حدث في رمضان

الأزهر.. مفخرة أم الدنيا

ت + ت - الحجم الطبيعي

الأزهر صرح من صروح العلم ومعلم عريق من معالم مصر قديماً وحديثاً، كان له دور بارز على مدى قرون مضت في خدمة الإسلام والمسلمين، وقد أفرز عدداً هائلاً من الأعلام الذين وضعوا بصماتهم في شتى ميادين العلم والثقافة. وهو أول عمل معماري أقامه الفاطميون في مصر، وأول مسجد أنشئ في مدينة القاهرة التي أسسها جوهر الصقلي لتكون عاصمة للدولة الفاطمية، وقد بدأ في إنشائه في (24 من جمادى الأولى 359هـ/ 4 من أبريل 970م)، وتم بناؤه مسجداً في (7 من رمضان 361هـ/ 22 من يونيو 971م).

جاء في (الموسوعة الموجزة في التاريخ الإسلامي: 16/37): أول جامع أنشئ في مدينة القاهرة الفاطمية، أتم إنشاءه القائد جوهر الصقلي سنة 361هـ. يقع في الجنوب الشرقي للقاهرة عاصمة مصر. عرف عند نشأته باسم جامع القاهرة، ثم أطلق عليه اسم الأزهر؛ تيمناً باسم السيدة فاطمة الزهراء بنت النبي، صلى الله عليه وسلم. كان الجامع يتألَّف من صحن، تَحُفُّه ثلاثة أروقة، أكبرها رواق القبلة، والرواقان الآخران على الجانبين، ومسطح الجامع الأصلي كان يقترب من نصف مسطَّحه الحالي. كما أضيفت إليه أروقة ومدارس ومحاريب ومآذن؛ مما جعله أشبه بمعرض واسع للفن المعماري الإسلامي في مصر منذ بداية العصر الفاطمي حتى اليوم.

وممن اعتنوا بالجامع الأزهر من الحكام والأمراء: الحاكم بأمر الله؛ فزوده بقناديل من فضة، وباب محفوظ الآن في متحف الفن الإسلامي بالقاهرة. والآمر بأحكام الله؛ إذ أنشأ مقصورة عرفت باسم مقصورة فاطمة، ومحراباً محفوظاً في المتحف الإسلامي أيضاً، وأضاف الحافظ لدين الله رواقاً يحيط به من جوانبه الأربعة وقبة. ولما كان الأزهر جامعاً فاطميّاً يعمل على نشر المذهب الشيعي فقد أغلقه صلاح الدين الأيوبي، ولم يفتح إلا في العصر المملوكي، فاهتم به الأمير عز الدين أيدمر.

عناية لافتة

لقي الأزهر عناية فائقة من سلاطين المماليك منذ عهد الظاهر بيبرس، وتوالت عليه عمليات التجديد، وإلحاق المدارس به، وظل الجامع الأزهر في العهد العثماني موضع عناية الخلفاء وولاتهم في مصر، فجُدّد في بنائه، ووسعت مساحته، وأضيفت إليه مبان جديدة، وشهد إقبالاً على الالتحاق به، فازدحم بالعلماء والدارسين، وبحلقات العلم التي لم تقتصر على العلوم الشرعية واللغوية، بل شملت أيضاً علم الفلك والرياضيات من حساب وجبر وهندسة.

وفي العصر الحديث اعتنى الخديوي عباس حلمي الثاني بالجامع الأزهر؛ فجدد منشآته، وأضاف الرواق العباسي الذي نسب إليه، وهو أحدث الأروقة وأكبرها، وافتتح في عهد الشيخ حسونة النواوي سنة (1897م). وفي سنة (1970م) تم استبدال أرضية رخام بأرضية الصحن الحجرية. وبعد زلزال سنة 1992 م بدأت هيئة الآثار المصرية في إجراء ترميمات وإصلاحات لجدران الجامع الأزهر ومدارسه.

نظام التعليم بالأزهر

كان الطالب يلتحق بالأزهر بعد أن يتعلم القراءة والكتابة ومبادئ الحساب ويحفظ القرآن الكريم، دون التزام بسن معينة للطالب، ثم يتردد الطالب على حلقات العلماء ويختار منها من يريد من العلماء القائمين على التدريس، وكانوا يدرسون العلوم الشرعية من فقه وحديث وآداب وتوحيد ومنطق وعلم الكلام.

الأزهر جامعة

صدر القانون 103 في الخامس من يوليو 1961م الذي أصبح الأزهر بمقتضاه جامعة كبرى تضم، إلى جانب كلياته السابقة، كلية المعاملات والإدارة والهندسة والطب والزراعة، وكلية البنات.

كان الأزهر ولا يزال قامة مصرية حُق لها أن تكون فخراً لأهلها، فهو المسجد والمركز العلمي والبحثي والجامعة العريقة، وعلى الرغم مما مر من أزمات ومحن على الأمة الإسلامية يبقى الأزهر نجماً لامعاً في سماء الثقافة والمعرفة، أضاء للسابقين طريقهم بالعلم، ويضيء لللاحقين سبل الهدى، آخذاً بالوسطية مبدأ له، وبسماحة الإسلام منهجاً لنشر الدين الحق.

شيخ الأزهر

لم يعرف الأزهر منصب شيخ الأزهر إلا في العهد العثماني، إذ لم يجر النظام على تعيين شيخ له، تعييناً رسمياً، وكان المعروف أن للأزهر ناظراً يتولى شؤونه المالية والإدارية ولا علاقة له بالنواحي العلمية. وأول من تقلد المشيخة في تاريخ الأزهر هو الشيخ محمد بن عبدالله الخرشي المالكي، المتوفى سنة 1690م، ثم توالى شيوخ الجامع الأزهر حتى يومنا هذا.

Email