الفحص النفسي صمام أمان للسعادة الزوجية

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

إن علاقة الزواج ليست علاقة ثنائية بين رجل وامرأة، وإنما هي شراكة نحو تأسيس أسرة متماسكة، وتأتي هنا أهمية الفحص النفسي للمقبلين على الزواج حيث يعد من أهم عوامل نجاح الزواج واستقراره، فهناك مرضى نفسيون أو عصبيون أو من لديهم اضطرابات نفسية ويخفون هذا الأمر عن شريك الحياة، وبالتالي تكون تحدث كارثة بعد الزواج، حيث لا يستطيع الاستمرار في خداع شريك الحياة، فيحدث الطلاق ويؤدي إلى ضياع الأسرة والأولاد.

ومن هذا المنطلق يتمنى الكثير من الشباب والشابات أن يحظوا بتطبيق قرار الفحص النفسي قبل الزواج، إيماناً منهم بأن شريك العمر قد تنقصه الخبرة في التعامل مع الآخر؛ بسبب تكوين شخصيته أو لأسباب تربوية أو تجارب قاسية مرّوا بها. وهنا يبرز التساؤل التالي: هل يمكن أن نجد أنفسنا، ذات يوم، مطالبين بأن نجري الفحص النفسي قبل الزواج قبل الفحص الطبي؟

آدم: المصارحة أولاً
محمد علي السباح، موظف، يقول: «هناك بعض الأمراض النفسية العابرة تأتي مع ارتفاع سن الزواج منها التوتر، والقلق وغيرهما. وأُفضل هنا أن تكون مصارحة بين طرفي الزواج. وفي حالة بعض الأمراض الذهنية كالاضطراب النفسي الشديد والتي قد يتناول المريض معها علاجاً طوال حياته فمعرفة شريك حياته هنا واجبة». ويؤكد على أن الفحص النفسي قبل الزواج يعد مشكلة معقدة، فالأمراض النفسية قد تؤثر في نجاح الزواج من عدمه، فهناك من هو نرجسي، أو أناني، أو لا يتحمل الآخر.

حكمت عبدالباقي، موظف، يؤكد على أن هناك أسر عانت من ضرر المرض النفسي، بالأخص بعض الزوجات اللاتي تفاجأن بمرض الزوج وليس لهن حول ولا قوة، إما الاستسلام أو طلب الطلاق!

بينما يأمل سراج مصطفى حسن، موظف، أن يُطبق الفحص النفسي قبل الزواج، فذلك سيساعد في معرفة بواطن الخلل في شخصية المتقدم النفسية والصحية والاجتماعية، ومدى استعداده للقيام بواجباته تجاه الزوجة والأسرة، قبل أن تصل إلى مشكلات أكثر تعقيداً وخطورةً بعد الزواج.

«الفحص النفسي قبل الزواج يساعد في كشف خفايا الاضطرابات والأمراض النفسية التي أحياناً تكون ظاهرة للعيان، وأحياناً تكون خاملة صامتة لا تظهر إلا في المواقف المثيرة لها». يوضح محمد العقيدي، موظف. ويتساءل: «كم من خاطب أَقدم على الزواج وبارك الأهل له متناسين وضعه النفسي، هل يسمح بهذا الزواج؟». ويردف: «نستطيع أن نختصر الكثير من المعاناة لأفراد مجتمعنا من خلال فحص أولي قبل الزواج، يجعل المقبلين مطمئنين للوضع النفسي للزوج وللزوجة لبناء حياة سعيدة خالية من الألم والظلم».

يذكر علي حسن عبدالكريم، متقاعد، أنه اكتشف حالة زوجته النفسية السيئة بعد فترة بسيطة من الزواج، فهي تستخدم أدوية مسكنة تساعدها في التغلب على حالتها النفسية والعصبية، إلا أن امتناعها عن تناولها يسبب الكثير من المشاكل لهم جميعاً!

ويضيف: «للأسف لم يخبرني أحد من أهل زوجتي عن مشكلتها النفسية، رغم علمهم بها، حيث بدأت ألاحظ بعد فترة بسيطة من الزواج تقلب مزاجها وعصبيتها الزائدة، إضافةً لتمتمتها بطريقة غير مفهومة، وكأنها تتحدث مع نفسها، وبعد أن تحدثتُ مع أحد إخوتها أخبرني بوضعها النفسي، واعتذر عن عدم إخباري بذلك، لاعتقاده بأن مشكلتها قد انتهت بعد استخدامها الأدوية».

حواء: ضرورة للحفاظ على الأسرة
«إن المرض النفسي يُعد مشكلة، فعندما يحدث خداع في الزواج سيضر بأشياء كثيرة بين الطرفين على كافة المستويات». تشير أريج اللبابيدي، موظفة. وتضيف: «قد يصبر شريك الحياة على هذا الخداع في البداية، إلا أنه عندما تزداد حدة المشكلات والضغوط قد يضطر إلى رفض استكمال هذه العلاقة! فالتوافق النفسي مهم على كافة الأصعدة لأن عدم توافر ذلك يعني كارثة قادمة لا ريب».

توضح ساره أحمد، سيدة أعمال، بأن هناك من سيتقبل الفحص النفسي قبل الزواج، حرصاً على بداية حياة زوجية مستقرة ولا تنتهي بطلاق مادي أو طلاق نفسي. وهناك من سيتحفظ عليها لأنه سيرى في الفحص النفسي بمثابة إعلان فشل مبكر لحالته الاجتماعية وأسلوب علاقته مع زوجته في المستقبل أو أسرتها.

«أتمنى أن تتحول فكرة الفحص النفسي قبل الزواج إلى واقع، وأن يتعامل المسؤولون مع ذلك بجدية؛ لما للتوافق النفسي من أهمية لا تخفى على أحد». توضح سميحة حسن، موظفة. وتضيف: «هناك سمات نفسية وأخرى شخصية لا ترقى للمرض النفسي، إلا أنها تشعل نار الخلاف بين الزوجين بعدم استيعاب الشريك الآخر لها، وحيث يوجد قدرات لكل شخص منا لتحمل صفات معينة من شريك الحياة، فمثلاً منا من يتحمل صفة العصبية وسرعة الانفعال والآخر لا يستطيع، ومنا من يتحمل كثرة الكلام وآخر لا يقدر عليها».

منيرة حسين العثمان، ربة بيت، ترى أن الفحص النفسي قبل الزواج سيحد حتماً من المشاكل الزوجية، وتزايد أعداد الطلاق. فمعظم الأزواج يعانون الأمرين في حياتهم الزوجية بسبب العامل النفسي، ويبحثون عن حلول بعد وقوع المشكلة، رغم أنه بالإمكان توفير كل ذلك العناء والتعب قبل الزواج من خلال الفحص. وتستشهد بتجربة «إندونيسيا»، حيث لا يكتب صك الزواج إلا بعد أن يتجاوز الطرفان دروة تدريبية معتمدة عن التفاهم والتناغم الزوجي، معللةً ذلك بتجنيب المجتمع ويلات الطلاق.

علياء محمد المهيري، ربة بيت، تقول: «إن فحص التوافق النفسي قبل اتخاذ قرار الزواج يساعد كثيراً في تقريب وجهات النظر بين الرجل والمرأة، ويجيب على كثير من تساؤلاتهما، ويمنح الفرصة لمزيد من الخيارات أمامهما، وتحديداً أمام المرأة التي ربما تقترن بمجهول لا تعرف عنه سوى اسمه ووظيفته ونسبه، ولا تدرك نفسيته، ومزاجه، وطبائعه، وقبل ذلك أخلاقه».

تجنب المشاكل:
خديجة محمد المرزوقي، استشارية أسرية، تقول: «من الضروري أن تكون بداية تكوين الأسرة على أسس سليمة تضمن استمراريتها وسط جو صحي وسليم، وذلك بأن تدرج بنود جديدة تتضمن الكشف عن الأمراض النفسية، ليكون كلا الزوجين على دراية كاملة بشريك حياته، وحتى لا يتفاجأ أحدهما فيما بعد بحالة نفسية تجعله ضحية لعنف أسري، أو انفصال يخلف وراءه أبناء تائهين». وتضيف: «اتضح لي من خلال عملي بوحدة الإرشاد الأسري أن معظم المشكلات الأسرية ناتجة من عدم توافق الزوجين سلوكياً، ومنشأها الأمراض النفسية والاضطرابات السلوكية التي ربما لا يعلم عنها الزوجان أو لا يرغبان بالإفصاح عنها».

وتشدد المرزوقي على أهمية التركيز على فترة الخطوبة ودورات المقبلين على الزواج، وإعطاء «رخصة القيادة للحياة الزوجية»؛ بهدف التأليف بين الزوجين وبالتالي الإقلال من نسب الطلاق.

كما يؤكد حامد عبيد العبدالله، استشاري نفسي، على أن الزواج قد يكون الحل الأفضل للرجل في بعض الأمراض النفسية الكبرى، إلا أنه ليس كذلك للسيدات حيث إنهن يتعبن ويتعرض لضغوط أكثر من الرجل. ويضيف: «بصفة عامة فإن الخبرة لدي كل طرف في كيفية اكتشاف ما لدى شريك حياته من خصال وردود أفعال، هي الأساس وراء استيعاب حقيقة شخصيته، والوصول إلى أفضل نسبة في التوافق النفسي بين الطرفين».

ويضيف: «لا شك أن المصارحة تجعل الطرف المصاب يجتاز هذه الفترة بحرجها وتوترها، وفي المجتمعات الشرقية هناك غموض مرتبط بالأمراض النفسية ويصل لذروته في حالة الزواج، وكلا الطرفين يخفي عن الآخر وأسرته أنه متعب نفسياً، ويزيد الأمور تعقيداً أن أسرته تدافع عنه وترى أن من حقه أن يتزوج وأن ما به من مرض سرعان ما سينتهي عند الزواج! إلا أن القضية تزداد تعقيداً لغموض المرض النفسي، فبعد الزواج تظهر حالات المرض النفسي الكامنة إذا أصيب الشخص بإثارة قوية لأعصابه، فيحطم ما أمامه، ولكن في أحيان أخرى قد تكون الأمور أسوأ حين يلحق الضرر بشريك الحياة».

 

Email