تزينت بجمال لفظي ولغوي أخاذ

«لي صاب شـاعرنا»..تغـرودة ترفــرف على وتـــر الربابة

ت + ت - الحجم الطبيعي

لغة جميلة وأنيقة وعميقة الدلالات تتزين بها قصائد المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، فلكل واحدة منها نكهتها الخاصة، ووقعها في النفس.

فهي تكشف عن شاعر مزهو شامخ القامة، صانع للفخر، وقادر على تطويع إمكانياته الفنية، لتزهر إبداعاً شعرياً يتهادى على أوتار العود ورفاقه من الآلات الموسيقية الحية، لتسكن تلك القصائد في قلوب من أحبوا الشعر، وتوسدوا كلماته، وحولوها إلى حكم تتداولها الألسن على مر الوقت.

في شعره، أبدع الشيخ زايد، رحمه الله، في صنع صور جميلة، تكشف عن كنوز الأدب الإماراتي، وعن مدى عشقه للتراث، فهو صاحب قصائد نبطية عديدة.

وعارف لفن التغرودة، الذي تظهر أصالته في قصيدة «لي صاب شاعرنا» التي صاغها الشيخ زايد ذات يوم في صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، لتتحول هذه التغرودة إلى «شلة» تراثية تناقلتها الألسن، وحفظها العارفون بفنون «الشلات التراثية».

كما فتحت هذه التغرودة ذراعيها لتحتضن الموسيقى، حيث تمددت كلماتها على أوتار العود والإيقاع مرات كثيرة، ورفرفت كفراشة على وتر الربابة الوحيد، حيث قدمها الفنان الإماراتي علي الكيبالي بصورة مغايرة، أظهر فيها جماليات شعر زايد، وتغروداته الأصيلة، الملأى بالجمال اللفظي.

إجادة

فن شعبي أصيل يحتوي على قصائد مغناة، يترنم بها الفرد، ويحاول أن يرفع صوته فيها طرباً، هكذا توصف «التغرودة»، التي انتشرت في الإمارات، وتحولت إلى أحد أركانه التراثية، لتدرج فيما بعد ضمن قوائم اليونسكو للتراث العالمي، نظراً لأهميتها وتوغلها في القدم، وبحسب الدراسات.

فقد كان الشيخ زايد، رحمه الله، عاشقاً للتغرودة، حيث قدم فيها قصائد عديدة، من بينها «لي صاب شاعرنا»، التي لم يكن تلحينها على الربابة بالأمر الهين وفق ما أشار علي الكيبالي، في حواره مع «البيان». وقال: «لهذه التغرودة جمالية خاصة، ولم يكن تلحينها أمراً سهلاً بالنسبة لي، فقد استغرق وقتاً طويلاً وصل إلى نحو شهر، حتى تمكنت من ضبط كلماتها على ألحان وتر الربابة».

وأضاف: «التغرودة تعتمد بالأساس على الصوت، وليس اللحن، ولكن، بفضل الله، تمكنت من إجادة تلحينها على الربابة، بحيث استطعت تقديمها على شكلها التراثي الأصيل، وهو ما لم يأت به أحد من قبلي، ما جعلها مختلفة تماماً عن النسخ الأخرى التي استخدم فيها الإيقاع والعود».

وفي هذا السياق، يشير الكيبالي إلى أن كثراً هم الذين لحّنوا هذه التغرودة على وقع الإيقاع وأوتار العود، وبيّن أن لكل واحدة منها نكهتها الخاصة.

تسجيل

تطويع كلمات تغرودة «لي صاب شاعرنا» على الربابة، لم تكن مهمة هينة، وفق ما يقول الكيبالي، الذي أضاف: «لقيت التغرودة بعد تلحينها استحسان الجميع، وحققت سمعة طيبة بينهم، لا سيما وأن طبيعة اللحن المصاغ لها، جاء في قالب تراثي صرف». وتابع: «قمت بتسجيل هذه التغرودة آنذاك في استوديوهات دبي.

وعملت عليها وحدي، حيث لم أحاول أبداً الاستعانة بأحد، وذلك لكون طبيعة الربابة مختلفة عن أي من الآلات الموسيقية الأخرى، فهي تحتاج إلى عارف بخفايا وترها، وقادر على تطويعه بطريقة تخدم القصيدة».

Email