المتطوعون.. عطاء يمشي على قدمين

ت + ت - الحجم الطبيعي

في فطرة البشر.. أشياء

لا تخضع للغة، ولا تعرف اللهجات

فلا وطن للضحك ولا أبجديات للبكاء

هكذا هي.. سمة التسامح

لا مكان لها ولا زمان..

لأنها باختصار..

تخرج من ثنايا مشاعر الإنسان.

ولأن الرياضة تمثل إحدى صور

التسامح، فلا ريب أن تزول معها

الخصومة، وتنزوي بها الخلافات،

فتصفو القلوب وتتلاشى العيوب.

وعند ذكر التسامح الرياضي

تأتي الإمارات كنموذج واقعي

لتجسيد هذه السمة الحسناء

كأسلوب حياة..

في هذه السطور نرصد بعضاً من تلك الصور المضيئة:

كشفت دورة الأولمبياد الخاص العالمي التي نظمتها الإمارات في مارس الماضي، عن أحد أهم الوجوه الجميلة، التي تؤكد إلى أي مدى تعتلي دار زايد قائمة التسامح في العالم، وأوضحت أبهى صور التآخي على هذه الأرض الطيبة.

إنهم منجم الذهب لهذه الأمة، شباب ورجال، فتيات وفتيان في عمر الزهور، اختاروا أن يكونوا في خدمة الوطن، رغبوا في العمل بعيداً عن الأضواء، وتفانوا في العطاء ينثرون في أرجاء الملاعب أجواء التآخي والتسامح، يؤثرون غيرهم على أنفسهم، يرشدون بكل حب الباحثين عن الطرقات، والمعالم، مذللين كل العقبات، أمام المشاركين، لدرجة أن معظمهم، كان يعمل أكثر من 12 ساعة متواصلة في أيام الدورة.

عشرون ألف متطوع من مختلف دول العالم، جاءوا من كل حدب وصوب، يصطفون من أخوانهم في الإمارات الذي مثلوا 40 % من العدد الكلي والباقي من عدة دول أبرزهم من الهند ومصر، وكانوا هم قناديل الملاعب والصالات والفنادق، وعشاق الخير، وأدلاء المتسائلين، جادوا بأوقاتهم وجهودهم، وتعاونوا مع 7500 رياضي، من أكثر من 190 دولة، تنافسوا في 24 مسابقة.

سمات متأصلة

ولأن التسامح، من السمات المتأصلة في شعب الإمارات، فقد أصبح التطوع عنده من المسلمات، وهناك منصة للمتطوعين عبر البوابة الحكومية على الإنترنت «https://volunteers.ae» ومن خلالها يلبي الكثيرون نداء الوطن في أي لحظة، حيث تجدهم بالآلاف، ودائماً تغلق أبواب الجهات المنظمة بعد بلوغ العدد في أيام معدودات، وقد حدث هذا بالفعل، عندما استضافت أبوظبي العام الماضي، الأولمبياد ‏الخاص للألعاب الإقليمية التاسعة 2018، فشارك أكثر من 3 آلاف متطوع من جميع الأعمار والجنسيات، ‏قدموا ما يزيد على 50 ألف ساعة عمل من وقتهم خلال تلك الدورة، ‏وساهموا في دعم ومساندة أكثر من ألف رياضي جاءوا حينذاك من 31 دولة، بعدها تطوع 4500 من الشباب والرجال والفتيات والنساء في بطولة كأس آسيا التي احتضنتها الإمارات في بداية العام الحالي، وضربوا في هذه البطولة المثل في التسامح، والتآخي، بحسن تعاملهم مع الفرق المتنافسة في البطولة من دون تفرقة بين جنس أو عقيدة أو لون.

لذلك كان الأمر سهلاً عندما أعلنت اللجنة المنظمة عبر موقعها فتح باب التطوع للأولمبياد الخاص ‏للألعاب العالمية 2019‏، بل بادرت بالإعلان عن الاكتفاء بالعدد المتقدم بعدما وصل إلى 20 ألف متطوع.

ومن الغريب أن اللجنة المنظمة للأولمبياد الخاص وضعت نظام للمتطوعين بالعمل ما بين الساعة 7 صباحاً حتى 7 مساء، ومع ذلك، تفانى العديد من المتطوعين في أعمالهم، وظلوا يعملون منذ الصباح حتى بعد نهاية المسابقات، بل إن عدداً كبيراً منهم طالبوا بالتواجد طوال مدة الأولمبياد دون انقطاع.

الفتاة الإماراتية

ومما يؤكد أن التسامح، راسخ كما الجذور في المجتمع الإماراتي، فقد كان للفتاة الإماراتية دورها الفعال في مجال التطوع خلال البطولات والدورات التي استضافتها الدولة، ويكفي أن عددهن وصل في الأولمبياد الخاص العالمي في مارس الماضي إلى 54% من 20 ألف متطوع، أي أكثر من النصف، في دلالة تشير إلى ارتفاع المستوى الثقافي للفتاة الإماراتية، لا سيما ‏مع تسجيل ‏رقم قياسي عالمي في عدد رياضات الإناث المشاركات والمتنافسات في الألعاب، واللاتي تصل أعدادهن إلى أكثر من 3200 رياضية. ‎‏

ومن ثمار عام التسامح في الرياضة الإماراتية، إن آلاف المتطوعين شاركوا قبل بداية انطلاق الألعاب العالمية في أكبر برنامج تبادل ثقافي، والأنشطة المتنوعة، وتمثل ذلك في تجربة جديدة وفريدة، هي برنامج «المدن ‏المضيفة» الذي كان ‏أولى فعاليات المشاركين والوفود الزائرة عقب وصولهم إلى الدولة، حيث قام المتطوعون في برنامج ‏‏«المدن المضيفة» بالعمل بشكل وثيق مع اللجان المنظمة في كل ‏إمارة من الإمارات السبع، خلال الفترة من ‏‏8 إلى 11 مارس الماضي، ونجحوا في تحقيق التواصل مع المجتمعات المحلية، وحركة الأولمبياد الخاص الألعاب ‏العالمية في أرجاء الدولة ليرسخوا بذلك إرث إيجابي لأصحاب الهمم في المستقبل‎.‎‏

وقد ثمنت القيادة الرشيدة، دور المتطوعين في نجاح الفعاليات الرياضية التي تقام بالإمارات عبر السنوات الماضية وكرمتهم، كما أشادت، حينذاك، معالي حصة بنت عيسى بو حميد، وزيرة تنمية المجتمع رئيسة لجنة الإرث والمجتمع التابعة للجنة العليا لاستضافة الأولمبياد الخاص العالمي ‏‏- أبوظبي 2019، بجهود المتطوعين وإسهاماتهم في الأولمبياد الخاص وأصحاب الهمم من الرياضيين الذين شاركوا فيه‎، وقالت إن الـ 20 ألف متطوع من مختلف الجنسيات أسهموا بجهودهم، في إنجاح أكبر حدث رياضي وإنساني على مستوى العالم‎، مشيرة إلى أن مهام المتطوعين في هذه الدورة شملت التنسيق في إقامة الوفود والتنقل والمواصلات، ومرافقة أصحاب الهمم، إلى ومن مواقع المسابقات، بجانب الترجمة، وغيرها من الجهود المقدّرة التي تؤكد على دور الإمارات في إثراء قيم التسامح والإنسانية‎.‎

إنها الإمارات.. أرض العطاء اللامحدود والتسامح والكرم والجود.

Email