أوجاع وطن

ت + ت - الحجم الطبيعي

تنزف مصر هذه الأيام وتغرق في محيط لا حدود له من الأوجاع وتذرف دموعاً حزينة شديدة المرارة لما يحدث بين أبناء الوطن الواحد، ويتحول المشهد إلى صورة ناطقة لواقع مؤسف سوف يسجل في التاريخ، الأخ يواجه شقيقه، والانفلات ينتشر وسط أجواء من التحريض والتشفي والعدوانية وكراهية الذات.

وتلمح في زحام الشارع علامات الاكتئاب والاحباط وتشعر بالقلق والخوف لغياب الأمان وتفشي روح التسيب والبلطجة دون رادع من سلطة ودون احترام لنظام، وتلمس بوضوح تيارا جارفا حولك لكسر هيبة الدولة بمباركة وتأييد مذهل من فضائيات تنتهز الكارثة لتحقيق أفدح المكاسب، وأنظر في عيون من حولي وأرى بريق الدموع يأسا وعجزا إزاء طوفان الفوضى الجارفة المدمرة.

مصر تتمزق بفعل فاعل وبتحريض سافر ورغبة في تحطيم معالمها وإزالة بريقها وإهدار قيمتها التاريخية والثقافية، وتزداد الاوجاع بعد إشعال المركز العلمي للوثائق وإتلاف ذاكرة الأمة ومسح ابداعاتها، بأيدي جهلاء أصحاب نوازع شريرة تضمر الحقد والكراهية ضد الوطن والمجتمع، وفي خضم لوعة الأحزان على تدمير التاريخ والعقل المصري، يقدم صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة مبادرة نبيلة تحمل في طياتها الامل ، بتحمل تكلفة ترميم مقر المركز المحترق، وتعويضه الخسارة الثقافية الجسيمة بإهداء الكتب والمخطوطات الاصلية عوضاً عما احترق، بما فيها خرائط الامير يوسف كمال النادرة عن الوطن العربي والتي لا يوجد لها نسخ مماثلة، سوى في مكتبته الشخصية.

ويرطب الدكتور سلطان الاوجاع بمقوله مؤثرة «ما يصيب مصر يصيبنا» ويتذكر البعثة التعليمية المصرية التي وطأت أقدامها أرض الشارقة عام 1954 على نفقة الدولة المصرية لتقدم العون الى شباب هذه المنطقة وتزرع بذور العلم والثقافة والوفاء هدية من أبناء الكنانة.

المشاعر الطيبة تعني الكثير لنا في هذه المحنة الحقيقية التي تعيشها مصر، وتبدو الصورة مغرقة في التناقض في اتساع الفجوة بين ابناء الشعب الواحد، بين قلة تشعل وتحرض وتخرب لكنها الاعلى صوتاً فى وسائل الاعلام، وأغلبية غير راضية عن انحراف الثورة، وبين هذا وذاك يرتفع الانين والبكاء على أوجاع هذا الوطن الغالي.

Email