الوالدتان حليمة علي وفاطمة رضا بصحبة المصممة يارا بن شاكر

الموضة المحتشمة.. قوالب لونية تخرج عن المألوف وتنتصر للعادات والتقاليد

ت + ت - الحجم الطبيعي

كبار المواطنين هم سارية الوطن وشراعه المخضب بالتقاليد والإرث العريق، مداد الأخلاق وحبر الوطنية الخالصة، فقد كرسوا حياتهم للنهوض بالوطن وبناء أجيال تنبض قلوبهم بالهوية، تقاطعات جيل ما بعد الألفية تشد وثاق سفنها «أدقال» أجيال الاتحاد لتنقلها إلى شواطئ الثقافة العالمية وإيقاعها الذي يتجلى بالمعاصرة والمحافظة على الموروث، فنحن لا نعيش بين زمنين، بل نصنع لحظاتنا بين ذكريات استثنائية وإنجازات تستشرف المستقبل.

البداية من نقطة الصفر، شعار رفعته المصممة يارا بن شاكر لإطلاق تصاميمها المستوحاة من الثقافة المحلية والاحتشام عبر دار تصميم بحي دبي للتصميم، حيث تشتهر بميلها لاستكشاف الألوان والطبعات بهدف إلهام المرأة وتمكينها.

عبر احتفائها الدائم بالقوالب ذات الأفكار غير المألوفة، للإطلالات أنيقة عبر قطع متعددة ذات لمسات مشرقة وحيوية يميل الكثير منها إلى أقمشة الكتان الناصعة والشيفون المجسمة. كما حرصت على إضفاء عناصر جريئة على التصاميم تتيح للسيدة التألق والتميز في موسم الأعياد المقبل من خلال الياقات الضخمة والتنانير المنسدلة والكشاكش الأنيقة.

فكرة النسيج

وفى السياق، أكدت يارا خلال استقبالها الوالدة حليمة علي والوالدة فاطمة رضا من نادي زخر الاجتماعي أنها أبدت اهتماماً كبيراً بفكرة ابتكار تصميم النسيج فكان تركيزها منذ البداية على تصميم المنسوجات واستكشاف تصميم السطح من خلال وسائل متعددة وقادها شغفها بذلك لدراسة التصميم والمنسوجات بجامعة الشارقة، وتعتبر يارا أن الطبعات والرسوم من الاتجاهات الغنية بالأفكار والنماذج الإبداعية التي تلهم المصممين بشكل أساسي عبر منصات العروض العالمية التي تعيد إنعاش أرشيفها ومخزونها الحرفي المستند على اهتمام الشعوب وحضارتها التي على تنوعها نسجت نسجاً مباشراً على النول، أو إن يطرزوا على الأقمشة وفق رسوم محددة تناسب الفئة العمرية والمكانة الاجتماعية أو الانتماء الطبقي، كما استعملوا الصبغات على الأقمشة، لكنها لم تكن شائعة.

أما النقوش فكانت عبارة عن نجوم، وأوراق شجر، وأشكال هندسية، أو طيور إذ كان اهتمامهم ينصب على أطراف القماش ليزينوه على شكل كنار يحف بالقماش، كما لجأ القادرون من الناس على توشية القماش وتطريزه بالمسبوك الذهبية.

بوصلة الألوان

وحول فكرة تطور شكل العباءة الإماراتية وتنوع ألوانها بعد أن ظلت تحتفظ بعراقة لونها الأسود لسنوات، تجيب يارا عن هذا السؤال المطروح من قبل الوالدة حليمة قائلة: حملت الأعوام الماضية الكثير من المفاجآت المثمرة على صعيد الأزياء المحتشمة عموماً والعباءة السوداء التي طرقت أبواب العالمية في عقر دارها بكثير من العروض والتصاميم التي تحمل رياح التغير والتأكيد على ثقافة الاحتشام المرادفة لموروث سيدات العالم الإسلامي والتي واجهت الكثير من الرفض والعنصرية في بعض بلدان العالم.

وأضافت يارا: ان مرحلة النضوج والاستقرار لهذه التصاميم باتت ظاهرة للعيان وحان الوقت أن تنطلق من عاصمة الموضة العربية بدبي من خلال أول عرض للأزياء المحتشمة في مارس، وهي بمثابة العودة إلى الجذور بما لا يدع مجالاً للشك.

إحياء التراث

وحول سبب تمسكها بإيحاءات الأشكال التراثية والتي تزخر بها تصاميمها على حد تعبير الوالدة فاطمة تؤكد يارا أن عشقها للأزياء التراثية المحلية نابع من تعلقها ببيئتها الإماراتية التي تحمل في طياتها عبق الماضي المرسخ لصلابة الانتماء وأصالة أفراد شعبة الذين لايزالون متشبثين بزيهم الوطني رجالاً ونساءً، فهي لا تعرض فقط الأزياء ولكنها جعلت من نفسها حارسة أمينة على إرث ثمين لا بد أن يعبر الجسر للعالمية معرفاً بنفسه وناطق باسم الإمارات التي عاشت نهضة تنموية على جميع الصعد شهد لها الداخل والخارج رافقتها تحولات نوعية في مسيرة المرأة الإماراتية في شتى مجالات الحياة، ومن هنا كان لا بد أن تقوم بدورها الفعال والمؤثر.

ذائقة محلية

وتضيف قائله: أنا أرتدي ثوب جداتنا، وأتزين بحلي أمهاتنا، وأعبر عن مصممات عربيات وتحديداً خليجيات انتمين لهذا الفن المعاصر، ضمن تقاليد البنت الخليجية، والثقافة المحلية المحتشمة، وفعلياً فإنني أطمح لأن أكون سفيرة فنية لبلادي، ولن أتنازل عن البعد الجمالي في أن أتخذ من حضوري الإعلامي مشهداً نحو تأصيل معاني الموروث المجتمعي، بمزيج معاصر، يؤمن بالأناقة والذائقة المحلية والعربية عنواناً لفن الأزياء، وتجسيداً لفتاة الإمارات وواقعها المتجدد، الذي يتيح لها المزيد من الإبداع الفني، ضمن سياق أطر بيئتها المجتمعية، للتعريف إلى جماليات الأزياء التقليدية في جوانب تشكيلها وتشجيع الجيل الجديد من المصممات الشابات للاستفادة من القطع والنقوشات التراثية للملابس الشعبية قديماً مع خلق إبداعات جديدة متواصلة مع النقوش والتصميمات القديمة لغرض خلق قطع إبداعية حديثة ممتزجة ما بين الماضي والحاضر وتشجيع الاستثمار في مجال الأزياء التقليدية سواء من قبل الدولة أو المؤسسات الخاصة. وغير ذلك من الأهداف السامية الأخرى.

وفى نهاية الزيارة، أعربت الوالدتان فاطمة وحليمة عن فخرهما العميق بابنتهما المصممة يارا بن شاكر التي حجزت لنفسها موقعاً مميزاً بين المصممات الشابات في الإمارات، اللواتي يمزجن الحداثة والجرأة ضمن قواعد الاحتشام التي تعد جزءاً أصيلاً في ثقافة المجتمع المحلي، والذهاب بهذا المفهوم بعيداً نحو فلسفة جديدة تترجم من خلالها عناوين عريضة لمظهرها وأناقتها التي، تعبر عن فهمها للواقع الجديد الذي تعيشه اليوم في عالم تسيطر عليه فكرة التغيير بكل تفاصيله، لتظل الموضة وصرعتها تحت المجهر بأفكار خلاقة وخامات متعددة وأكسسوارات مستوحاة من عالم الأحلام ففي الوقت الذي كانت تتسم فيه الموضة على وجه التحديد في عشرينيات وثلاثينيات من القرن الماضي بالتقليدية، سواء من حيث التصميمات التي تتسم بالطابع الرسمي الفخم، إذ لم تكن لتتعدى «موضة» فساتين السهرة أو الحياة العملية اليومية، أما اليوم فأناقتك غير مشروطة وبعيدة عن التقليدية والسبب في ذلك أنها من اختيارك وتناسبك في كل الأوقات.

بصمة نجاح

تشير الوالدة فاطمة إلى أن المزج الجمالي بين التأثيرات ذات الصلة بالثقافة المحلية والغربية في التصاميم التي شاهدتها بدار يارا بن شاكر هي مرادف لبصمتها الناجحة في لفت الانتباه وحشد الإعجاب مع إطلاق تشكيلاتها، التي تعشقها الفتيات ويتوقفن كثيراً عندها لوجود رابط خفي يشدهن لتصاميم بسيطة، متناغمة ومشغولة بعناية تكشف تفاصيل الجمال الأنثوي، وتنبض بالحيوية والألوان والمتعة والقوة والمرح.

وتحتفي بالطاقة الأنثوية الفياضة عبر تكريس رونق بديع مفعم بالألوان النابضة والتي كما أشارت المصممة يارا في حديثها إلى أن القطع التي تنتجها في كل موسم تكتسب العديد من أفكارها المتنوعة، مع كل نغمة موسيقية تتردد أصداؤها بعيداً عن ساحات العروض وصيحات الموضة فحرفتها ابتكار الخيال في القصات والقوالب التي تفخر السيدة الإماراتية بارتدائها في جميع الأوقات وتكشف عن أبعاد جديدة مع كل إطلالة تتجاور وتنسدل وتنثني حول الجسم بمساحات تم ابتكارها عبر زخرفة وصقل وقص ودمج عناصر مختلفة، وبعفوية تامة، أو قد تم تضخيمها بشكل متعمد مع الغنى اللوني الواضح في كثير من الأحيان التي يطغى عليها الطابع الفني التصويري.

قماش محبوك

أكدت الوالدة حليمة أن أكثر ما لفت انتباهها في تصميم يارا بن شاكر التزامها بتكريس ثقافة الاحتشام عبر تصاميم تحترم وتقدر الثقافة المحلية عبر قوالبها وبأحجامها المريحة وبنسب ممددة، حيث تم إعدادها بما يواكب أطروحات الموضة في الأفكار والألوان، ويظهر ذلك في تنانير وفساتين مع أطراف بمحيط أطول، إضافة إلى بناطيل فضفاضة وملابس بنمط البيجاما.

وتكتمل المجموعة مع عباءات تلبس من الداخل إلى الخارج أو العكس بقماش محبوك لكي توفر طابع الراحة والبساطة. كما زينت الطبعات والأنماط بخطوط ومطرزة وأشكال هندسية ومربعات مرسومة وبراقة تعيد الحنين إلى جاذبية ماضية، في حين تتمتع بطبعة ساحرة بألوان مائية.

في سطور

دبي مدينة منفتحة على كل الفنون وتقدر الإبداع لذلك يجد الجميع مساحة حرة للتعبير والابتكار وفي ظل هذه الموجة المتسارعة الإيقاع قد نقع في مأزق الابتعاد عن الهوية العربية والشرقية ويحسب كل ما هو عصري وباهر على شوارع الموضة الغربية التي في كثير من الأحيان تعيد تدوير ثقافتنا الشرقية التراثية في قوالب وصيحات تمشي على منصات العروض العالمية ويصفق لها الجميع بحرارة وتقدير.

Email