يقولون في كرة القدم إن الدفاع خير وسيلة للهجوم، وربما شكك كثيرون في القول، معتبرينه يأخذ كرة القدم إلى طريق من الخطط الدفاعية المفسدة لجماليات اللعبة، ولكن في الوقت ذاته يجمع الخبراء على أن فريقاً قوي الدفاعات، ومتوسطاً في مستوى الهجوم يمكنه أن يمضي قدماً في البطولات الكبرى، وهذا الأمر ظهر كثيراً مع منتخب البرتغال وإيطاليا والدنمارك في العديد من بطولات العالم وكأس الأمم الأوروبية، بينما الفرق التي تمتلك هجوماً نارياً ودفاعات ضعيفة لا يشهد التاريخ على حالات تدلل على إمكانية وصولها لمستويات عالية أو المنافسة على الألقاب.

والمنتخب المصري الذي يلعب في ثمن نهائي كأس الأمم الأفريقية مساء الأحد، دخل مرماه 6 أهداف في 3 مباريات لعبها بالدور الأول للبطولة، وإذا كان ذلك دليلاً قاطعاً على ضعف دفاعات الفريق، فإحرازه لـ6 أهداف ليس دليلاً على قوة هجومه الخارقة، خاصة إذا ما اقترن الأمر بكونه لم يلتق منتخبات من التصنيف الأول بعد.

ولا يملك المنتخب المصري غير الفوز الآن، فإن كان قد صعد لثمن النهائي دون تحقيق أي انتصار، وتعادله في المباريات الثلاث بنفس النتيجة 2-2، فإن خيار التعادل لم يعد متاحاً في الأدوار الإقصائية، وإن كان المنتخب قد بدأ البطولة الأفريقية بكامل قوته وعتاده فهو الآن بعد 3 مباريات فقد 3 عناصر أساسية من الفريق، الأول كان النجم الكبير محمد صلاح المحترف في ليفربول الإنجليزي، والذي أصيب بشد في العضلة الخلفية وغادر كوت ديفوار لاستكمال العلاج في إنجلترا، وحارس المرمى محمد الشناوي الذي ودع البطولة رسمياً بإصابته بخلع في الكتف يتطلب علاجاً لفترة طويلة، وثالث اللاعبين إمام عاشور لاعب الوسط الذي أصيب بارتجاج في المخ يجعله غير جاهز للعب قبل ربع النهائي في حال صعود منتخب مصر لذلك الدور.

وسبق والتقى منتخبا مصر والكونغو الديمقراطية 4 مرات لحساب البطولة، ففازت مصر ثلاث مرات آخرها في 2019 في القاهرة 2-0، فيما فازت الكونغو حين كانت تلعب باسم زائير 3-2 في بطولة 1974 في القاهرة أيضاً..
ومن المتوقع أنّ يشارك الحارس البديل محمد أبو جبل بدل الشناوي، في سيناريو مماثل لما حدث في بطولة 2021 وشهد تألقاً لافتاً من الحارس المُلقب بـ«غباسكي».

ويعاني المنتخب المصري كثيراً على المستوى الدفاعي، وهو الأمر الذي لم يصلحه المدرب البرتغالي روي فيتوريا بعد مباراة موزامبيق الأولى، ودخول هدفين لمرماه، ولا بعد الثانية أو الثالثة اللتين شهدتا السيناريو ذاته، لذلك فربما تكون الآمال المصرية خافتة في قدرته على إصلاح تركيبة خط دفاعه المخترقة، ولكن فيتوريا قال في المؤتمر الصحافي قبل لقاء الكونغو «نعاني من إصابات كثيرة من بداية المعسكر الإعدادي لأمم أفريقيا وأشياء غريبة» مشيراً إلى إصابة المدافع أسامة جلال ولاعب الوسط أحمد كوكا قبل انطلاق البطولة واستبعادهما.

وتلقت شباك مصر في 3 مباريات ما يعادل مجموع ما تلقته في جميع مبارياتها خلال النسخ الثلاث الماضية أعوام 2017 (3 أهداف حين حلت وصيفة)، 2019 (هدف واحد وخرجت من ثمن النهائي) و2021 (هدفان ووصلت إلى النهائي).

وهو ما وصفه المشرف على المنتخب وعضو اتحاد الكرة المصري حازم إمام بـ«اللغز» الذي سيعمل «المدرب على إصلاحه».

وقال إمام، الفائز بالبطولة عام 1998: «حقيقة، لا أعلم سبب المشكلة. هناك لغز غريب جداً».

ولحين حل فيتوريا وحازم إمام للغز، فلم يعد المنتخب المصري المعروف بشخصيته الدفاعية كسابق عهده دفاعياً، رغم أن العناصر المشاركة أغلبها ليس جديداً على المنتخب، وإنما طريقة توظيف المدرب للاعبين، والتغطية من لاعبي المركزين رقم 6 و8، تعد اللغز الحقيقي، وهما اللاعبان اللذان غيرهما روي فيتوريا في كل مباراة، فالمباراة الأولى بدأ بحمدي فتحي في مركز 8 وخلفه لاعب أرسنال الإنجليزي محمد النني 6، ولم يكن الأداء جيداً، وفي المباراة الثانية بدأ بالثنائي نفسه ثم غير النني في الشوط الثاني بإمام عاشور الذي لعب في مركز 8 ليعود حمدي فتحي للعب في مركز 6، لينفتح الدفاع المصري ويصبح خط الظهر مستباحاً.

وفي آخر مباريات الفريق لعب روي فيتوريا بحمدي فتحي في مركز 8، وخلفه مروان عطية في مركز 6، والأخير أظهر بعضاً من الثبات والاستقرار في وسط ملعب المنتخب المصري، إلا أنه في المجمل حمدي فتحي كان نقطة ضعف أساسية في تشكيل المنتخب المصري، وهو العنصر الثابت في كل مباريات المنتخب بالبطولة، ولم يفلح في مركز 6 أو 8، وإن كان لعبه في مركز 6 كارثة بكل المقاييس، وبالتالي فعلى الأغلب «6» هو كلمة السر كمركز هو الأهم في ضبط الإيقاع الدفاعي للمنتخب المصري، خاصة أننا سجلنا 6 أهداف ودخل مرمانا مثلهم، وبالتالي فـ«6» ربما تكون كلمة السر الحقيقية لإعادة المنتخب المصري إلى درب الانتصارات الغائبة عنه من بداية البطولة.