«وثائق من تاريخنا»: زايد رجل العمران والعمل

ت + ت - الحجم الطبيعي

تكشف البرقيات الدبلوماسية التي كان الدبلوماسيون البريطانيون في أبوظبي والمنطقة عموماً يتبادلونها مع وزارة الخارجية في لندن، عن اهتمام بريطاني خاص بمتابعة إنجازات المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، منذ تولى حكم العين في الأربعينيات من القرن الماضي.

وهي من الموضوعات التي تناولها كتاب «وثائق من تاريخنا» الذي يضم العديد من البرقيات والوثائق الشاهدة على الإنجازات العظيمة التي تحققت على يد الشيخ زايد، رحمه الله، وجهوده في تأسيس دولة الامارات العربية المتحدة.

ويحدثنا الكتاب أنه كان ثمة عامل مشترك يتكرر كثيراً في برقيات الدبلوماسيين البريطانيين، وهي عبارة عن شهادات مدعومة بأرقام تشير إلى مدى أريحية الشيخ زايد وسخائه وحرصه الشديد على رفع المستوى المعيشي لعموم أفراد الشعب.

والقارئ لتلك البرقيات التي كان يرسلها عدد من الدبلوماسيين، على فترات مختلفة، سيجد أنهم يرسمون ملامح مشتركة لشخصية الشيخ زايد، رحمه الله، باعتباره رجلاً هوايته العمران والبناء والتشييد، وأنه لا يكل ولا يمل من العمل لمصلحة بلده وأمته، وهو مبادر دائماً لفعل الخير، يدفعه إلى ذلك إخلاصه لوطنه وحبه لعموم أفراد الشعب، وهذا ما يدفعه دوماً للقيام بكل ما يراه في مصلحتهم دون أن يطلب منه أحد شيئاً ودون أن يطلب هو أي مقابل من أحد.

ويضاف إلى ذلك، كما يوضح الكتاب، البرقيات البريطانية التي كانت في مجملها تعكس انطباعاً بالدهشة، يجسده كلام الدبلوماسيين البريطانيين عندما يشيرون إلى ما يتمتع به زايد من رؤية مستقبلية جريئة تنظر دائماً إلى الأمام.

وتكاد سطور بعض تلك البرقيات يقفز من طياتها سؤال مضمونه: كيف لهذا الرجل الذي تربى وسط الصحراء ولم يتعلم إدارة الأعمال في كمبردج، ولم يدرس علم العمران أو الاقتصاد في أكسفورد.. من أين له تلك العبقرية الإدارية وكل هذه الكفاءة الذهنية والرؤية الصافية للعمل من أجل المستقبل!

ومن البرقيات المبكرة جداً التي تناول فيها الدبلوماسيون هذه القضايا، برقية بتاريخ 23 أغسطس عام 1958، وقد كتبها الضابط السياسي البريطاني في أبوظبي مارتن بوكماستر بعد جولة في البريمي استغرقت أسبوعاً رصد خلالها ما يقوم به الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان؛ ومما كتبه بوكماستر في تقريره المؤلف من صفحتين يتضح أنه ركز على تسجيل ما أنجزه الشيخ زايد من أعمال وإنشاءات، منذ أبريل 1957، تاريخ آخر تقرير كتبه في جولة سابقة قام بها للمنطقة.

وفي صفحات أخرى يتناول الكتاب حديث الصحف الأجنبية عن إنجازات القائد المؤسس، حيث تنبهت الصحافة العالمية، والبريطانية تحديداً، للموهبة السياسية الفذة التي يتمتع بها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، بعد أشهر قليلة للغاية من توليه شؤون الحكم.

ولاحظت أن الحاكم الجديد الذي كان في أوائل الخمسينيات من العمر، المفعم بالحيوية والنشاط يقود تحركات جديدة في منطقة الخليج بطريقة مثيرة للإعجاب، تنم عن وعي وحنكة ورؤية تتطلع للمستقبل بروح بالغة الإيجابية تجاه شعبه وجيرانه، وكان الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان قد شرع بالفعل فور توليه شؤون الحكم في أغسطس 1966، في سلسلة من التحركات على مستوى الداخل والخارج من أجل تحقيق حلم دولة الاتحاد.

ولقد لفت الشيخ زايد انتباهَ تلك الصحف، إذ مثل حينذاك، النجم الصاعد في سماء المعترك السياسي الخليجي، فنشرت صحيفة «الجارديان» يوم الخامس من مايو 1967 تقريراً عما أسمته «فورة نشاط دبلوماسي غير مسبوق في منطقة الخليج يقودها الحاكم الجديد في أبوظبي الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان»، وقالت الصحيفة في تقريرها الذي بثته وكالة رويترز:

إن 5 من الحكام العرب في الخليج زاروا الكويت خلال الأسابيع الأخيرة في سلسلة تحركات دبلوماسية غير مسبوقة، وألمحت إلى أن المراقبين في المنطقة يعتقدون أن هذا النشاط المكثف ربما يستهدف التوصل إلى اتفاقية للتعاون الأمني المشترك في منطقة الخليج العربي.

وقد أوضحت رويترز أن الشيخ زايد قرر أن يقوم بعدة زيارات في المنطقة تحت شعار «دعونا نصبح أصدقاء» من أجل تقوية أواصر العلاقات مع الدول الشقيقة والصديقة.

 

Email