد السباعي المبارك بين الإمارات السبع عام 1971.

Email