القلب الكبير مبعث سعادة كبار السن

سـلوى الســويدي..تزرع ربيــع الأمل في خريف العمر

ت + ت - الحجم الطبيعي

مع كل دمعة طفل عانى الحرمان، تجد أيادي تكفكف البكاء، وتعيد البسمة، وبين أوجاع كبار السن، ترى من يخفف عنهم ويحتويهم، ويرد لهم الجميل، ومع آهات النساء المقهورات، تشاهد من يساندهن ليجعلهن أقوى في مواجهة الحياة. خلف كل هؤلاء أناس أضاؤوا شعلة الأمل، وأعلوا قيمة الإنسان، ومنحوا الأمل للمستقبل.

تهتم كثيراً لراحتهم وصحتهم، تستمع إلى حكاياتهم بإنصات، تشاركهم أفراحهم وأحزانهم، وتتأكد من أن كل ما يحتاجون إليه بين أيديهم، إنها الدكتورة سلوى السويدي، اختصاصي أول طب المسنّين والشيخوخة، ومديرة مركز سعادة كبار السن، التي اختارت أن تكون ابنة بارة لكل الشُياب في المركز، فالعلاقة بينها وبينهم ودية بعيدة عن الرسميات.

فقد اختارت ذلك التخصص، لأنها تكنّ حباً واحتراماً لكبير السن، ولأنها تسعى إلى أن يعيش حياة أفضل، فقد سألها عدد كبير من أصدقائها لماذا طب المسنين، خاصة أن كبير السن يعاني السكر والضغط ومشكلات كثيرة، وهو الأمر الذي جعلها أمام تحدٍّ لإثبات نفسها.

منزل ثانٍ

في عالم 2001، التحقت بالمركز كطبيبة متدربة، لتسافر بعدها إلى الخارج لتكمل دراستها وتعود في عام 2012 وتصبح مديرة له، وقتها شعرت بمسؤولية كبيرة تقع على عاتقها، فأصبحت تهتم بأدق التفاصيل الخاصة بالمسنين، فهناك من يفضل تناول القهوة مع دقات الساعة التاسعة، وآخر قارئ نهم خاصة في الكتب التي تتعلق بالتاريخ.

وهناك من يتمتع بصوت عذب فيمسك بالميكروفون، ويجلس وسط أقرانه ليقدم وصلة طربية بامتياز، كل هذه التفاصيل تحرص السويدي على متابعتها، فالمركز على حد قولها ليس مجرد مكان يجتمع فيه الشياب، ولكنه بمنزلة منزل ثانٍ لهم، فهناك من يعيش بصفة دائمة داخل المركز، نظراً إلى عدم وجود أقارب للمسنين من الدرجة الأولى.

وهناك من يأتي يومياً فترة النهار. ويمضي المركز في خطط وبرامج هادفة تضمن الخروج عن النمط التقليدي المعتاد لدور رعاية المسنين، وذلك بما توفره من أشكال الدعم كخدمات العلاج الطبيعي والعلاج المهني وغرفة الاسترخاء، التي تسهل التفاعل والتعامل اليومي مع المسنين أثناء تلقيهم الخدمات العلاجية والتأهيلية لمختلف الحالات.

رحلة كفاح

ترى السويدي أن أهم شرط يجب أن يتوافر في الطبيب هو الإنسانية والمرونة في التعامل، وجميع الموظفين في المركز يتمتعون بتلك الصفات، فهم يسهرون على راحة كبير السن ويهتمون به، تقول السويدي: نحن نتقاضى من المركز شيئاً أهم بكثير من الراتب الشهري.

وهي دعوة والد أو والدة نابعة من القلب، تيسر لك أمورك في الحياة، فلا أجمل من أن تصنع بسمة على وجه مسن، أو تنصت لقصة كفاحه المليئة بالصبر والأمل، فأغلب أمهاتنا تزوجوا في سن صغيرة، ولم تكن الحياة تمتلك مقومات الرفاهية مثل اليوم.

كذلك الأب الذي اجتهد في عمله لكي يجعل أولاده يصلون إلى أعلى المراكز لكي يصبح فخوراً بهم فيما بعد، والعديد من الحكايات التي يرويها الكبار، ونحن نستمع لها بكل شغف وحب.

وتضيف: أحد الشياب اتصل بي في وقت متأخر في الليل يشكو من أن السحور لم يكن جيداً، وأنه يرغب في طعام آخر، وقتها أجبته بكل رحابة بأنني سأحضر له كل ما يرغب فيه، أيضاً أتذكر كبيراً طلب مني أن يكون هناك ممرض مسلم يرافقه وقت صلاة الجمعة ليساعده في الوضوء، ويذهب معه إلى المسجد، وبالفعل نفذت طلبه على الفور.

رضا المتعاملين

المركز استطاع أن يصل بمستوى رضا المتعاملين إلى 100% لسنة 2016 -2017، مؤكدةً حرصه على الحفاظ على هذه النسبة خلال السنوات المقبلة، من خلال توسيع نطاق خدماته التي تحقق راحتهم وسعادتهم، حيث يقدم الملتقى رحلات ترفيهية دورية تجدد مشاعرهم بين فترة وأخرى، علاوة على أهمية نشر التوعية بمفهوم الشيخوخة النشطة لذوي المسنين.

ولكبار السن ذاتهم، لضمان الحماية والرعاية من الجميع، والتركيز على أن مرحلة الشيخوخة ليست عبئاً على المجتمع، بل على العكس من ذلك تماماً.

ولفتت إلى أن المركز يحرص على إشراك كبار السن في مبادرات الدولة كافة. وقد أطلقت هيئة الصحة في دبي التسمية الجديدة لـ«مركز ملتقى الأسرة»، ليكون «مركز سعادة كبار السن»، وذلك توافقاً مع مظاهر ومضمون الحياة والرعاية الفائقة والخدمات الطبية والاجتماعية عالية الجودة، التي توفرها الهيئة لكبار السن.

ومن أصعب المواقف التي تمر عليهم في المركز، كما تشير السويدي، حينما يتوفى أحد كبار السن، وقتها يشعرون بأنهم فقدوا فرداً من عائلتهم، فيقيمون له صدقة جارية، ويشاركون في عزائه. الكثير من كبار السن عبّروا عن حبهم للسويدي، فهناك من قال إنها لو غابت يوماً على المركز يشعر بأنه وحيد، أما أم إبراهيم فوصفتها بالقلب الكبير المحب للجميع.

20

أحد الشياب منذ 20 عاماً يحرص على الذهاب يومياً إلى مركز سعادة كبار السن، لقضاء وقت ممتع رفقة أصدقائه، والمشاركة في مختلف المبادرات التي يقيمها المركز.

 

Email