الاستثمارات العربية في الكرة الأوروبية

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

تعتبر أندية كرة القدم مجمعات رياضية اجتماعية يشرف على إدارتها مجموعة من المتفرغين لمصلحة أعضاء النادي والمجتمع الذي يعيشون فيه وليس كمؤسسة تجارية - واشترطت المجموعة على اللجنة المكلفة بإدارة النادي النأي بأنفسهم عن أي مصالح مادية أو نفعية من خلال هذه الإدارة لكن التحول من مسمى النادي بصورته هذه إلى ملكية محدودة خلال حقبة 1880 1890 وبحلول 1899 أصبح ممكناً أن يشتري عدد من المستثمرين جزءاً من ملكية النادي من أجل الربح. .

و مع تطور اللعبة وتوسع ممارستها كان لابد من تغير الحال وأصبحت الأندية الكروية تبحث عن تمويل لأنشطتها التي تعددت والتعقيدات التي صاحبت ذلك.

وإذا أرادت إدارة ناد ناجح وقادر على تحقيق البطولات يجب شراء النجوم الكبار وبأسعار باهظة، وهنا ظهرت الشركات القادرة على الانفاق من جهة ولتحقيق الأرباح من جهة أخرى، فتحولت اللعبة من مجرد أندية اجتماعية في الأحياء إلى استثمار هائل يدر المليارات على المتعاملين معه، وظهرت الشركات القابضة القادرة على تملك الأندية وليس أفراداً لا دراية لهم بهذا النوع من الاستثمار.

وفي كرة القدم الحديثة أصبح مثل هذا الاستثمار لا يقدر عليه سوى المليارديرات القادرين على الانفاق، لكنهم كذلك قادرون على تغيير وجهة كرة القدم القديمة إلى الأبد. فما الذي حدث لهذه اللعبة الشعبية الأولى وهل تحولت إلى ما يشبه الشركة تعطيها فتعطيك أكثر وتهملها فتتهاوى أنديتها كالأشجار القديمة.

 

 

في عام 1990 صدرت التقارير من الجهات المسؤولة عن نظام وقوانين كرة القدم تنص على تزويد مدرجات أندية الدرجتين الأولى والممتازة بحلول موسم 1994 1995، هذه التوصية تسببت في إرغام الأندية على مراجعة ميزانياتها والبحث عما وراء المصادر التقليدية للدخل إذا أرادت مواجهة هذا الالتزام، وهنا ظهرت الأهمية الاقتصادية لحقوق البث التلفزيوني والشركات الراعية وكلفة انتقال اللاعبين والنجوم بين الأندية.

أما أول تعامل أندية كرة القدم مع بورصة الأوراق المالية فحدث عام 1983 عند تعويم نادي توتنهام هوتسبيرز ولم يحدث تفاعل مماثل إلا بعد ثمانية أعوام ودخول كرة القدم فعلياً سوق الأوراق المالية والبورصة عندما تم تعويم نادي مانشستر يونايتد عام 1991.

الصفقة الهائلة التي تمت بين إدارة البريميرليغ وتلفزيون «بي سكاي بي» أدت إلى حصول الأندية على عائد هائل من حقوق البث التلفزيوني وبالتالي أدت إلى استثمار أضخم على انتقالات اللاعبين، وهذا أدى بدوره إلى جذب المزيد من المتفرجين الذين يشترون تذاكر المباريات عن طيب خاطر لمشاهدة هذا النجم أو ذاك.

هذا الواقع الجديد جعل المستثمرين ينتبهون جلياً لهذا النوع الجديد من البزنس.

❊ بحلول القرن العشرين ظهرت في الأفق فئة من أصحاب الثراء الخرافي خصوصاً بعد الطفرة التي حدثت في أسعار البترول وتركزها بكميات هائلة في منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي، وبدأ أثرياء العرب في الانتباه للجدوى الاقتصادية والأرباح الهائلة التي تحققها الأندية الأوروبية والتي تعاني غالبيتها من ضائقة مالية تجعل مسألة تملكها ميسورة ولا تكلف إلا مفاوضين من الطراز الرفيع ودفاتر شيكات مشرعة وعامرة بالمليارات.

❊ خلال الأعوام القليلة الماضية تضاعفت الاستثمارات العربية في كرة القدم الأوروبية وبحذر في بادئ الأمر، حيث اقتصرت الصفقات على شراء الأندية المتواضعة ذات الدخل المتواضع ومن أمثلتها نادي فولهام الذي اشتراه رجل الأعمال المصري محمد الفايد.

بعد ذلك دخلت المؤسسات العربية الثرية اللعبة لتحل محل الأفراد ومن أمثلتها المؤسسات الرسمية أو ممثلو العائلات المالكة التي عادة ما تعمل في الظل بواسطة عملاء موثوقين لكن الثروات المتاحة لهؤلاء جعلت دائرة تتوسع لتغطي جوانب الرياضة العالمية كافة. كذلك توسعت مصادر الدخل من عائدات الكرة نورد منها الأمثلة التالية:

ملكية الأندية

في عام 2008 قامت مجموعة أبوظبي للاستثمار والتطوير بشراء نادي مانشستر يونايتد الإنجليزي مقابل 230 مليون يورو.

وفي عام 2010 تملك المستثمر القطري عبدالله بن ناصر آل حمد آل ثاني نادي ملقة الاسباني مقابل 36 مليون يورو.

وفي 2011 اشترت الجمعية الملكية الإماراتية ومقرها في دبي نادي ختافي الاسباني بمبلغ قيل انه يتراوح ما بين 70 إلى 90 مليون يورو.

❊ تملكت مؤسسة قطر للاستثمار نادي باريس سان جيرمان في صفقتين عام 2011 و2012، وتملك النادي عقد مجموعة ضخمة من صفقات شراء وانتقال مجموعة من كبار نجوم اللعبة والمدربين والأجهزة الفنية.

عقود الرعاية

أول من دخل هذا النوع من الاستثمار كان شركة طيران الإمارات وبدأت اللعبة بصفقة رعاية نادي أرسنال اللندني الشهير مقابل 112 مليون يورو عام 2004، وشملت الصفقة حقوق التسمية، حيث أطلقت طيران الإمارات اسمها على ستار أرسنال الحديث تماماً الذي جرى افتتاحه عام 2006، كما ظهرت جملة «فلاي إمارات» على فانيلات الفريق.

❊ فعل القطريون الشيء نفسه عام 2010 عندما وقعت مؤسسة قطر عقداً لرعاية فريق برشلونة الاسباني مقابل 150 مليون يورو ليحل اسم «قطر فاونديشن» محل اسم الأمم المتحدة لتكسر بذلك سياسة تواصلت 111 عاماً من رفض برشلونة أي نوع من أنواع الرعاية.

❊ بعد ذلك في عام 2011 دعمت أبوظبي تعاونها مع نادي مانشستر سيتي بتوقيع عقد رعاية مع طيران الاتحاد لمدة 10 أعوام في صفقة بلغت 450 مليون يورو وتشمل رعاية قميص الفريق وإعادة تسمية استاد النادي بـ«استاد الاتحاد».

حقوق البث التلفزيوني

بعد تأسيس أضخم شبكة بث تلفزيوني رياضي في العالم العربي، بدأ تلفزيون الجزيرة في التعاقد على حقوق البث مع كرة القدم الأوروبية لتوسعة تغطيتها، ودخلت القناة القطرية منطقة الحقوق التلفزيونية الأوروبية عام 2011 في برنامج طموح بدأته بشراء حقوق بث الدوري الفرنسي من عام 2012 إلى 2016 مقابل 90 مليون يورو في العام، لتوجه بذلك ضربة قوية لأصحاب الحقوق «كنال بلوس»، بعد ذلك اشترت الجزيرة حقوق بث دوري أبطال أوروبا ويوروبا ليغ من عام 2012 وحتى 2015 ومعها بطولة «يورو 2012 ويورو 2016» وهي حالياً تتابع باهتمام عدد من الدوريات والبطولات الأخرى.

بينما يستهدف المستثمرون عادة الأندية المتواضعة أو الأندية ذات الطموح لتعيد وضعها في الطريق الصحيح مع إعادة الفريق إلى الأمجاد الغابرة وتحقيق البطولات، ومن أفضل الأمثلة على ذلك مانشستر سيتي الذي فاز بالبريمير ليغ موسم 2012 وباريس سان جيرمان المصنف ثانياً في الكرة الفرنسية وملقة المصنف رابعاً في اسبانيا.

رعاية دول الخليج العربية

يعتبر الخبراء حالياً أن طيران الإمارات وطيران الاتحاد ومؤسسة قطر هي أكبر الشركات الراعية لكرة القدم في العالم.

وتزامن الاستثمار من الشرق الأوسط مع معدلات قياسية من المداخيل المالية في كرة القدم الأوروبية، حسب ما أوردته مؤسسة «sport business group» في ديلويت، وأوردت المؤسسة المالية المرموقة في تقريرها الأخير إجمالي دخل أكبر 20 نادياً في العالم ارتفع بنسبة 3 في المئة ليتجاوز بذلك 6 مليارات دولار، ونسبة مقدرة من هذا المبلغ جاءت بسبب الاستثمارات من منطقة الخليج والشرق الأوسط.

أما إجمالي دخل السوق الأوروبية في كرة القدم فبلغت نسبة النمو فيه 4 في المئة وتعادل 16.9 مليار دولار موسم 2010 2011.

حقوق البث تعتبر المحرك الأساسي للدخل بنسبة 3 في المئة تعادل 4.1 مليارات دولار يلي ذلك الدخل التجاري.

ومن العشرين نادياً المذكورة استفادت خمسة منها كثيراً من حقوق رعاية الفانيلات من مؤسسات في منطقة الشرق الأوسط ومنها برشلونة وتعاقدها مع مؤسسة قطر وتعادل 40 مليون دولار في الموسم، وهذه الصفقة ساهمت في رفع معدل دخل النادي موسم 2010 2011 ليفوق 650 مليون دولار لأول مرة في تاريخ النادي مقللة الفارق مع ريال مدريد الغريم التقليدي الذي يتربع على قمة أندية العالم من حيث الدخل للسنة السابعة على التوالي.

❊ طيران الإمارات أكبر طيران عربي الراعي الرئيسي لأندية أوروبا الكروية إلى درجة أن تحول إلى أفضل علامة في ملاعب كرة القدم.

ويعتبر سمو الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم رئيس هيئة دبي للطيران المدني، رئيس مؤسسة مطارات دبي، الرئيس الأعلى الرئيس التنفيذي لطيران الإمارات والمجموعة، يعتبر صفقات الرعاية مهمة جداً بالنسبة للاستراتيجيات التسويقية في شركات الطيران، وعنها يقول: «تعتبر الرعاية من أحد أنجع الوسائل للتواصل مع الركاب والتي تمكننا من بناء علاقات قوية معهم».

وترعى طيران الإمارات حالياً أندية أرسنال الإنجليزي، ميلان الإيطالي، باريس سان جيرمان الفرنسي، هامبورغ الألماني، أولمبياكوس اليوناني وريال مدريد.

تركيز

طموح قطري متزايد

 

بينما يتركز اهتمام بقية المستثمرين من أنحاء العالم على تحقيق الكسب المادي، تبدو الاستثمارات القطرية أكثر اهتماماً بالقيمة الرياضية المضافة لهذه الاستثمارات وأكثر حرصاً على توسعة الثقافة الرياضية في ذلك البلد الصغير، ابتداءً من انشاء أكاديمة اسباير الرياضية عام 2005 لتشجيع المواهب الشابة على استضافة المناسبات الرياضية العالمية وعلى رأسها الحدث الأشهر والأكبر وهو نهائيات كأس العالم 2022.

Email