حرب العاشر من رمضان.. مصر تنتصر

nmr10teshreen

ت + ت - الحجم الطبيعي

في العاشر من رمضان المبارك، السادس من أكتوبر 1973م، أثلج الجيش المصري صدور العرب ورفع رؤوسهم عالية بانتصاره على الكيان الصهيوني الذي زعم أنه لا يقهر، في مثل هذا اليوم من عام 1393هـ عبر الجيش المصري قناة السويس، مستعينًا بالله، حيث استطاع اجتياز خط بارليف واستعادة سيناء من يد المحتل الإسرائيلي.

إنه النصر الذي عوضنا به عن الهزيمة التي لحقت بالمصريين خاصة والعرب والمسلمين عامة في الخامس من (يونيو) 1967م، الذي ازداد الصهاينة بعده تجبراً إلى تجبرهم، وضاعت بسببه القدس والضفة والقطاع والجولان، إضافةً إلى سيناء التي استردتها مصر في حرب رمضان على أيدي الجنود المصريين الصائمين القائمين الذين أعز الله بهم الأمة في مثل هذا اليوم.

شتان ما بين هذا وذاك، ففي الـ67 خسرت مصر 80% من معداتها العسكرية، ونحو 11 ألف جندي، منهم 1500 ضابط، وأسر 5000 جندي و500 ضابط مصري، وجُرِحَ 20 ألف جندي مصري. وخسر الأردن سبعة آلاف جندي، وجُرِحَ 20 ألفاً من جنوده.

وخسرت سوريا 2500 جندي، وجُرِح 5000 من جنودها، وفقدت نصف معداتها من دبابات وآليات ومدفعية وغيرها في هضبة الجولان؛ حيث غنمتها القوات الإسرائيلية، كما تم تدمير كل مواقعها العسكرية في الجولان.

في يوم النكسة بلغ مجموع خسائر الدول العربية (مصر والأردن وسوريا) 400 طائرة، وأكثر من مليار دولار من الأسلحة التي دُمِّرت مع الساعات الأولى للمعارك، بينما خسرت إسرائيل 338 جنديّاً على الجبهة المصرية، و300 على الجبهة الأردنية، و141 على الجبهة السورية.

وإضافةً إلى ذلك كانت خسارة الأرض، حيث ضاعفت إسرائيل من مساحتها ثلاثة أضعاف عما كانت عليه قبل يوم النكسة، واحتلَّت سيناء برمَّتها إلى قناة السويس، والجولان، والضفة الغربية لنهر الأردن، وقطاع غزة التابع حينها لمصر، إضافةً إلى عدد من المناطق المتفرقة مثل منطقة مزارع شبعا وغيرها. كل ذلك جعل الكيان الصهيوني يصدّر نفسه للعالم بأنه القوة التي لا تقهر.

أما في حرب العاشر من رمضان، فكانت الحال على النقيض؛ إذ حقق الجيش المصري بفضل الله، عز وجل، نصراً كبيراً خلال ست ساعات فقط من بداية المعركة، وأوقعت القوات المصرية خسائر كبيرة في القوة الجوية الإسرائيلية..

ومنعت القوات الإسرائيلية من استخدام أنابيب النابالم بخطة مدهشة، كما حطمت أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يُقهَر، وأُجبرت إسرائيل على التخلِّي عن العديد من أهدافها، حيث استرد المصريون قناة السويس وجزءاً من سيناء.

عبر الجيش المصري القناة، حيث قام قبل المعركة بالتخطيط لكيفية العبور، وذلك بأن صنع جسوراً عائمة تركب في الحال لتصبح جسوراً تمر عليها الدبابات والمدرعات إلى الجانب الآخر، وبعد العبور قامت القوات باقتحام ما أطلق عليه «خط بارليف» الذي جعلته إسرائيل حاجزاً بعد القناة.

وبعد كل هذا الإعداد اختيار الوقت المناسب لبدء المعركة، فرمضان شهر الانتصارات والبركات، هذا بالنسبة إلى الجيش المصري، وأما بالنسبة إلى جيش العدو فقد اختار المصريون للهجوم يوم الغفران عندهم، الذي يكونون فيه في ذهول وغفلة كما غافلوا العرب في حرب الـ67.

مفاجأة تامة

يقول د. راغب السرجاني (موقع قصة الإسلام): إن سلوك القوات الإسرائيلية في الساعات الأولى من الهجوم كان دليلاً عمليّاً على أنه أخذتها المفاجأة التامة، وقد تضاربت أقوال العدو وأدلته وشهادات قادته بعد ذلك حول هذه النقطة تضارباً شديداً؛ ففي مرحلة ساد القول «بأنهم رأوا ولكنهم لم يفهموا»، وفي رأي آخر ساد القول «بأنهم رأوا وفهموا ولكنهم لم يصدقوا». وكأن ذلك يُصَدِّق قول الله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُون}.

Email