دواين: قيم الاعتدال والتسامح جوهر المجتمع الإماراتي متعدد الثقافات

ت + ت - الحجم الطبيعي

نافذة على الآخر تُروى من خلالها شهادات شخصية ورؤى إنسانية تسرد قصصها في زيارتها الأولى لمدنها العامرة بالعطاء، في نسيج متداخل يغزله الفرح وتشد أطرافه ألوان التواصل الحضاري التي تعكس صورة مجتمع مترابط الصفوف تسري في أوصاله طاقة الأمل واستشراف المستقبل النابعة من قلب الإمارات النابض باحترام الآخر.

 

«وجودي في الإمارات يعني لي الكثير، إذ نشعر، أنا وعائلتي أننا أصبحننا جزءاً من مجتمع الإمارات المترابط والمتكاتف، ومارسنا كافة تقاليده وعاداته بكثير من الاعتدال والفخر، الجميع هنا يرحب بنا، ضيوفاً وسائحين، في هذا المجتمع متعدد الثقافات، الذي يقوم أفراده بأدوارهم في ولاء تام، مدفوعين بالمحبة والانتماء، الذي هو وليد المعاملة الطيبة والأخلاق الحميدة، التي يمارسها الجميع، ضمن منظومة التسامح». هذا ما يقوله دواين كورس.

مبادرات إنسانية

ويضيف: إن العدالة والشفافية والحرية والتعاون والتكافل والنزاهة والمصلحة العامة، أمثلة على المبادئ والقيم المتبعة في الإمارات، التي تتأكَّد بمرور الزمن، وتصبح أقوى فأقوى، وتلقى الاحترام والتعزيز المؤديين لانتشارها، ويتحكَّم بها في ذلك الوعي والعقل، ومن هذا المنطلق، فإن العادات والتقاليد الإماراتية، هي قاعدة صلبة جديرة بالتقدير والاحترام، لدورها في إرساء القيم المشتركة للإنسانية عليها، وللاستناد إليها في بناء الاستجابات للتحديات الاجتماعية والمهنية بوجه عام، فالتنوع هو مصدر للابتكار والتجديد والمحافظة على هويتنا وتراثنا العائلي، كشعوب وجاليات، وجدت اهتماماً وتقديراً أيضاً من دولة الإمارات، التي حرصت عبر إدارة التعدد الثقافي، إلى العديد من المبادرات العالمية التي تدعم المسؤولية المجتمعية، وتنشر ثقافتها في المجتمع المحلي، فضلاً عن أهمية التبادل والتقارب الثقافي، الذي يسهم في تعميق أواصر العلاقات والروابط الإنسانية ونشر التسامح.

مظلة التسامح

ويضيف دواين: إن ثمة مجموعة قيم إنسانية أساسية مشتركة، بين كل الفضاءات الثقافية والدينية في العالم، وينبغي استثمارها والتركيز عليها، لتكريس وحدة الإنسانية ووحدة «الجوهر الإنساني»، بروح مسؤولة متفتحة على العالم، تحت مظلة التسامح، والهدف هو تكوين مواطنين متضامنين ومسؤولين متفتحين على الثقافات الأخرى، قادرين على اتقاء النزاعات، أو حلها بوسائل سليمة، والقراءة والمعرفة هما الأدوات الأكثر فعالية للوقاية من التعصب.

بناء ثقافة

ويرى دواين أن أول خطوة في هذا الإطار، تكمن في تعليم الأفراد وتعريفهم بحقوقهم وحرياتهم، لضمان احترامها، وكذلك لحماية حقوق وحريات الآخرين، وينبغي اعتبارها واجباً أولياً أساسياً. إن المساهمة في تنمية التفاهم والتضامن والتسامح واحترام الآخر، من خلال دخول عالمه، بحثاً وقراءةً، هو ما يضعنا على الطريق الصحيح لاكتساب المعارف، وإثراء ثقافتنا محلياً وعالمياً، نظراً لأن التنوع والتعددية أصبحا جزءاً رئيساً في حياة كل إنسان، فلا سبيل للإبداع أو للابتكار أو الوصول إلى بناء الثقة مع من حولنا، إلا من خلال الإقرار بأهمية التنوع وضرورة الاختلاف.

مبادرات العطاء

ويشير دواين إلى أن النجاح الذي حققته الإمارات، بما يتعلق بمنظومة التسامح، هو امتداد لما كان يدور في الدولة من حراك ثقافي عبر تاريخها، حيث كانت كل تلك الجهود والمحاولات، بشارات لميلاد نهضة ثقافية حديثة، ومؤسسات متخصصة، وفي كل تلك الجهود، لم يكن التفاعل مقتصراً على المواطنين فقط، بل استقطب المقيمين أيضاً، الذين منحوا الحق في المشاركة في نمو هذا المناخ الإيجابي، وشمل هذا جميع ممثلي الثقافات الأخرى، التي تقيم على أرض الدولة.

هوية ثقافية

ويعتقد دواين أن عناصر الثقافة المحلية، هي الجذور التي تنمو عليها أوراق وساق شجرة الحضارة ذات الملامح والخصائص الإقليمية، مع مراعاة البيئة العالمية، وما يجرى فيها من تطور وحداثة، كما أن البعد المعماري الأصيل، أضفى على مدن الإمارات بعداً ثقافياً متعدد الوجوه.

 

في سطور

الاسم: دواين كورس

العمر: 39

المهنة: موظف

الهواية: المطالعة

الجنسية: نيوزيلندا

كلما اتسع نطاق التبادل الثقافي، فإن الرؤية الثقافية سوف تتسع، وتولد الجديد والمفيد، وكلما تقلص ذلك التبادل، فإن الثقافة تتقوقع على نفسها، وتصبح غير منتجة، وخصوصية الإمارات في أنها توفر هذا الاتساع، باحتضانها لتنوع ثقافي مكون من كافة الجنسيات على أرضها.

حراك اجتماعي

منظومة التسامح هي في الأساس حراك اجتماعي وثقافة، تعكس مستوى الوعي بين أفراد المجتمع المتداخل إنسانياً، بهدف ترسيخ المبادئ والقيم والأعراف، التي تربى عليها مواطنو الشعوب الإسلامية والعربية، ومنها احترام حقوق الفرد، والحد من أي انتهاكات قد يتعرض لها، والحفاظ على المساواة بين أفراد المجتمع، وعدم التمييز بينهم بسبب الأصول والمعتقدات الدينية والفكرية والألوان والأجناس والأعراق.

ومن خلال تجربتي الشخصية، في مدينتي بوسطن، أثبت المسلمون هناك أنهم أهل للاحترام والتقدير، وذلك عن طريق فهمهم الواعي للإسلام، وحسن تطبيقه في مجتمعنا الأمريكي، على قاعدة الحفاظ على الثوابت دون مصادمة للواقع، وأيضاً من خلال تواصلهم وإحسانهم إلى الجيران ورفقاء الدراسة والعمل.

وأكثر ما عرفته عنهم تميزاً، خلال ممارستي لوظيفتي بالخدمات المصرفية، هو إتقان الأداء وتنوع التخصصات، والحرص على الأمن والأمان، وخدمة المجتمع بتقديم الخدمات الطبية والثقافية والمجتمعية المتميزة، فحصدوا اعترافاً نادراً بقدرتهم على الاندماج المؤثر والانفتاح على الآخر وتقبله، والتعامل الإيجابي في التعامل مع الجميع وتقبلهم، بغض النظر عن الدين أو العرق أو الأصول الوطنية.

قيم السلام

الحس المشترك للإنسانية ووحدة مصيرها، يحتمان بناء نظام اجتماعي قادر على ضمان إيجاد أساس لقواعد الحوار بين الشعوب والحضارات. وتلك هي الأسس الأخلاقية التي يرتكز عليها المجتمع الإماراتي، للربط بين الماضي والحاضر والمستقبل، بحيث تتفاعل تجارب الماضي مع إيقاع الحاضر، ليفتح آفاقاً للتفكير في المستقبل الواعد، تشكل مدخلاً لجعل التسامح، الذي هو حاجة إنسانية، مصلحة جماعية مشتركة، ومدخلاً لتحويل الصراعات الجانبية إلى مواقف تعاونية، وكذلك تشجيع ثقافة المشاركة بقصد تدعيم قيم التضامن والإخاء والتسامح. ومن شأن ذلك، أن يجنب الأجيال المقبلة الكثير من المآسي والحروب والعنف، وأن يرسي قيم السلام والتعاون داخل مختلف المجتمعات.

ويثمن دواين الدور المتفرد للإمارات في ترسيخ مفاهيم المواطنة والانتماء في أوساط الشباب، ومنحهم فرص التفاعل الإيجابي مع وتيرة التغيرات المتسارعة التي طالت بنية المجتمع ومؤسساته المختلفة في العقود الثلاثة الماضية.

Email