الدوري والبورصة

ت + ت - الحجم الطبيعي

يعود الدوري المصري لكرة القدم والقلق يساور الجميع والسؤال الخفي يطرح نفسه: هل يكتمل؟ أو بشكل آخر متى يتوقف ولماذا؟ ولأول مرة في تاريخ الكرة المصرية، يبدأ الدوري دون أن تصاحبه توقعات حول المنافسة وقوتها، ومن يمكنه التفوق الأهلي أم الزمالك؟

 ولم اقرأ أو أسمع تقييما فنيا حول استعدادات الأندية وقدرتها على خوض الدوري الأطول والأعنف، ولم أشاهد من يشرح تداعيات قرار إلغاء الهبوط الذي صدر، لأسباب اختلط فيها الصالح العام بالخاص، ولم أفهم كيف يقام الدوري بمشاركة 19 فريقاً، وفي كل جولة يستريح أحدهم لالتقاط الأنفاس والمشاهدة.

ولأول مرة ينطلق الدوري في نسخته رقم 55 ، والتساؤل الأهم هو كيف تستمر المباريات في ظل الأجواء المحتقنة والخانقة التي تظلل سماء مصرنا الحبيبة منذ ثورة 25 يناير؟! وهل تتحمل منظومة الأمن في البلاد توالي المباريات بين الفرق ذات الشعبية التاريخية، وهل تقدر على مواجهة السلوك الشاذ الذي أصبح سمة مؤسفة لنسبة لا بأس بها من الجماهير "المودرن" أو من يطلق عليهم "التراس"؟ وهل حسبنا الحسبة جيداً، في أساليب السيطرة على المباريات ليس في المواجهات التي يكون الأهلي والزمالك طرفاً فيها، بل في ملاعب الأقاليم الإسماعيلية وبورسعيد والإسكندرية، وأخيراً المحلة التي عادت إلى الدوري بعد غياب قصير؟

وفي ظني أن الدوري في هذه الظروف الحالكة، يعد مخاطرة ندعو الله أن يبعدنا عنها، فالقضية ليست في تداعيات الانفلات الجماهيري في المدرجات، في مواجهة نظام أمني يحاول أن يستعيد ثباته، ولكن الخطورة تكمن في انعكاس حوادث الملاعب، على الاقتصاد المصري، وليس بعيداً هبوط مؤشرات البورصة ثلاث درجات في اليوم التالي، لحوادث مباراة الأهلي مع كيما أسوان.

وما أعقبها من تراجع النشاط الاقتصادي والسياحي، وانتقال المشكلة بشكل مخطط إلى ميدان التحرير، ومقر وزارة الداخلية، ثم السفارة الإسرائيلية، والقلق ليس هواجس مبالغا فيها، بل وجدته مجسداً في تصريحات أدلى بها سمير زاهر رئيس الاتحاد، مبدياً تخوفه من احتمالات وقوع مشاكل، خلال المباريات التي تصعب مواجهتها أمنياً.

ونحن نتفهم هذا المنطق، ونتمنى بداية طيبة للدوري، لعلنا ننسى ما حدث ليلة (أحد الغضب)، ولا يهم من يفوز ومن يخسر لكن المهم انتهاء كل مباراة بخير دون وقوع إصابات، إلى هذا الحد تراجعت أحلامنا، لكن لا بأس، فنجاح الدوري سيكون مقياساً، لعودة بعض التماسك إلى جسد الوطن المتهالك الحزين، ونحن نتفهم، بل نرى ضرورة عودة الضمير إلى الإعلام الرياضي التليفزيوني تحديداً، لأنه اكثر تأثيراً.

ونتمنى من البرامج التي انتشرت مثل الصحف الورقية التي لا تعد ولا تحصى، الالتزام بحماية البلد من غوغاء التعصب الكريه، وعدم المبالغة والبعد عن المغالاة في مشاعر الغضب والفرح والفوز والهزيمة، والإعلام يحمل على عاتقه مسؤولية كبرى اشك انه قادر على الوفاء بها.

ومشكلتنا الأخيرة مع من يدعون انتماءهم للثورة ويبررون الأخطاء والتجاوزات بتوجيه الاتهام إلى من يطلق عليهم الفلول، لقد أصبح وسيلة للهروب من المسؤولية، وشماعة جاهزة لاتهام الشرفاء، والدوري الكروي يعود لكن نعود إلى السؤال الأول: إلى متى؟

Email