ثندر سنو.. الأسطورة الثانية

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

على فضائية دبيّ الرياضية عبّر صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبيّ، رعاه الله، عن مشاعره الصادقة الباهرة حين فاز الحصان الأسطورة «ثندر سنو» في سباق دبي العالميّ الرابع والعشرين، حيث عبّر عن ذلك بتلويح ومقصودة تُشبه رقصة الفرسان تعبّر عن لحظة الاعتزاز الغامر بهذا الإنجاز التاريخي لخيل صاحب السموّ، لنتذكر ذلك الفوز الرهيب الذي حققه الحصان الأسطورة «دبي ملينيوم» عام 2000 الذي لن يغادر ذاكرة صاحب السموّ، والذي خصّه بمقالتين فريدتين في كتابه الرائع «قصتي»، حيث أبدع سموّه في تصوير مدى حبه للخيل الذي يصل إلى حدّ التعلق، وعلى شاشة دبي الفضائية الرياضية أعاد صاحب السموّ هذه العلاقة المدهشة بينه وبين خيله الأصيلة، حيث ذكر أنّ العرب قديماً كانت تُدخل الخيل مع العيال حين تمطر الدنيا تعبيراً عن مدى الحب والعناية، لافتاً سموّه النظر إلى جفاف العلاقة بين المدربين المعاصرين وبين الخيل، حيث أشار صاحب السموّ، حفظه الله، إلى طبيعة علاقته مع خيله من خلال فكرة عميقة الحضور والتجذر في وجدانه خلاصتها: أنّ الخيل تعرف راعيها بحسب تعبير سموّه، بل ازداد الأمر إيضاحاً حين ذكر صاحب السموّ أن الخيل الأصيلة إذا مرض راعيها وأحضروا لها الطعام فإنها لا تأكل تعبيراً عن حزنها وتعاطفها مع فارسها، فضلاً عن أنّ الخيل الأصيلة إذا جُرِحَ فارسها فإنها لا تغادره بل تظل تحوم حوله حتى النهاية، طبعٌ أصيلٌ في الخيل الطيبة المباركة التي باركها الله وأقسم بها في كتابه، والّتي بشّرنا سيّدنا رسول الله ـــ صلّى الله عليه وسلّم ـــ بأنّ الخيل معقود في نواصيها الخير، وأحبّها صاحب السموّ وما زال يحبها ويناجيها كما يناجي الحبيب حبيبه:

مِنْ علّم الخيل أنْ باسمي تناديني

                    واني إذا جيت من البعد إتلقّاني

تفرح بقربي وتمازحني وتحيّيني

                   وإن غبت عنها على نارٍ إتريّاني

وتحسّ بي وبشعور تشمّم إيديني

                 يا كنّها في المشاعر نفس الإنساني

إنّ الكتابة عن هذا الإنجاز العظيم الذي تحقّق أول من أمس، تحت رعاية صاحب السموّ، لن تكون قادرة بأي شكل من الأشكال على نقل الروح القتالية التي تميّز بها هذا الحصان الباسل المذهل الذي امتطى صهوته الفارس المحترف كريستوف سوميلون، حيث أطاح بمجموعة نادرة من خيرة الخيول العالمية من بينها المهر الأمريكي الأشهر «جرونكووسكي»، الذي تنافس مع ثندر سنو حتى الرمق الأخير، لكن مهر صاحب السموّ كان هو الأقدر على تحقيق الفوز للمرة الثانية على التوالي، وفور الفوز هنّأ صاحب السموّ الشعب الإماراتي بهذا الفوز التاريخي، حيث قال: «مبروك فوز ثندر سنو لجودلفين بكأس دبيّ العالمي للخيول..»، كما كتب صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، على حسابه على موقع تويتر تهنئة خاصة بهذه المناسبة السعيدة قال فيها: «تهانينا لأخي محمد بن راشد فوز ثندر سنو لجودلفين بكأس دبيّ العالمي للخيول.. نجاحٌ متواصل تحصده هذه البطولة الراقية تنظيماً وحضوراً ومشاركةً وإثارةً.. يؤكد ريادة الدولة في هذا المضمار.. ستبقى الإمارات محُبّة وداعمة لرياضة الخيل وملتقى لفرسانها ومحبيها من مختلف دول العالم».

لقد لخّص صاحب السموّ الشيخ محمّد بن راشد آل مكتوم، حفظه الله، علاقته بالخيل بكلمة واحدة هي «الحبّ»، ولن يكون القلم قادراً على تحليل هذه العلاقة ورصد تجلياتها الرائعة إلا بعد التذوق العميق لكتابه الجديد «قصائدي في حب الخيل»، الذي سيضع بين أيدي الدارسين ومتذوقي شعر صاحب السمو، كامل القصة بكل ما فيها من أسرار ومخُبّآت، فالحديث عن الخيل عند صاحب السموّ هو حديث من أعماق أعماق القلب، ولعل قُرّاءَ كتابه الرائع «قصتي» يتذكرون بكثير من الشجن والروعة والدهشة قصة الحصان الأعظم دبي ملينيوم، التي كتبها صاحب السموّ بأسلوب أخّاذ يجذب القارئ ويضعه في قلب المشاعر الصادقة الفريدة التي ما زال صاحب السموّ يحتفظ بها لذلك الحصان الجامح الشجاع الذي انتزع الفوز في أحلك اللحظات وأكثرها إثارة، فلذلك خلّد صاحب السموّ ذكراه كحصان عزيز لا تنساه الذاكرة الوفية والقلب النبيل.

لكن ذلك لا يعني أنّ صاحب السموّ قد توقّف عند تلك الذكرى الطيبة لذلك الحصان، فهو يُصرّح بأنه ما زال يختار المهاري الصغار ويربّيها ويقدمها للسباقات العالمية، فبو راشد هو رائد الإنجاز والإبداع والتجدد، وها هي بصمته الخالدة تلوح على محُيّا دبيّ اللامعة التي أصبحت مدينة عالمية بفضل جهوده الجليلة في سبيل تقدمها ورفعتها وإسهامها في مسيرة الإنسانية نحو السلام والإبداع.

إنّ هذا الفوز التاريخي للوطن لم يكن مجرد فوز بحصان جامح أصيل على غيره من الخيول بل كان فوزاً للإمارات كلها من حيث فخامة شأن هذا السباق الذي يتسابق للدخول فيه كبار الدول العالمية التي تُعنى بالسلالات العريقة للخيل، كما كان فوزاً من حيث دقة التنظيم والحضور الباهر الكثيف للمتابعين، حيث حضره أكثر من سبعين ألف شخص ممن يعشقون هذه الرياضة العالمية الرائعة يتقدمهم صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، وولي عهده سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد، حفظه الله، الذي افتتح هذا السباق في دورته الرابعة والعشرين، مؤكداً مواصلة المسيرة التي يرعاها صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد بقلبه ووجدانه وعقله، فالخيل في ميزانه هي الحبّ الذي لا يتبدل على مرّ الأيام، فهو الفارس الذي تُحمحم الخيل حين تراه وتختال شوقاً إليه وحنيناً لطلعته البهية، وإحساسه بالحياة هو أقرب ما يكون إلى إحساس شاعر العرب أبي الطيب المتنبي، الذي كان يعشق الخيل ويفهم عليها أدقّ تفاصيل حياتها، بل كان يخلع صفاتها على حياته الشخصية لشدة التماهي بينه وبين حصانه، الذي يمرض لمرضه ويصحّ لصحته ويعبّر عن ذلك بقوله:

يقولُ لي الطبيبُ أكلتَ شيئا؟

                    وداؤك في شرابك والطعامِ

وما في طِبِّه أني جوادٌ

                    أضرّ بجسمه طول الجِمامِ

تعوّدَ أن يُغبّر في السرايا

                       ويدخلَ من قَتام في قتامِ

سيدي صاحب السموّ: أباركُ لكم وللوطن هذا الفوز الرائع المُستحَق، وأعتذر من سموّكم عن ضيق نطاق الكلام في هذه المناسبة الباهرة الخالدة في تاريخ الوطن، وما زالت هامتك مرفوعة بالمجد العالي، وبيارقك خفّاقة بالإنجاز تِلوَ الإنجاز، وعلى باب عِزّكم.

تقف الكلمات عاجزة عن التعبير، فطوبى للكلمات حين تتغنى بمجدكم السامي ومقامكم الرفيع:

يا فارس الخيل مالكها وراكبها

                البيد والخيل تعبتْ من طموحاتكْ

دنيا السعاده مِشتْ صُوبك مواكبها

                  يا هامة المجد فوق المجد راياتك

في حلبة المجد لك صولات كاسبها

                 يا مرافق سهيل مِبعِدْ في مسافاتك

حتى القصايد تِباهتْ وإنت كاتبها

                    يا سيدي منبع الإبداع في ذاتك

محظوظةٌ بك الدار يا فارس الدار وخضراء بك البلاد يا غيثها المِدرار سلامٌ على وجهك الحرّ الأصيل سلامٌ عليك وأنت تكتب مجد الوطن بعطر الخزامى وعبق العود الأصيل، وتنسج عباءته الثمينة من خيوط الصدق والوفاء والحرير.

Email