تمكين المرأة رياضياً.. إحدى ثمار التسامح

ت + ت - الحجم الطبيعي

في فطرة البشر.. أشياء لا تخضع للغة، ولا تعرف اللهجات فلا وطن للضحك ولا أبجديات للبكاء هكذا هي.. سمة التسامح لا مكان لها ولا زمان.. لأنها باختصار.. تخرج من ثنايا مشاعر الإنسان.

ولأن الرياضة تمثل إحدى صور التسامح، فلا ريب أن تزول معها الخصومة، وتنزوي بها الخلافات، فتصفو القلوب وتتلاشى العيوب.

وعند ذكر التسامح الرياضي تأتي الإمارات كنموذج واقعي لتجسيد هذه السمة الحسناء كأسلوب حياة..

في هذه السطور نرصد بعضاً من تلك الصور المضيئة:

 

لأن التسامح والتآخي الرياضي من ثوابت الإمارات، فقد اهتمت مبكراً بمشاركة المرأة في مختلف الفعاليات والأنشطة الرياضية، محلياً ودولياً، مما منحها فرصة التعبير عن نفسها، وتمكينها في المجتمع، من خلال الانضمام إلى الأندية الخاصة بالسيدات، مثل أندية أبوظبي للسيدات، ودبي للسيدات، وسيدات الشارقة، وأكاديمية الشيخة فاطمة للرياضة النسائية، التي أصبحت أهم حصن من حصون المرأة الرياضية، وليس أدل على ذلك من أن من حمل علم الإمارات في آخر دورة أولمبية في ريو دي جانيرو بالبرازيل، كانت السباحة ندى البدواوي.

وكان لتأسيس الاتحاد النسائي العام في 28 أغسطس 1975، دوره الفعال في الاهتمام بهذا النهج، حيث أصبح بمثابة القاعدة التي تضع استراتيجية التنمية وتمكين المرأة في مختلف مناحي الحياة، ومن بينها المجال الرياضي والتألق فيه، وقد استمدت منه فكرة الاحتفال كل عام بيوم المرأة الإماراتية، تقديراً للدور الذي لعبته في التنمية والنهضة الحضارية التي شهدتها البلاد، حيث بدأ الاحتفال الأول به منذ 28 أغسطس 2015، بمبادرة من سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيس الاتحاد النسائي العام والرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية ورئيس المجلس الأعلى للأمومة والطفولة.

التسامح والتآخي الرياضي في الإمارات، منح العديد من النواعم فرصة تحقيق الذات بإنجازات رياضية غير مسبوقة.. ولعل التاريخ يحفل بأسماء استطاعت الوصول إلى منصات التتويج في مختلف المسابقات الرياضية محلياً ودولياً، إذ هناك العديد من الأسماء التي سجلها التاريخ الرياضي، من أبرزها تفوق منتخب الإمارات للسيدات في الكاراتيه بقيادة سمو الشيخة ميثاء بنت محمد بن راشد آل مكتوم، الذي أحرز 13 ميدالية ملونة في مختلف الأوزان، بينها ذهبيتان بالبطولة الخليجية الأولى للسيدات في البحرين يوليو 2003، قبل أن تصبح بحكم إنجازاتها «سفيرة الرياضة الإماراتية»، ورئيسة رابطة لاعبي ولاعبات الكاراتيه في الاتحاد الدولي للعبة، والرئيسة الفخرية للاتحاد العربي للكاراتيه والتايكوندو، ورئيسة نادي زعبيل لمنتخبات التايكوندو والكاراتيه للسيدات، وكذلك الشيخة شمسة آل مكتوم صاحبة الإنجازات العديدة مع منتخب الطائرة النسائي، والفارسة الشيخة لطيفة آل مكتوم، والعديد من الشخصيات النسائية اللاتي قدمن الكثير على الساحة الرياضية.

اهتمام مبكر

ويشهد التاريخ أيضاً، أن نهر العطاء، في بناء جسور التسامح وعدم التفرقة بين الجنس واللون والعقيدة، امتد من خلال الاهتمام برياضة المرأة بشكل مبكر في الإمارات منذ تأسيس الدولة، حيث أنشأت العديد من الأندية النسائية، بتوجيهات القيادة الرشيدة، أبرزها نادي سيدات الشارقة في عام 1982، وهو إحدى مؤسسات المجلس الأعلى لشؤون الأسرة التي ترأسها الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، رئيس المجلس الأعلى لشؤون الأسرة، وعبر السنوات الماضية تطور هذا النادي تطوراً ملحوظاً، أهّلته ليكون واحداً من أكثر المراكز الترفيهية الخاصة بالسيدات، حيث تم تجهيزه بمجموعة من الوسائل والأجهزة والإمكانيات، التي أهلته ليكون واحداً من أفضل الأندية المتخصصة في السيدات على مستوى الشرق الأوسط.

أما أكاديمية فاطمة بنت مبارك للرياضة النسائية (FBMA )، فقد تأسست في أكتوبر 2010 ويترأس مجلس إدارتها الشيخة فاطمة بنت هزَّاع بن زايد آل نهيان، وتهدف إلى تيسير ممارسة الرياضة النسائية في مختلف بقاع الدولة، بحيث تكون أحد العناصر الأساسية في الحياة اليومية للمرأة الإماراتية، على اختلاف الأعمار والخلفيات، وهو مايوضح التسامح الذي تنعم به الإماراتيات وغيرهن ممن يعشن على هذه الارض الطيبة.

مدربات ومحكمات

وقد كان للأكاديمية دور في انتشار كرة القدم النسائية، حيث أنشأت لجنة خاصة لها بتوجيهات من سمو الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان الرئيس الفخري لاتحاد الكرة بتشكيل لجنة كرة قدم نسائية في منتصف عام 2009 برئاسة حفصة العلماء وعضوية عدد من الشخصيات البارزة في مجال الرياضة النسائية لنشر الكرة النسائية، من خلال الترويج وبناء قاعدة كروية مختلفة الأعمار تمثل الدولة في المحافل الإقليمية والدولية، وإعداد قيادات رياضية نسائية متخصصة في كرة القدم، وتشكيل منتخب نسائي بالتنسيق مع اتحاد الكرة، وهو ما تم بالفعل خلال السنوات الماضية.

وكان من ثمار هذا الجهد الواضح.. تكوين مدربات ومحكمات وإعداد قيادات رياضية متخصصة في كرة القدم النسائية، وتأسيس منتخبات وطنية لكافة المراحل السنية، بجانب استضافة بطولات محلية وإقليمية ودولية.

إنها روح التسامح والتآخي حينما تتجلى في رياضة الإمارات.. وغدا نستكمل اللقطات والحكايات.

Email