الوالد عبد الله اليتيم يزور أول غابة استوائية مغلقة في دبي

«ذا جرين بلانيت».. تجربة تفاعلية تهتم بقضايا البيئة

المصدر:
  • دبي- رشا عبد المنعم-تصوير- أحمد عبيد، فيديو ـ دينيس مالاري
التاريخ:
ت + ت - الحجم الطبيعي

كبار المواطنين هم سارية الوطن وشراعه المخضب بالتقاليد والإرث العريق، مداد الأخلاق وحبر الوطنية الخالصة، فقد كرسوا حياتهم للنهوض بالوطن وبناء أجيال تنبض قلوبهم بالهوية، تقاطعات جيل ما بعد الألفية تشد وثاق سفنها «أدقال» أجيال الاتحاد لتنقلها إلى شواطئ الثقافة العالمية وإيقاعها الذي يتجلى بالمعاصرة والمحافظة على الموروث، فنحن لا نعيش بين زمنين، بل نصنع لحظاتنا بين ذكريات استثنائية وإنجازات تستشرف المستقبل.

 

القضايا البيئية ذات الصلة بالتنوع البيولوجي من أهم المحاور الرئيسية التي تخضع لدعم ورعاية الحكومة الرشيدة، حيث يلعب الجانب التثقيفي والتعليمي دوراً مهماً في تفعيل ونشر الوعي حول توازن الطبيعة عبر وسائط متعددة ومنها «ذا جرين بلانيت» وهي عبارة عن قبة بيئية تدعو زوارها لاستكشاف عالم الحيوانات والنباتات المدهش من خلال خوض تجربة تفاعلية في أجواء شبيهة بالغابات الاستوائية، لتجعلها وجهة تعليمية مثالية لجميع أفراد العائلة.

عمر افتراضي

وفي السياق يؤكد الوالد عبد الله اليتيم الذي زار المكان بدعوة من طيف البلوشي وهند إبراهيم وخلود الأميري المهتمات بقضايا الاستدامة، أنه من المدهش أن يتوفر مثل هذا المكان في قلب مدينة دبي المعاصرة، وذلك في متابعة حثيثة لقضايا التنوع البيولوجي الذي مرّ بتدهور العديد من الأنواع أو انقراضها وإحلالها بأنواع أخرى في عملية تتم منذ العصور الجيولوجية الأولى، وتغيرت هذه الأنواع كماً وكيفاً منذ نشأة الأرض 4000 مليون سنة حتى الآن، فكل نوع له عمر افتراضي ينفي بعده بتحكم عوامل الطبيعة وليس للإنسان دور في ذلك، فعلى سبيل المثال اختفت الحيوانات الكبيرة الحجم مثل الديناصورات والزواحف كبيرة الحجم، وحلت محلها زواحف أصغر منها حجماً واندثرت النباتات السرخسية، وحلت محلها معراة البذور، والتي تراجعت بدورها ليحل محلها مغطاة البذور.

3000

وتشير طيف خلال الجولة، إلى أن هذا الصرح التعليمي والتثقيفي يسهم في التعرف بشكل مباشر على أكثر من 3000 نوع من كائنات الغابات الاستوائية، إضافة إلى أكبر شجرة اصطناعية داخلية في العالم تحتضن الكائنات الحية، وذلك في ظل عصر التطوير السريع والاستهلاك المتزايد لموارد الطبيعة وإلحاق الضرر بالبيئة، تزداد أهمية المحافظة على البنية التحتية للحياة على وجه الكرة الأرضية ووجود منظومات داعمة لوجود حياتنا. تتكون هذه المنظومات من ملايين الكائنات الحية التي تبني معـاً مجتمعات بيئية، وتزود الإنسان بمنتوجات وخدمات كثيرة. ويمكن معرفة حَجْم قيمة قسم من هذه المنتوجات والخدمات، لكن هناك الكثير من المنتوجات والخدمات التي لا يمكن أن نعرف حجم قيمتها.

كنز الطبيعة

وتضيف خلود: تعتبر المناطق الاستوائية من أغنى المناطق في العالم بأنواع الأحياء المختلفة من الحشرات والثدييات والنباتات المختلفة وطبعاً ليس وحدها هي النظم الغنية بالتنوع الحيوي، فدول البحر الأبيض المتوسط بها أيضاً مجموعات غنية من النباتات وتعتبر كل بقعة برية من العالم كنزاً منفرداً بما تحويه من الكائنات الحية بكافة أنواعها، كذلك تعتبر الجمهورية العربية السورية من أهم مراكز التنوع الحيوي الزراعي في العالم، كونه يحوي تنوعاً حيوياً غنياً بالأصناف والأنواع النباتية ذات الأهمية العالمية كمحاصيل الحبوب والبقوليات، وأنواع كثيرة من الأشجار والشجيرات المثمرة وغيرها من محاصيل الخضار والمراعي والتوابل والنباتات البرية والعطرية والطبية والأزهار.

قيمة حضارية

وحول أهمية التنوُّع البيولوجي يوضح الوالد عبد الله أن المنظومات البيئية تزود الإنسان بخدمات كثيرة، كتنقية المياه، وموازنة تركيبة الغازات في الغلاف الجوي، وتفكيك (تحليل) مركبات عضوية، ومنع الفيضانات والمساعدة في تغلغل المياه، والإنتاج والمحافظة على خصوبة الأرض، وتلقيح المحاصيل الزراعية، ومراقبة الآفات الزراعية الضارة وغيرها. إن قيمة هذه الخدمات، التي لا بديل لها، تُقَدَّر بمليارات الدولارات سنويـاً، كما يستخلص الإنسان من الطبيعة المواد الخام ومنتوجات أخرى من بينها الغذاء، الأدوية، منتجات صناعية وموارد وراثية لتحسين جودة المحاصيل الزراعية، ومن الجدير بالذكر ألا ننسى القيمة الحضارية والروحانية لهذا التنوع في تطور الحضارات الإنسانية.

خط الاستواء

وتشير هند إلى أنه بشكل عام ووفقاً للمعلومات التي ذكرتها المرشدة خلال الجولة، فإنه يقل عدد الأنواع عند الانتقال من منطقة خط الاستواء إلى الأقطاب. غابات الأمطار الاستوائية هي الأغنى من حيث تنوّع الأنواع. ورغم أنها تشكل حوالي 6% من مساحة الكرة الأرضية إلاّ أنها تحتوي على حوالي 50% من مُجمل الأنواع المعروفة علمياً. فكلما اقتربنا من خط الاستواء، ترتفع أشعة الشمس، وبشكل عام يصبح المناخ ذا درجة حرارة أعلى، تسبب تبخُّر كميات كبيرة من الماء من النباتات، وبالتالي إلى رطوبة عالية أكثر ولكميات رواسب أعلى. هناك تأثير لظروف المناخ – درجة الحرارة والرواسب – على الإنتاجية الأولية. بشكل عام، إن درجات الحرارة المرتفعة مع كميات رواسب كبيرة يؤدي إلى إنتاجية أولية عالية جداً. الإنتاجية الأولية العالية يمكنها أن تدعم عدداً كبيراً من الأنواع، ومن بينها أيضاً أنواع نادرة الوجود. وبموجب ذلك، نجد عدداً كبيراً من الأنواع في المناطق الاستوائية.

الاستراتيجية الوطنية

وتعتقد خلود أن الاستراتيجية الوطنية للتثقيف والتوعية وعبر جهودها المستمرة ومبادراتها المتنوعة تضعنا أمام مواجهة الكثير من القضايا المتعلقة بالتنوع البيولوجي، ورغم الزيادة المستمرة في مستوى الوعي والسلوك البيئي في السنوات الماضية، إلاّ أننا لا زلنا نتطلع إلى تحقيق المزيد، وإلى ضرورة تكثيف جهود التوعية من خلال استنباط وسائل وطرق مبتكرة أكثر تأثيراً في سلوك المجتمع والأفراد، للحد من فقدان التنوع الحيوي الذي لا يحدّ من فرص النمو المتاحة لنا فحسب، بل ويضع إمداداتنا الغذائية في خطر، حيث تصبح الزراعة أقل قدرةً على التكيف مع التغيرات البيئية مثل الاحتباس الحراري أو الجفاف أو التصحر أو ظهور آفاتٍ وأمراض جديدة….، فإذا لم تكن إمداداتنا الحالية من الأغذية قادرة على التكيف مع التغيرات المناخية التي تحدث في البيئة فقد نقع في مأزق نقص غذائي كبير ومجاعات.

مؤشر الاستدامة

حظي التنوع البيولوجي على الدوام باهتمام خاص في دولة الإمارات، لعلاقته الوثيقة بحياتنا وإرثنا الحضاري، فكان من بين القضايا التي حظيت باهتمام مبكّر وشخصي من القائد المؤسس، المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه.

وفي إطار اهتمامها بالمحافظة على الإرث وتطوير سبل المحافظة على التنوع البيولوجي والنظم البيئية في الدولة، تضافرت جهود كافة الجهات المعنية في الدولة في هذا السياق، وحققت دولة الإمارات من خلال تلك الجهود إنجازات مهمة على الصعيدين الاقليمي والعالمي.

ويكفي الاشارة في هذا السياق إلى احتلال الإمارات المرتبة الأولى في معيار «المحميات الطبيعية البحرية» في «مؤشر الاستدامة البيئية»، وهو مؤشر عالمي مهم. علاوة على النجاحات المهمة التي حققتها في مجال المحافظة على الأنواع المهددة بالانقراض وإكثارها وإطلاقها في بيئاتها الطبيعية بدولة الإمارات والدول الأخرى.

2021

بحلول عام 2021، تصنف دولة الإمارات العربية المتحدة ضمن أفضل 10 دول في المؤشر الفرعي المتعلق بالتنوع البيولوجي ضمن مؤشر الأداء البيئي.

 كما سوف يتم حفظ 12٪ من المناطق الأرضية ومناطق المياه الداخلية، و (14٪) من المناطق الساحلية والبحرية، من خلال، شبكة ممثلة للنظم الإيكولوجية من المناطق المحمية وذات إدارة فعّالة، مع الأخذ في الاعتبار، حسب الاقتضاء، ربط المناطق ذات الأهمية الخاصة للتنوع البيولوجي وخدمات النظام الإيكولوجي.

في سطور

تضم «ذا جرين بلانيت» محيطاً حيوياً متكاملاً، حيث تغطي مظلة من أوراق الأشجار الكثيفة النباتات الأرضية مشكّلةً موطناً طبيعياً للعديد من الكائنات الحية. كما توفر «ذا جرين بلانيت» عدداً من وسائل العرض والتوضيح التي تتيح للزوار استكشاف أسرار وخفايا هذا النظام البيئي، بداخل المبنى الذي يراعي عبر تصميمه مبادئ الاستدامة، حيث نال المبنى شهادة الريادة في الطاقة والتصميم البيئي «LEED» العالمية، كما أنه متوافق كلياً مع لوائح ومواصفات المباني الخضراء المحددة من قبل بلدية دبي.

Email
↑ أعلى