التجربة الإماراتية تبهر العالم

ت + ت - الحجم الطبيعي

في فطرة البشر.. أشياء

لا تخضع للغة، ولا تعرف اللهجات

فلا وطن للضحك ولا أبجديات للبكاء

هكذا هي.. سمة التسامح

لا مكان لها ولا زمان..

لأنها باختصار..

تخرج من ثنايا مشاعر الإنسان.

ولأن الرياضة تمثل إحدى صور

التسامح، فلا ريب أن تزول معها

الخصومة، وتنزوي بها الخلافات،

فتصفو القلوب وتتلاشى العيوب.

وعند ذكر التسامح الرياضي

تأتي الإمارات كنموذج واقعي

لتجسيد هذه السمة الحسنة

كأسلوب حياة..

في هذه السطور نرصد بعضاً من تلك الصور المضيئة:

رغم مرور الأيام وتحرك الزمان، إلا أن حفل افتتاح ألعاب الأولمبياد الخاص للألعاب العالمية أبوظبي 2019 في استاد ‏مدينة زايد الرياضية، سيظل حدثاً عالمياً يؤكد على دور الإمارات قيادة وشعباً في بث روح التسامح والتآخي في مختلف دول العالم، إذ لم تدخر دار زايد وسعاً في الاهتمام بهذه الفئة التي أطلق عليها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، «أصحاب الهمم»، فأصبح هذا المسمى يتردد في معظم الدول، بدلاً من المعاقين ذهنياً الذي كان شائعاً من قبل، ولم يكن يتناسب مع حالة هذه الشريحة المجتمعية الطيبة.

الإمارات حينما استضافت هذا الحدث العالمي، تعاملت معه بشكل إنساني، تتجلى فيه أسمى صور التسامح والتآخي، حيث كان حفل الاحتفال يليق به، حتى انه شكل مفاجأة رائعة ‏للحضور الذين تفاجأوا بروعة التنظيم والتحرك والإضاءة والإخراج التليفزيوني.

الإبداع الإماراتي، أبهر العالم في حفل الافتتاح، عندما تحول ملعب كرة القدم، حينذاك، إلى مسرح كبير، انغمس في ألوان رمادية وسوداء وبيضاء ومؤثرات ضوئية ساحرة، مما جعله من أجمل ‏وأروع المسارح التي شهدت افتتاح الأحداث العالمية.

ونظراً لتوافد أعداد كبيرة من الجماهير إلى مدينة زايد الرياضية، فقد بدأت الاحتفالات، وقتها، بمشاركات متنوعة للفرق التراثية التي عكست بأدائها الثقافة ‏الإماراتية في الفن الشعبي، بجانب الفرقة الموسيقية لشرطة أبوظبي مع الخيالة‎، وتبع ذلك عرض للطائرات قدمه الاتحاد للطيران في مناورة جوية ظللت سماء استاد زايد بألوان قوس قزح ‎.‎

إنسانية وعالمية

وفي تأكيد على عالمية الحدث والتضافر الإنساني فيه، قدمت فرقة‎ now united music ‎ عرضاً جميلاً، وهي فرقة تتكون من 14 فرداً من حول العالم يمثلون دول أمريكا، ‏كندا، البرازيل، اليابان وبعض الدول الأخرى‎، ثم شاركت فرقة‎ unified choir ‎ المكونة من 100 طفل وقدمت عدة أغانٍ نالت إعجاب المتابعين.

وكان مشهداً مهيباً، حين دخلت الوفود المشاركة بألوانها المختلفة وأعلام دولها وسط هتافات تشجيعية مدوية من الجماهير، وقد حرص وفد الإمارات المشارك أن يمثل كل الأولمبياد الخاص لحظة دخوله استاد مدينة زايد الرياضية، عندما حمل ‏شعار الأولمبياد الخاص وسط ترحيب كبير جداً من كل الدول المشاركة‎.‎

ولأن الإمارات اعتادت دائما أن تكون محل أنظار العالم، فقد تزامن هذا الحدث الإنساني للأولمبياد الخاص مع الذكرى الـ50 لانطلاقة أولى المنافسات في شيكاغو عام 1968 التي نظمتها الأمريكية ‏يونيس كينيدي شرايفر، ومثلت علامة فارقة في العالم أجمع، حيث اعتمدت ‏الرياضة كأحد المحاور المهمة للنهوض بذوي الإعاقة الذهنية ودمجهم في المجتمع‎. ‎

وقد اجتهدت «يونيس» كثيراً عندما حاولت إخراج شقيقتها «روز ماري» التي ولدت معاقة ذهنياً 1918 من حالة العزلة التي كانت عليها، فقامت بما لها من إمكانيات حينذاك بوصفها شقيقة جون كينيدي الرئيس الأمريكي الأسبق، بتأسيس مؤسسة جوزيف كينيدي الخيرية في يونيو 1963 فأقامت معسكراً رياضياً لمدة يوم ‏واحد بحديقة منزلها للأطفال من ذوى الإعاقة الذهنية لاستعراض مهاراتهم الرياضية ‏والبدنية، وكان المشهد الأول إيجابياً للغاية، ولذلك عزمت على توسيع الدائرة وإقامة ‏معسكرات رياضية، بصفة منتظمة وأسست مجلس إدارة يضم مجموعة من الخبراء، ‏لرصد مدى تأثير الرياضة على تطور مهارات الأولاد، في الأمور الحياتية، وبعد 5 ‏سنوات عمل، أيقنت أن الرياضة هي الملاذ الوحيد، وشرعت في تأسيس الأولمبياد ‏الخاص، ومنذ هذا التاريخ تقام الألعاب ‏العالمية للأولمبياد الخاص كل عامين بالتناوب بين الألعاب الصيفية والشتوية، ‏وتشمل 5,169,489 لاعباً ولاعبة حول العالم‎. ‎

أنا يجب حيث أن أكون

شهد حفل الافتتاح الكبير في أبوظبي خلال مارس الماضي، العديد من نجوم العالم في مختلف المجالات والفنون، وشدت حينذاك المطربة الكندية العالمية الشهيرة أفريل لافين، ومعها نجم الغناء البورتوريكو لويس فونسي، والفنان حسين الجسمي والمطرب المصري تامر حسني والمطربة أصالة، بكلمات أفاضت بالمعاني الإنسانية، تقول «أنا يجب حيث أن أكون» التي تجسد روح التحدي والإرادة للمشاركين من أصحاب الهمم.

وقد عبّر الفنان حسين الجسمي الذي شارك في جزء من الحفل، وقال إن الجميع يتطلع إلى نجاح أصحاب الهمم ‏ في الأولمبياد الخاص، ثم خاطب فرسان الإرادة والتحدي بقوله: «محبتكم وثقتنا الكبيرة بقدراتكم تجمعنا في دار العز.. أبوظبي‎».

شيء لا يُصدَّق

أما الإعلامي الأمريكي جيت كوبر، المختص في شؤون أصحاب الهمم، فلم يخف إعجابه الفائق بحفل افتتاح الأولمبياد الخاص، وقال إنه شيء لا ‏يُصدَّق من روعته، مشيراً إلى أن الحفل جاء فخماً جداً، ولم يتوقع أبداً أن يكون بالمستوى الذي خرج به، مشيراً إلى إدراكه التام لقدرات الإمارات في ‏التنظيم، واهتمامها بأصحاب الهمم‎.‎

إنها روح التسامح والتآخي حينما تتجلى في رياضة الإمارات.. وغداً نستكمل اللقطات والحكايات.

Email