روث إدواردز: الإبداع متعدد الجنســيات هوية المجتمع الإماراتي

ت + ت - الحجم الطبيعي

نافذة على الآخر تُروى من خلالها شهادات شخصية ورؤى إنسانية تسرد قصصها في زيارتها الأولى لمدنها العامرة بالعطاء، في نسيج متداخل يغزله الفرح وتشد أطرافه ألوان التواصل الحضاري التي تعكس صورة مجتمع مترابط الصفوف تسري في أوصاله طاقة الأمل واستشراف المستقبل النابعة من قلب الإمارات النابض باحترام الآخر.

 

يحظى المجتمع المحلي بتقدير واحترام البريطانية روث إدواردز الحريصة على زيارة دولة الإمارات، كلما سنحت لها الفرصة خلال موسم العطلات؛ وهو من وجهة نظرها مجتمع يمتلك قدرة مذهلة على التفاعل المثمر، الذي يسهم في تنمية المخزون الإبداعي متعدد الجنسيات، المنفتح بانسجام على مختلف أشكال الإنتاج المجتمعي، الذي يضيف إلى الحراك الثقافي المحلي أبعاداً إنسانية متناغمة، فيها السلام والمحبة، ما يسهم بشكل فعال في عمليات التنمية المجتمعية في كافة القطاعات والمجالات، ويتبناها المواطنون والمقيمون بإيجابية وفخر.

قاسم مشترك

وفي السياق، تؤكد روث أن الوعي العام في الإمارات هو من غير بد قاسم مشترك بين هذه الفئات والثقافات المختلفة المجتمعة على أرضها، يعكس الوئام والانسجام ويتجسد بقيم التعايش؛ فكلّ مَن يطأ أرض هذا البلد يسعى لتحقيق شيءٍ ما في وطنه الأم. أن يبني بيته، أو أن يدرّس أطفاله.

لذا، فإن جدية الأهداف الإنسانية، تصنع سلوكاً راقياً يجد أرضه ومكانه وظروفه المناسبة هنا في الإمارات، حيث لا ترى مظهراً من مظاهر الازدراء، فالكل يعيش في تفاعل إيجابي مع من حوله، والكل لا يخوض في الأمور العرقية والدينية، فلكل معتقده، ولكل قناعاته، ولا تصادم بينها، لأنه ببساطة هناك شكل مختلف من التعايش يقوم على السلمية والتعاون والعمل لتحقيق أفضل النتائج. وأعتقد أن تركيز الدولة على أنها دولة تسامح وجد وعمل، والتزامها بهذا، وعدم تساهلها مع من يخالف ذلك، ساعد على خلق هذا التعايش.

تجربة رمضانية

ومن جانب آخر، ترى روث أن التسامح والتعايش هما السمة الغالبة في المجتمع، ولكن ليس فقط في شهر رمضان المبارك، كما يظن الكثير من الناس.. بكل تأكيد تحمل الأجواء الروحانية من خلال ممارسة الطقوس الرمضانية وفريضة الصوم تأثيراتها المفعمة بالإيجابيات، وهو ما يعني لي الكثير، وإننا محظوظون لخوض تجربة الطقوس الرمضانية في أجواء عائلية عامرة بالحب للجميع، من خلال برنامج مركز محمد بن راشد للتواصل الحضاري، وسط مشهد تجمع الناس حول موائد الإفطار، الذي يعد بالفعل ظاهرة مميزة، تبعث على الفخر بهذا الترابط والتلاحم بين الناس. كما تمثل روح العائلة الكبيرة من كافة الجنسيات والديانات، وذلك نابع من تمسكهم بتقاليدهم العريقة، وأخلاقهم التي تحضهم على التواصل والانفتاح على ثقافة الآخر، المختلف، بعين التسامح.

مفردات الجمال

وتعتقد روث أن تنوع مظاهر الاحتفاء بالشهر الفضيل في دبي، حيث لا تقدم لزائريها وأهلها والمقيمين فيها، مفردات الجمال والحداثة فقط، ولكنها تمنحهم نوافذ خلابة لتراثها العريق عبر مكونات أسواقها، وبهاء عناصرها الطبيعية، ومقوماتها المتنوعة، يتعدى طابع الفرجة ليبلغ مستوى الوجبة الثقافية والترفيهية الدسمة، التي ينعم بها الزائرون خلال زيارتهم العديد من المناطق الترفيهية. وتتابع روث: ما يميز الشهر الفضيل في الإمارات هو الحرص على تكريس العادات والتقاليد الاجتماعية الطيبة، التي نجدها في أيام وليالي رمضان من حيث التجمع في مكان واحد، وأسرة واحدة، مع السمر والدعوات للجيران والأصدقاء، فهذه في مجملها تعطي النفس الصفاء، والنقاء، والاستشعار بمعاني هذا الشهر المبارك، وأيامه الجميلة.

توازن ثقافي

وتشير روث إلى أن دولة الإمارات، ومن خلال مبادرتها الخاصة بعام التسامح، تحقق التوازن الثقافي والانفتاح الحضاري، وإثراء التجارب الإنسانية، بما يتناسق مع الأسس الراسخة لفكر وإرث المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي جعل للجانب الإنساني بعداً أصيلاً في السياسة الخارجية للدولة، وسارت على قيادة الإمارات، لإقامة علاقات طيبة ومتوازنة مع جميع دول العالم وشعوبه، قائمة على الاحترام المتبادل، والمنافع المشتركة، والتبادل الثقافي والسياحي، خدمة للسلام، وترسيخاً لثقافة التعايش السلمي والتناغم الإنساني بين الإمارات وشعوب العالم وثقافاته.

قيم التسامح

إن قيم التسامح والأخلاق، التي يحرص عليها المسلمون بوجه عام تعد بمثابة بطاقة تعريفة لهوية دينية ثقافية رفيعة الشأن، وضعتني على مسافة قريبة من فهم جوهر الحياة في الإمارات، التي تقوم على أساس معياري، يعكس حياة تتميز بالأصالة والقوة والتميز، المواطنون والمقيمون يميلون في تواصلهم إلى تبادل مشاعر ومعايير يؤثر بعضها في بعض تأثيراً إيجابياً يبلور مواقفهم النفسية والوجدانية، بغض النظر عن جنسياتهم وأديانهم، فقد وجد الفكر الأخلاقي عند المسلمين طريقة للتأثير على الفكر الأخلاقي على المستوى العالمي، ولا يزال هذا الفكر مسيطراً على سلوك المسلمين في الحاضر، ويعمل على صياغة حياتهم في المستقبل.

ولم يكن الأمر كذلك، إلا لكون هذا الفكر الإسلامي، فكراً عالمياً يعالج قضايا الحياة الإنسانية، من منظور يسمو على النواحي القومية والعرقية والإقليمية.

وتضيف روث: بشهادة الجميع فقد وهب المغفور له بإذن الله الشيخ زايد نفسه لبناء وطنه وخدمة مواطنيه وتحقيق طموحاتهم وتطلعاتهم في الحياة الكريمة الرغدة، وقاد ملحمة البناء من مرحلة الصفر بإقامة المدارس ونشر التعليم، وتوفير أرقى الخدمات الصحية ببناء أحدث المستشفيات والعيادات العلاجية في كل أرجاء الوطن، وإنجاز المئات من مشاريع البنية الأساسية العصرية والمستوطنات البشرية التي شكلت منظومة من المدن العصرية الحديثة، التي حققت الاستقرار للمواطنين. لقد كان بحق رجل التنمية، ومن الزعماء القلائل الذين تفانوا وكرسوا حياتهم، وأعطوا بكل سخاء من أجل عزة وطنهم وإسعاد شعبهم.

روح المدينة

إن كل من يزور دبي يعيش خليطاً فريداً من التجارب والمشاعر، روح المدينة العصرية والصحراء الخالدة، الشرق والغرب القديم والجديد. فدبي مدينة تقليدية من حيث نمط المعيشة، لكنها من جانب آخر مدينة عالمية تجمع بين الرفاهية ذات الطابع الغربي وسحر الضيافة العربية. ولقد أتيحت لي الفرصة كي أشهد بشكل مباشر تلك التغييرات الضخمة التي مرّت بها البلاد سنة بعد أخرى، وكنت أتعجب من رحلة التطور الذي قطعتها الدولة الناشئة خلال وقت قصير.

وبفضل قيادتها الحكيمة، أصبحت دولة الإمارات اليوم بمثابة جنة لملايين الوافدين، وأرضاً مفتوحة للفرص الواعدة بالنسبة للكثيرين من أصحاب الأعمال الناشئين وروّاد الأعمال الشباب.

في سطور

الاسم: روث إدواردز

العمر: 37

المهنة: موظفة

الهواية: السفر

الجنسية: بريطانيا

أتمنى من الناس حول العالم بمناسبة رمضان، أن يفهموا تماماً، كما علمتنا دبي، معنى قيم التسامح وفهم الثقافات الأخرى واحترامها. أظن أن الأمر بغاية الأهمية، وهو ما جعل من دبي مدينة عالمية، انطلاقاً من نجاحها في جمع الناس من مختلف أصقاع الدنيا، وتعايشهم بتناغم وسلام فيما بينهم في مثال جميل.

Email