الياباني يوشيتو موراكامي: النظرة الإنسانية أبرز مرتكزات مجتمـع الإمـارات

نسجت المبادرات النوعية للمغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله، ملامح المجتمع الإماراتي المعاصر إيماناً منه بأن معطياتها المؤثرة لها بالغ الأثر في تكوين الشخصية الإماراتية في كافة جوانبها الاجتماعية والفنية والأدبية التي هي نتاج لخبرات ومعرفة علمية تجمع كافة جوانب الحياة وعليها أن تقدم الرسالة التي تسهم في تنمية المخزون الإبداعي متعدد الجنسيات والمنفتح بانسجام على مختلف أشكال الإنتاج المجتمعي والذي يضيف إلى الحراك الثقافي المحلي أبعاداً إنسانية متناغمة للسلام والمحبة.

يشغل العمل التطوعي مساحة كبيرة ضمن اهتمامات الياباني يوشيتو موراكامي، المدير المالي لـ«جنرال إلكتريك لخدمات الطاقة في الشرق الأوسط وأفريقيا والهند»، فعلى الرغم من مسؤوليته المتعلقة بخدمات الطاقة تطويرها إلا أنه أيضا قائد «فريق مجموعة جنرال إلكتريك للعمل التطوعي» GE Volunteers، المؤسسة الداخلية التابعة للشركة والمعنية بترويج روح التطوع، عن تسجيلها للمشاركة في مجموعة من المبادرات الخيرية الواعدة التي تهدف إلى إحداث تغيير إيجابي في المجتمع، مؤكداً اعتزازه بوجوده على أرض دولة الإمارات التي تمثل النظرة الإنسانية أحد أهم المرتكزات التي تقوم عليها.

يقول موراكامي: حصلت على درجة البكالوريوس في إدارة السياسة من جامعة كيو في اليابان، ودرجة ماجستير إدارة الأعمال العالمية التنفيذية من معهد إنسياد الفرنسي للدراسات العليا في إدارة الأعمال، انضممت إلى جنرال إلكتريك من خلال برنامج الإدارة المالية في اليابان.

بعد تخرجي من البرنامج، انضممت إلى فريق عمل تدقيق الشركات الذي يغطي مختلف الأعمال التجارية في جميع أنحاء آسيا والولايات المتحدة الأميركية، وتمت ترقيته لاحقاً إلى مدير التدقيق التنفيذي حيث كنت مسؤولاً عن الشركات الصناعية في آسيا، وبعد ذلك، التحقت بجنرال إلكتريك للرعاية الصحية اليابان في منصب المدير المالي وأصبح لاحقاً المدير المالي لشركة جنرال إلكتريك للرعاية الصحية آسيا والمحيط الهادئ، انتقل إلى المقر الرئيسي العالمي لشركة جنرال إلكتريك بمنصب المدير العام لخدمات الطاقة بمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا والهند حيث أقود التخطيط المالي والتحليل العالمي حتى وقت قريب.

رؤى جديدة

ويشير موراكامي إلى أن النظرة الإنسانية تمثل أحد المرتكزات التي تقوم عليها دولة الإمارات، ما يحتم علينا جميعاً العمل كمؤسسات وشركات ومجتمع مدني على تعزيز المكتسبات المهمة التي تحققت على مدى أربعة عقود ونيّف من الزمن. لذا نضع على عاتقنا مسؤولية تكثيف الجهود المشتركة مع القطاعين العام والخاص للوفاء بالتزاماتنا الاجتماعية والإنسانية والوطنية، عبر استنباط رؤى جديدة وتنفيذ مبادرات نوعية داعمة لريادة الإمارات كمنارة إنسانية.

ونجدد في جنرال إلكتريك العهد على السير قدماً على نهج العطاء الإنساني، الذي يمثل جزءاً لا يتجزأ من النموذج الوطني القائم على التسامح والتعاضد والتعايش بفضل التزامها المتواصل بإغاثة كل محتاج، ومساندة كل إنسان، ومن خلال توجيهات قيادتها الحكيمة بالوقوف إلى جانب الدول الشقيقة والصديقة، وإيصال المساعدات إلى المناطق المتضررة من الحروب والصراعات والكوارث، وتوفير الأمن والاستقرار والسلامة الجسدية والنفسية للإنسانية جمعاء، مع التركيز على مضاعفة الجهود المقدمة لدعم الأطفال والنساء.

حزمة مبادرات

وحول حزمة المبادرات التطوعية التي تقوم بها مجموعة جنرال إلكتريك للعمل التطوعي يؤكد موراكامي: أن متطوعي جنرال إلكتريك نشطون عبر المنطقة يتطوع الموظفون بأكثر من 1.3 مليون ساعة لخدمة المجتمع كل سنة، وتتضمن الأنشطة الحديثة مبادرة للتبرع بالدم، حملة لجمع الملابس، وورش عمل طريقي لسوق العمل لتلاميذ المدارس الثانوية، وقاد المتطوعون في الإمارات الدراجات الهوائية لمسافة 330 كيلومتراً من أجل جمع التبرعات لمدرسة لذوي الاحتياجات الخاصة، وعمل الفريق أيضاً على جمع أكثر من 30 ألف درهم من التبرعات لدعم مبادرة «رؤيتي»، التي تعد جزءاً مهماً من حملة زايد العطاء.

تعاون مؤسسي

ويضيف: في إطار مبادرة خيرية خلال شهر رمضان المبارك، انضم الفريق إلى دعم مبادرة مساعدة العمال Adopt-a-camp التي تبنتها «غرفة دبي» للنهوض بمستوى معيشة العمال في المدينة، كما قاموا بتجهيز حزم رعاية خاصة تشتمل على أكثر من 40 صنفاً من الحاجات واللوازم بما فيها الفرش والوسائد وأغطية الأسرّة، وكمية كافية لمدة 3 أشهر من منتجات العناية الشخصية، فضلاً عن مؤونة شهر كامل من الطعام وغيرها من المستلزمات الضرورية التي سيتم توزيعها على العمال في دبي.

وشارك أكثر من 50 متطوعاً في عملية التسوق وتصنيف البضائع وتوصيلها إلى منطقة القصيص، حيث تم توزيع الحقائب الغذائية على أكثر من 200 من الأسر المحتاجة والعمال وتعاونا مع جمعية «رؤيتي للأسرة» في إطار حملة «زايد العطاء»، بهدف تقديم يد العون للأسر المستحقة خلال شهر رمضان المبارك.

نمط معاصر

ومن جانب آخر يقول موراكامي: التوازن المدروس في بث نمط الحياة المعاصرة بنكهة لا تخلو من الاعتزاز والفخر بالهوية الوطنية طالما كان محل تقديري واهتمامي ومنحني الكثير من الطاقة الإيجابية المستمدة من ثقافة التسامح واحترام الآخر التي ينعم بها المجتمع المحلي الشديد الحرص على دعم كافة المبادرات الإنسانية، لأنها ببساطة تعبر عن رؤيته المخلصة. ويوضح موراكامي: انخرطت كل من اليابان والإمارات بشكل مدروس في الثقافة الكونية، ونجحتا في حماية ثقافتهما وتقاليدهما الموروثة من الانهيار تحت وطأة المبالغة في التقوقع على الذات والخوف من الانفتاح على الآخر، أو الاقتباس السهل المفضي إلى التغريب والاستلاب وغياب الخصوصية الوطنية والهوية الثقافية أو الحضارية، ولعبت اللغة اليابانية كذلك العربية دور صمام الأمان في حماية خصوصية الثقافتين، فاللغة وعاء الثقافة والفكر والمعرفة وعنصر مساعد في بناء التنمية البشرية والاقتصادية المستدامة وأداة للتواصل الثقافي مع التراث الإنساني في جميع تجلياته ومع الثقافات الأخرى، حيث تعد التجربة الإماراتية من أنجح التجارب الوحدوية التي ترسخت جذورها على مدى أكثر من أربعة عقود متصلة.

أجواء رمضان

ويشير موراكامي الملفت أن الشعب الإماراتي شعب طيب بفطرته ونقي، ويمتاز بالرقي الحضاري وكذلك بالانفتاح الذي ساعدت الجغرافيا على ترسيخه في بلد مفتوح على الخليج وعلى بحر العرب، وكان منذ القدم مرتبطاً بالتجارة والتعاون مع شعوب وحضارات أخرى، كما أن التسامح والتعايش هي السمة الغالبة في المجتمع ليس فقط في شهر رمضان المبارك كما يظن الكثير من الناس، بكل تأكيد تحمل الأجواء الروحانية من خلال ممارسة الطقوس الرمضانية وفريضة الصوم تأثيراتها المفعمة بالإيجابيات ومع أننا لا نتبع قواعد الصيام، فإن شهيتنا على الطعام تتضاءل وكأننا نتضامن مع الصائمين في الإمارات عموماً، ونأخذ على عاتقنا احترام عادات الشهر الفضيل.

ونحن ندرك تماماً كم يصعب على المرء التقيد بالصيام ونشعر بكامل التقدير حيال ذلك، ونحاول مع هذا الصيام لبضعة أيام كنوع من التفهم الذي أعتقد أنه أمر جيد لندرك مدى صعوبة الأمر وقدرة الناس على القيام به، وكما قلت لك فإننا نعيش نوعاً مع التضامن ونكبح إذا صحّ التعبير شهيتنا على الطعام. لكن يظل ارتقاء المقيمين والمواطنين بتطبيق للتعايش السلمي هو سمة التحضر بعيداً وهو أساس التقدم والتطور واستمرار الحياة المثالية في الإمارات.

نمط معاصر

يقول موراكامي: على الرغم أنني استمتعت بزيارة العديد من المدن والعواصم العربية، وتفاعلت بشدة مع طبيعة مجتمعاتها بحكم عملي فقد عشقت نمط الإمارات المعاصر الذي يتضمن جنسيات متعددة كمقيمين تربطهم علاقات صداقة ومحبة وتناغم فريد من نوعه، وتتحقق تجربة تعايش سلمي حقيقي بين شعوب وثقافات العالم، ففي الوقت الذي تتأزم الحياة إلى درجة التقاتل والحروب الطائفية تشهد الإمارات وجود كل الأديان والطوائف المعروفة في العالم ومهتمون بشكل مثير للدهشة في خوض تجربة التطوع ودعم المؤسسات والمبادرات الإنسانية المحلية.

الأكثر مشاركة