ظروف صعبة وأزمات خانقة ولا ضوء بنهاية النفق

نازحو العراق.. سفر وإقامة جبرية ورغبة بالعودة

ت + ت - الحجم الطبيعي

رمضان.. شهر التسامح والرحمة والغفران، وفي العراق يعيش بعض أهله الأحزان والأشجان، فهناك ثلاثة ملايين نازح ومهجّر، يجدون أنفسهم حائرين، هل هم مقيمون، أم على سفر ما يفرض «عدة من أيام أخر»!.. والشهر المبارك الذي هل هلاله وبدأت أيامه، انتظره الكثيرون ممن يريدون التقرب أكثر إلى الله تعالى، لمحو سيئات ما عملوا بحسنات مضاعفة، لأن ثوابه وجزاؤه عند الخالق وحده. ويعيشه النازحون على ذكريات أيام خلت تحفل بحكايات شتى كانت عامرة بالمحبة والاستقرار النفسي والأمان الداخلي.

وطن آخر

ويرى رجل الدين محمد السماوي، أن الشهر الفضيل يأتي هذا العام، والعالم العربي تتلاطم فيه أمواج الحياة ورياحها العاتية، وأهل العراق دخل عليهم الشهر وهم بين نازح وآخر مشرد وغيرهما تائه يبحث عن وطن آخر يؤويه! ودخل الشهر وهناك من يدعي الدين مرتدياً عباءته وعمامته بألوانها.. يغوص في دماء الأبرياء ويشرب منها.. إفطاراً وسحوراً، فأي دين يمثلون.. وأهله هكذا حالهم.

أزمات خانقة

ويقول الإعلامي سالم الخفاجي، «يهل علينا الشهر الكريم في ظل ظروف صعبة وأزمات خانقة، ولا أمل في ضوء بنهاية النفق حتى الآن، فعشرات الآلاف من العائلات كانت في ديارها ومدنها تنتظر الشهر بفارغ الصبر من أجل التقرب أكثر إلى الله بالصيام والقيام ومساعدة الآخرين، إلا أنها حالياً تسير هائمة نحو المجهول، ولا تدري هل هي في محل إقامة أم محطة سفر، فالخلافات السياسية تتقاذفها هنا وهناك باستمرار. والأمر يتطلب فتوى، حول التنقل المستمر والتشرد هل هما مكان إقامة، أم استراحة بعدها سفر؟ وما إذا كان يجعل أمر الصيام «عدة من أيام أخر»، ينطبق عليهم؟

والنازحون يرفضون تلك الرخصة لأن صيام رمضان بالنسبة لهم في الظرف الصعب يزيد الأجر والثواب».

الرغبة بالعودة

معظم العائلات النازحة باتت الأرض الجرداء فراشها، بعد أن كانت مستورة في ديارها، وباتت السماء لحافها وكان سقف دارها يحميها من حر الصيف وقسوة الشتاء، والدموع شرابها وانتظار من يجود عليهم بات أمراً صعب المنال. فالكثير من الذين تركوا ديارهم ومدنهم بحسب الوكالة الوطنية، يرغبون بالعودة إليها رغم ما أصابها من دمار، وأن يكونوا قريباً منها وينصبوا خيمهم على إنقاضها.المهم أن يتخلصوا مما أصابهم من عذاب وقهر، ليس من قدر الله سبحانه، وإنما من بشر يدعون عكس ما يفعلون.

ويقول أحمد أبو رياض، رب أسرة مكونة من 8 أفراد بين ذكور وإناث، ترك داره وعمله ورزقه في مدينة الرمادي مركز محافظة الأنبار قبل دخول تنظيم داعش إليها، خشية حدوث معارك تصيب أهل بيته بأذى «وبدأنا قبل حلول رمضان الاستعداد وتحضير مستلزماته. وما حصل منذ سقوط الموصل وما تلاها من تدهور أمني، وضعنا في حيرة من أمرنا وبدأنا نبحث عن مأوى آخر بعد أن تركنا كل شيء خلف ظهورنا، ليصبح عرضة للتدمير والحرق، وقبلها للنهب والسرقة». ورغم ذلك فأغلب الذين تركوا ديارهم ومصدر رزقهم على استعداد كامل للعودة إلى المبيت على أنقاض تلك الديار فراراً من الذل والمهانة.

لا إفطار »منحة«

يقول الحاج محمد عباس من أهالي الرمادي نرفض أن نعيش نحن أهل الجود أو نفطر في رمضان بوجبات الصدقات أو من موائد الطرقات، أو نكون كالذين ينتظرون دعماً مادياً، من التي يسمونها منحة. نحن نريد أن نرجع إلى ديارنا وبيوتنا ونستعيد ذكريات صومنا هناك، وحكايات ليالينا ولو بجوار البيوت المهدمة، حتى لو نفطر ونتسحر على الماء.

Email