حكاية حلم

سر النجاح!

ت + ت - الحجم الطبيعي

كان في الحادية عشرة من عمره، عندما استغرق متأملاً في تلك الكلمة، التي كتبها مدرس اللغة ‏العربية في مدرسة الشعب الابتدائية بالشندغة.. خطها بنسخ كبير وسط السبورة السوداء، كلمة واحدة، لكنها تحمل معاني الحياة والبطولة، لجيل لم يعبر بعد، ‏سنوات الطفولة.

‏ شرد بذهنه، وهو يتابع المدرس، وقد وقف على باب الفصل، موجهاً نظره نحو سارية العلم، ‏في الفناء الرملي الفسيح، ومستديراً لما كتبه، وكأنه يمنح هذه الكلمة، وقتاً ‏لتتوغل في كيانات التلاميذ.. تفحص الطفل الأسمر الكلمة، وضع رأسه بين كفيه، واستند ‏بمرفقيه على طاولة الكتابة، وتساءل في نفسه عن معنى هذه الكلمة، ولماذا كتبها الأستاذ في بداية العام الدراسي الجديد؟.. هذا يومه الأول في هذه المدرسة، عقب ‏عودته مع عائلته من الكويت، حيث يعمل والده، وكان مع إخوانه في مدرسة صباح ‏الأحمد الابتدائية هناك.. الكلمة شغلته، هل هي عنوان لدرس في القراءة، أم مجرد ‏كلمة، لاختبار قدرات، تلاميذ في عمر البراءة؟

لحظات من التفكير العميق عاشها، قبل أن يعود المدرس، ويتحرك بين مقاعد التلاميذ، ‏ويسألهم: هل عرفتم معنى هذه الكلمة يا أولاد؟.. قال أحدهم: هي الطمع.. وقال آخر: التطلع.. وذكر ثالث إنها السعي.. ثم قام هو وقال: «هي الحلم» يا استاذ.. عندئذ.. ‏قال له المدرس: أحسنت يا بني.. كل ‏المعاني التي قيلت صحيحة، ولكن «الحلم»، هو المعنى البليغ الذي يعبر عنها.. ثم سأل الطفل: وما هو حلمك إذن؟.. رد ببراءة: حلمي الوحيد، أن أكون إنساناً ناجحاً.‏

يتذكر انه في هذا اليوم، عاد من المدرسة، منتشياً بمدح المدرس له، ولأول مرة وضع ‏لنفسه حلماً بسيطاً يدرك معانيه، وسر النجاح الذي يسعى إليه.‏

يستعيد ذاكرة الأيام الخوالي، حين يلتقي رفاقه، عقب ‏صلاة العصر، يتجمعون ويترقبون انسحاب الشمس، من فوق ‏بيوت حي المنيرة بدبي، ينطلقون للعب ‏الكرة، ومع حلمه، يتحرك إلى نادي النصر، ويتدرب عامين في الناشئين، وبناءً على نصيحة شقيقه الأكبر مبارك، يتحول مع رَبعه لنادي ‏الوصل، وفيه يحقق ما هو أكبر من النجاح، حيث يصبح الهداف التاريخي للدوري الإماراتي بـ 165هدفاً، وصاحب 7 ثلاثيات (هاتريك)، وهدافاً للدوري 3 ‏مرات، وهدافاً للعرب، ولدورة الخليج بالبحرين، ويشارك في كأس ‏العالم 1990.. ويحقق 6 ألقاب دوري، وكأس واحدة.. هكذا نجح في مسيرة، لم يسبقه فيها سابق، ولم يلحق به حتى الآن، لاحق.

كانت الكلمة هي: الطموح.. والتلميذ فهد خميس.‏

Email