«زايد ابن الصحراء صانع الحضارة».. أصالة ومحطات

ت + ت - الحجم الطبيعي

يستعرض كتاب «زايد ابن الصحراء صانع الحضارة» جوانب في شخصية المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ويحكي نشأة الشيخ زايد بين ربوع ليوا والظفرة والختم وحياته بمراحلها الأولى، حيث درس القرآن الكريم، وحفظ الشعر والأدب.

وفي الكتاب الصادر عن الأرشيف الوطني لدولة الإمارات، يوثق الراحل الدكتور محمد مرسي عبد الله أثر الصحراء في حياة الشيخ زايد، والخصال العربية الحميدة، ومكارم الأخلاق التي عززتها الصحراء لديه.

يستعرض الكتاب كيف تعلم الشيخ زايد من أبناء الصحراء، وسمع أخبار الصحراء وتاريخها، فزادت هذه الدراية بالتاريخ والتراث من ثقافته السياسية. ويبين المؤلف أيضاً كيف استلهم الشيخ زايد الكثير من قدراته السياسية من درايته بشخصيات وتاريخ حكام آل نهيان الكبار الذين سبقوه، وقد عرف عن شيوخ آل نهيان حب الوطن والشجاعة، والحكمة والكرم، وأصالة الرأي.

لقد تعلم زايد في الصحراء فن التوفيق بين المتنازعين، وأهّله ذلك للنجاح حينما تسلم أمور العين والمنطقة الشرقية، كما تعلم من الصحراء مبدأ الشورى والاستماع إلى رأي الآخرين، وتقدير وجهة نظر أهل الحكمة والمشورة.

وتوزعت مواضيع الكتاب مدعمة بالوثائق والمعلومات للتأكيد على أثر الصحراء في حياة الشيخ زايد ومواهبه وثقافته وإنجازاته. وبعد المقدمة، حملت فصول الكتاب مجموعة من العناوين، وهي: جامعة الصحراء، البدو نبلاء العرب، زايد وموهبة القيادة، زايد والعمران وجزيرة العرب، سنوات القيادة المبكرة في العين، زايد حاكم إمارة أبوظبي، زايد وقيام الاتحاد، زايد وبناء دولة الإمارات الحديثة، زايد الزعيم العربي، زايد وقضية الكويت، زايد والمستقبل العربي.

واستطاعت هذه الموضوعات الكشف عن رؤى الشيخ زايد ونظرته المستقبلية البعيدة؛ إذ كان يتطلع لتحقيق الرخاء والحياة الميسرة إلى إخوانه أبناء القبائل، وهو ما فعله بعد عام 1966 حين تقلد حكم أبوظبي.

ثلاث مراحل

رأى الرحالة الإنجليزي ثيسجر، الذي عبر صحراء الربع الخالي عام 1948م، وكان آخر الرحالة الذين عبروا هذه الصحراء، أن البدو هم نبلاء العرب لما عرف عنهم من أخلاق نبيلة، وقد التقى ثيسجر الشيخ زايد في قلعة المويجعي وأعجب بسمعته الطيبة بين البدو، وبقوة شخصيته، وبسخائه وحكمته.

فقد اجتمعت في زايد بن سلطان الخصال الحميدة، وفن القيادة، ونبعت موهبة القيادة عنده من حبه للناس، ومن إحساسه الأبوي تجاه الشعب، وهذا ما جعل الناس يلتفون حوله. ويشير الكتاب أنه تؤكد الإحصاءات أن عدد سكان أبوظبي عام 1966 بلغ 22 ألف نسمة، وقفز العدد إلى 46 ألف نسمة عام 1968؛ إذ عاد كثير من أبناء الإمارة الذين هاجروا طلباً للعلم والرزق إلى وطنهم الذي بناه زايد وزينه بالمساحات الخضراء، واكتملت فيه الخدمات والمرافق كالمدارس والمستشفيات، والحدائق والملاعب، والمسارح والنهضة الثقافية. لقد قاد الشيخ زايد المسيرة التاريخية والتحول البارز، وعبر التحديات التي واجهها بمعدنه الأصيل وبتبلور قدراته السياسية التي أهلته ليحظى بمكانة مرموقة بين صناع الحضارات.

ويرصد الكتاب ثلاث مراحل في حياة زايد: الأولى تبدأ منذ وجوده في العين حاكماً للمنطقة الشرقية عام 1946 وحتى توليه الحكم عام 1966. والثانية منذ توليه منصب حاكم إمارة أبوظبي 6 أغسطس 1966 وحتى 2 ديسمبر 1971 يوم اختير رئيساً لدولة الإمارات. والمرحلة الثالثة بدأت منذ أصبح رئيساً لدولة الإمارات وامتدت إلى ما قبيل رحيله.

كما يتطرق الكتاب لفكر زايد الوحدوي، واهتمامه بقضية التراث والمعاصرة، واهتمامه بنهضة المرأة الإماراتية، وبحقل التعليم العالي، ومراكز البحوث المتخصصة بالصحراء والبيئة، وبالتقنية والطاقة. كما يشير إلى أن الشيخ زايد ترك بصماته بجميع الميادين، فقد سطع نجمه رئيساً لدولة الإمارات وزعيماً عربياً قامت سياسته التي بناها على أساس الواقع واستشراف المستقبل.

Email