خارطة طريق كرة الإمارات إلى القمة

ت + ت - الحجم الطبيعي

رغم الإمكانات والمقومات التي تتوفر لها إلا أن كرة القدم الإماراتية أندية ومنتخبات، ظلت تعاني تراجعاً مستمراً على مستوى النتائج الخارجية إقليمياً وقارياً ودولياً، وكان خروج الأبيض الإماراتي الحزين من كأس آسيا التي استضافتها الإمارات أخيراً امتداداً لحالة الإخفاق المستمر وإضافة للسنوات العجاف، ما أفرز واقعاً صعباً ومؤلماً في الشارع الرياضي الذي ظل يترقب وينتظر أن تنقشع سحب الإخفاقات المتجمعة منذ وقت طويل تحت سماء كرة القدم الإماراتية، وهو ما لم يتحقق إلا بتدخلات عاجلة ومدروسة تضع المسببات وأوجه القصور تحت مجهر البحث والتحري لاكتشاف الداء تمهيداً للدواء وذلك بتنفيذ استراتيجية تطويرية بعيدة الأمد كخارطة طريق إلى القمة واستعادة الأمجاد.

خطة

من جانبه، نادى المدرب العراقي الشهير عبد الوهاب عبد القادر، بضرورة فتح باب الاحتراف للاعب المواطن، في إطار تنفيذ خطة تطوير الكرة الإماراتية مبيناً أن الفوائد التي يمكن أن يعود بها المحترف من تجربته بالخارج ستعود بمكاسب فنية عظيمة للمنتخب مدللاً على ذلك بتجربة المنتخب العراقي الذي توج بكأس آسيا في وقت سابق من عام 2007 حيث كان معظم لاعبيه محترفين بالخارج، وكذلك المنتخب السوري والذي برغم معاناته إلا أنه خاض ملحق التصفيات الآسيوية وكان قريباً من التأهل إلى نهائيات كأس العالم، بسبب أن عدداً من لاعبيه محترفون في أندية خليجية وعربية.

ظروف

وقال المدرب العراقي: للأسف لا يوجد لدينا لاعب إماراتي محترف في الخارج برغم أن كل الظروف مهيأة ومتاحة له، والمشكلة الأكبر أن بعض اللاعبين يتعالون على المنتخب ويركزون على النادي، وبعضهم صاحب مزاجية وهذا أمر معيب لا ينبغي أن يتصف به لاعب كرة القدم، وبرغم أنه قد أقيمت العديد من الندوات والمحاضرات ووضعت البرامج الواضحة، لتطوير كرة القدم الإماراتية وإعادتها إلى مسارها الصحيح، إلا أن الأمور لم تمض على النحو المأمول، ولذلك لابد من الالتزام بالمنهجية وتضافر الجهود لأجل تنفيذ خطة تعيد البريق لكرة القدم الإماراتية، ولنا في تجربة المدرب مهدي علي أنموذج جيد فقد كانت لاستمرارية المنتخب الذي دربه من الناشئين والشباب والأولمبي وحتى الفريق الأول أثرها في النجاحات التي حققها الأبيض الإماراتي في ذلك الوقت والذي أفرز بعد ذلك العديد من اللاعبين الموهوبين، وفي كرة القدم في كل دول العالم يأتي جيل يصنع الفوارق، ولدينا هنا في الإمارات جيل 1990 على أيام عدنان الطلياني، وفهد خميس.

تحليل

يقول علي مسري: لاعب العين ومنتخبنا الوطني وعضو مجلس إدارة شركة كرة القدم بنادي العين السابق، إن أول خطوة لتطوير كرة القدم بالإمارات هي تحليل الوضع بطريقة صحيحة ومثالية تعتمد على تحليل نقاط الضعف والقوة وفرص التحسين والمخاطر، وفي نفس الوقت يجب أن نعرف على وجه التحديد أين موقعنا الحالي في الخارطة، وأين نريد أن نصل وقال: هناك عدد من النماذج الناجحة بالدول الآسيوية والأوروبية في تنفيذها لخطط التطوير، وعلينا أن نختار النموذج الذي يناسبنا من حيث الإمكانات والثقافة والتكوين الجيموغرافي بما في ذلك أعمار اللاعبين.

تطوير

أضاف: علينا أن نركز على تطوير المنتخبات والمسابقات وهما مرتبطان ارتباطاً مباشراً بالاتحاد لأنه لا يمكن تطوير جميع الأندية لأنها تختلف في قدراتها وإمكاناتها وثقافاتها وطموحاتها، ولكن لا يوجد من يختلف في أن يكون المنتخب في أفضل حالاته، وهناك عدد من العناصر الخاصة بالمسابقات يجب أن نضع خطة خاصة لتطوير كل عنصر منها وهي الإعلام، والمدربون، واللاعبون، والإداريون، والجماهير، بالإضافة إلى التسويق الذي يربط هذه العناصر ببعضها.

4

يعتمد نجاح الخطة التطويرية للنهوض بكرة القدم الإماراتية وبناء منتخب قوي على 4 عناصر رئيسة يجب توافرها والاعتياد عليها وهي زيادة معدل دقائق اللعب، وزيادة عدد المباريات، وفتح باب الاحتراف الخارجي للاعبين المواطنين لاكتساب الخبرات والاحتكاك مع لاعبين أقوياء.

20

في إطار خطة ممنهجة واستراتيجية طويلة الأمد لتطوير كرة القدم اليابانية مستهدفين المنتخب الأول على وجه التحديد، أرسل اليابانيون أكثر من 20 لاعباً للدوري البرازيلي وأمريكا الجنوبية منذ سن مبكرة، وكنتاج لهذه الخطة أصبح اليابانيون منذ 1999 ينافسون بقوة على بطولات الناشئين، وهو ما منحهم مؤشرا بأن خطتهم تمضي بصورة صحيحة وفي عام 2003 حصل المنتخب الياباني على كأس آسيا، ويمكن الاستعانة بالتجربة اليابانية للنهوض بكرة القدم الإماراتية، خصوصا وأن كثيراً من المقومات متوفرة بالإمارات.

54

يخوض اللاعب الأوروبي نحو 54 مباراة في الموسم الواحد، بما يعادل شهرياً من 5 إلى 6 مباريات وبمعدل دقائق تناهز الـ 66 دقيقة، فيما يصل عدد المباريات التي يخوضها اللاعب في الإمارات إلى 35 مباراة بما في ذلك البطولة الآسيوية مع الوضع في الاعتبار أن اللاعب الدولي لا يشارك في بطولة كأس الخليج العربي، كما أن بعض الأندية التي يتواجد بها لاعبون بالمنتخب لا تشارك في البطولة العربية، بيد أن مباراة واحدة في الدوري الأوروبي تعادل مباراتين قياساً على معدل دقائق اللعب في المباريات بالدوري المحلي.

علي حميد: فاقد الشيء لا يعطيه

يرى علي حميد، المعلق الرياضي الشهير، أن المشكلة التي تعاني منها كرة القدم الإماراتية كبيرة وتكمن في المنظومة كاملة، لافتاً إلى أن من يدير كرة القدم في كثير من الأندية لا علاقة له باللعبة من الأساس وبالتالي فإن فاقد الشيء لا يعطيه، وقال: يجب أن تكون لدينا رؤية واضحة وقصيرة المدى، بحيث تتعامل مع المرحلة الحالية، وفي نفس الوقت نضع خطة طويلة المدى تبدأ من المراحل السنية مدة عشر سنوات يكون قوامها لاعبون صغار أعمار 13 و14 سنة وخصوصاً أن دولتنا تحتشد بالمواهب ولكننا لا نملك من يصقلها ويؤهلها، وعلينا الابتعاد عن الصرف البذخي على أشباه المحترفين الذين انتهى عمرهم الافتراضي في الملاعب، فنحن نصرف بطريقة مبالغة كما يقول المثل (فلوس عمك ما تهمك)، وواصل: مع ذلك فنحن اليوم أصبحنا على هامش كرة القدم الإقليمية والقارية بعدما كنا في مقدمة الصفوف، وتراجعنا رغم ما لدينا من بنية تحتية غير موجودة في آسيا لأننا لم نوظفها كما ينبغي بسبب الفوضى والممارسات الخاطئة والتي وصلت إلى درجة أن بعض الأندية تضع ممرضاً في وظيفة طبيب الفريق لمجرد أنه يرتدي البالطو الأبيض.

مهدي علي: لا بد أن نعرف أين نقف أولاً

تحدث مهدي علي المدير الفني السابق لمنتخبنا الوطني، بشكل عام وخطوط عريضة، عن أهمية الاستراتيجية والتخطيط لبناء منتخب قادر على مقارعة الكبار، موضحاً أن الأمر يحتاج إلى شرح التفاصيل الدقيقة، مشيراً إلى أنه قبل البداية بالتخطيط للمستقبل ينبغي أن نعرف أين نقف نحن بالوقت الحالي، وبعد ذلك نحدد الطريق الذي يجب أن نسلكه لنصل إلى النقطة التي نريد الوصول إليها، وبعد كل فترة يجب أن نراجع مؤشرات الأداء لنعرف إن كان هناك تقدم أو تأخر، أم لا زلنا نراوح مكاننا.

تفاصيل كبيرة

وأضاف المدير الفني الأسبق لمنتخب الإمارات: الاستراتيجية بشكل عام تتعلق بتفاصيل كبيرة تبدأ من العام، مروراً بالتفاصيل الدقيقة وحتى الحصص التدريبية، وهذا أمر يطول شرحه والكلام فيه، لأننا يجب أن نتطرق للرؤية والرسالة والأهداف العامة والخاصة، ومؤشرات الأداء، والإطار العام، والخطط التدريبية، فنحن حالياً لدينا استراتيجية عامة، ولكن ليس هناك تفاصيل أو برامج تكتيكية على أرض الواقع، حيث لا توجد خطط تنفيذية، وبالتالي تصبح الاستراتيجية مجرد خطط عامة على الورق إذا لم يكن لديك خطط تنفيذية لهذه البرامج.

 

الأولمبي

الشباب

بالأرقام

05

إذا أردنا ضمان نجاح التجربة على كافة مستويات الأندية الإماراتية والمنتخبات الوطنية، يجب ان تتوافر 5 شروط من أجل تحقيق الهدف، الأول هو مراجعة مؤشر الأداء للوقوف على الإيجابيات والسلبيات، والثاني الحرص على الاستقرار الفني للمنتخبات أطول فترة ممكنة، وياتي الشرط الثالث متمثلاً في إرسال مدربين مواطنين إلى الخارج لاكتساب الخبرة والمعايشة، والشرط الرابع هو الاهتمام بالقاعدة والناشئين في الأكاديميات ومدارس الكرة، والاخير الالتزام بالتطبيق السليم للوائح والقوانين المنظمة للعبة.

2022

هناك أمثلة في التجارب اليابانية والبلجيكية والبرازيلية والتي تتوفر بها النقاط الرئيسة للحديث عن خارطة الطريق، فمثلاً الاتحاد الياباني عندما أراد تطوير كرة القدم ابتعد تماماً عن التداخل مع الأندية ذهب مباشرة إلى تطوير المنتخبات وكانت خطته قائمة من أجل هدفين رئيسين هما الوصول إلى كأس العالم، ومن ثم الحصول على اللقب العالمي عام 2022 وقد بدأ خطته منذ عشرين عاماً، بصناعة نماذج ناجحة داخل الدوري وقاموا بتجنيس لاعبين برازيليين، و كانوا يستهدفون من هذه الخطوة التأثير على اللاعبين الصغار.

حميد فاخر: المشكلة ليست في تغيير المدربين والأسماء

قال حميد فاخر لاعب العين ومنتخبنا الوطني السابق والمحلل الفني الحالي: من وجهة نظري المشكلة ليست في تغيير المدربين والأسماء بقدر ما هي في طريقة العمل والتي يجب أن نستبدلها، ونتأمل خيراً في الاتحاد الجديد ببناء خطة وآلية عمل للمستقبل، ولا يستعجل النتائج والبطولات فهو لا يملك عصا سحرية لتغيير الواقع بين يوم وليلة، ولكن هذا لا يمنع أن يكون هناك تركيز على إعداد المنتخب الحالي بصورة تجعله قادراً على تحقيق حلم الوصول إلى نهائيات كأس العالم 2022.

خطط البناء

وأوضح حميد فاخر، أن خطط البناء قصيرة الأمد أثبتت عدم فاعليتها مع عناصر اللعبة وهي المدرب والإدارة، واللاعبون، والطاقم الطبي، والدليل تغيير عدد من المدربين دون أي تطور وقال: يجب اعتماد خطط بعيدة الأمد تطبق على الجيل القادم وتعدّه إعداداً احترافياً على غرار جيل جمعة ربيع، ومحمد خلفان الرميثي، والذي استمر عليه بعد ذلك مهدي علي ويوسف السركال، حيث أفرز لنا فريقاً متميزاً قدم مردوداً مرضياً للشارع الرياضي حتى وإن لم يتحقق الهدف الكبير بالتأهل إلى نهائيات كأس العالم.

عيد باروت: التخطيط طريق القمة

شدد المدرب الوطني عيد باروت، على أهمية وضرورة تنفيذ خطط مستقبلية بعيدة الأمد من أجل تطوير كرة القدم الإماراتية والنهوض بها إلى مصاف الكبار في آسيا، موضحاً أن التخطيط على مدى بعيد تكون نتائجه في الغالب إيجابية وثابتة على مستوى الأندية أو الاتحاد، ويعيد كرة القدم إلى مكانها في القمة، وهو ما يؤدي إلى تطور مستوى اللاعبين فنياً وبدنياً، كما يطور المسابقات والحكام والكوادر الوطنية المهملة بالتدريب، فهذه العناصر جميعها تكمل بعضها، بما يجعل الأمر لا يرتبط فقط بتغيير الاتحاد أو الجهاز الفني، بيد أن المنظومة متكاملة وعلينا أن نعمل على تطوير كل عناصرها بداية من الأكاديميات والمدارس، وزيادة الأندية والمسابقات، وزيادة معدل دقائق اللعب أثناء المباريات.

وقال باروت: إذا أردنا التطوير يجب أن نعهد بالأمر إلى الكفاءات الإدارية والفنية التي تعرف أسرار اللعبة، ويجب أن نخطط على مستوى بعيد.

الحاي جمعة: اعطوا الخبز لخبازه

يعتقد الحاي جمعة، المدير الفني لأكاديمية نادي الوحدة، أن كرة القدم الإماراتية تحتاج لاستراتيجية طويلة المدى، بشرط أن يترك المجال لأصحاب التخصص عملاً بمبدأ (اعطِ الخبز لخبازه)، وأن يلتزم كل مسؤول حدود مسؤولياته ويبتعد عن التدخل في شؤون غيره، وقال: لا بد من أن يمتلك المسؤول الفني الخبرة والقدرات التي تساعده على تحقيق الهدف المنشود، كما ينبغي أن تكون مدة التعاقد مع المدرب أو الإداري فترة طويلة حتى يجد الفرصة لتنفيذ أفكاره وإنزالها أرض الواقع، ومن الأفضل الاعتماد على الكوادر المواطنة أو المدربين العرب لتدريب المراحل السنية لأنهم الأقرب لثقافة ولغة اللاعبين الصغار.

وقال: من وجهة نظري يجب أن تستمر خطة التطوير 6 سنوات أو 7 على أن يكون التركيز خلال هذه الفترة على رفع المستوى الفني والبدني بالاحتكاك وخوض المباريات لاكتساب الخبرات اللازمة بعيداً عن النتائج، ومن المهم جداً العمل على أن يتقن اللاعب التمارين كيفاً لا كماً، فمن الأفضل له أن يتقن 10 أنواع من التدريبات ويجيدها على أن يتعلم 30 نوعاً ولا يتقنها.

توصيات

01وضع استراتيجية بعيدة الأمد مع تحديد الهدف

02فتح باب الاحتراف الخارجي للاعبين المواطنين

03ابتعاث الناشئ المتميز إلى الأندية العالمية

04تطوير المسابقات بزيادة عدد المباريات ودقائق اللعب

05تطوير المنتخبات والاعتماد على الكفاءات الفنية والإدارية

حرصا على تعميم الفائدة ننشر لكم صفحات البيان المخصصة بنظام " بي دي إف  "ولمشاهدتها يكفي الضغط هنا

Email