أفعال خطرة
هل يجوز للمدرب، أي مدرب، ان يتجاوز حدود أعماله المناطة به في العقد المبرم مع النادي الذي يعمل به؟ وهل يجوز له ان يوسع دائرة التعامل الخاصة به كمدرب؟ فهو يتعامل مع اللاعبين وزملائه بالجهاز الفني والفريق الطبي المعاون والقطاع الإداري، فإذا خرق هذا النظام وتحول إلى التعاطي مع أفعال ذات صبغة سياسية يمكن ان تؤثر سلباً على المجتمع ماذا يعني ذلك؟
إدارة النادي الأهلي المصري فوجئت بملاحظات من قيادة أمنية رفيعة بالعمل على إيقاف تجاوزات المدرب البرتغالي مانويل جوزيه الذي ارتدى قميصاً خلال إحدى المباريات الرسمية يحمل صورة أحد مشجعي الأهلي توفى في المصادمات التي جرت بمنطقة القصر العيني وأسفرت عن تخريب وتدمير المركز المصري للوثائق، ويحمل عبارات ذات بعد سياسي لا يجوز ترديده في ملاعب رياضية، وكانت مفاجأة اضطر معها النادي إلى الاعتراف بالخطأ الجسيم للمدرب وتبين انه دفع زميليه البرتغاليين إلى ارتداء القميص نفسه في الوقت الذي رفض مدير الكرة والمدربين المواطنين ذلك.
النادي الأهلي حقق في الواقعة ووجه لفت نظر لكل المخطئين وإلى مدير الكرة باعتباره مسؤولاً عنهم وكان يجب إحاطة إدارة النادي قبل الإقدام على هذا التصرف غير المسؤول، وهذه قضية تطرح نفسها على الجميع ففي جميع دول العالم لا يجوز الزج بين الرياضة والسياسة، والاتحاد الدولي يتشدد للغاية في هذه المسألة حتى لا تصبح الملاعب ساحة للمساجلات السياسية، ولا يجوز للأجنبي العامل في أي دولة تجاوز الحدود المسموحة له في عمله، ولذلك تحصل منظمات الحقوق المدنية وحقوق الإنسان على موافقة الدول التي تعمل بها.
لكن لا يجوز لمدرب رياضي، خاصة إذا كان غير مواطن، ان يجتمع مع قيادات الالتراس ويفتح قنوات اتصالات معهم حتى لو كان من أجل جمع المشجعين حوله، فهو يتجاوز الحدود المسموحة له كمدرب ويدخل إلى دائرة الأفعال الخطرة، وربما نلتمس للرجل بعض العذر في تصرفه الأخير وانه ارتدى القميص تعاطفاً مع المشجع المتوفى، إرضاءً لرابطة المشجعين وضماناً لمساندتهم له، لكنه بالقطع لم يتنبه إلى كونه مدرباً يتمتع بشعبية جارفة تنبع من الشعبية التي يتمتع بها النادي الأهلي، وبالتالي فإن تصرفاته محسوبة عليه وتتحول إلى قنبلة قابلة للاشتعال إذا خانه ذكاءه وارتضى اللعب بالنار.
المدرب يظل مدرباً داخل المستطيل الأخضر، ولكن في بلد يموج بالأحداث والتيارات العاصفة والانقسامات العاتية تصبح أفعاله خطرة إذا زج بنفسه في دائرة لا يجوز ان يقترب منها خاصة إذا كان أجنبياً لا يملك حق المواطنة.
