رياضة المرأة مساواة وتوازن

قبل أسابيع قليلة، قام توماس باخ رئيس اللجنة الأولمبية الدولية، بالاحتفال بتعيين عدد متساوٍ من النساء والرجال في اللجنة، واعتبر أن هذا يمثل معلماً تاريخياً في جهود اللجنة لزيادة التوازن بين الجنسين على مستوى إدارتها، ويتوافق مع توصية رئيسية للأجندة الأولمبية لعام 2020، وأكد أنه يسهم في الهدف الأوسع للجنة الأولمبية الدولية، والمتمثل في تعزيز المساواة بين الجنسين والدمج في جميع أنحاء الحركة الرياضية.

لا تقل طموحات اللجنة الأولمبية الدولية عن تطلعات المرأة الإماراتية في مجال الرياضة، وخصوصاً بعدما حققت رياضة المرأة نهضة كبيرة نتاجاً لرحلة صعود استمرت سنوات طويلة، وذلك بفضل الكثير من الاهتمام والرعاية والدعم من القيادة الرشيدة، ووجود كفاءات إدارية ومهارية قادرة على التخطيط الاستراتيجي للمستقبل، وهو ما أسهم في تحقيق المرأة الإماراتية للكثير من الإنجازات، وتبوؤ مكانة مرموقة على المستوى العالمي في العديد من الألعاب الرياضية.

ولعل من أبرز الجهات القائدة لتطوير رياضة المرأة في الدولة، الهيئة العامة للرياضة، واللجنة الأولمبية الوطنية، وكذلك أكاديمية فاطمة بنت مبارك للرياضة النسائية التي تأسست في أكتوبر 2010، ونجحت برعاية ودعم «أم الإمارات» سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، في نشر وتيسير الرياضة النسائية في الإمارات من خلال تنظيم العديد من البطولات الرياضية في مختلف الألعاب.

تعزيز

كما كان للجنة المرأة والرياضة في مجلس دبي الرياضي دورها في تعزيز الحركة الرياضية، بنجاحها خلال سنوات عملها في تحويل الرياضة إلى عنصر أساسي في الحياة اليومية للمرأة الإماراتية، وساعدتها على تبني أسلوب حياة صحية، من خلال تشجيع المرأة في الإمارات بشكل عام، ودبي بصورة خاصة، على ممارسة الرياضة من خلال العديد من الأحداث الرياضية المتخصصة برياضة المرأة، ومنها دورة الشيخة هند للألعاب الرياضية للسيدات، والتي انطلقت نسختها الأولى عام 2012.

من الجهات المساهمة في الارتقاء بالرياضة النسائية في الدولة أيضاً، مؤسسة الشارقة لرياضة المرأة، برئاسة قرينة صاحب السمو حاكم الشارقة، سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، إذ تمكنت المؤسسة من تنظيم العديد من الفعاليات الرياضية المهمة، وفي مقدمتها دورة الأندية العربية للسيدات، والتي تقام كل عامين بداية من عام 2012.

مسيرة

وتؤمن الجهات الداعمة للرياضة النسائية في الدولة، أن المرأة الإماراتية شريك فاعل في مسيرة التنمية الرياضية، وأن من الواجب تمكينها وإعطاؤها الفرصة للعمل والإبداع في مجال اقتصر لسنوات طويلة على الرجل، وبالفعل تمسكت المرأة الإماراتية بتلك الفرصة، ونجحت في تحقيق العديد من الإنجازات، ومن أهمها الوصول إلى مناصب إدارية مهمة على صعيد العمل الرياضي، مثل رئاسة كل من الدكتورة مي الجابر لاتحاد الريشة الطائرة الإماراتي، والدكتورة هدى المطروشي لاتحاد الخماسي الحديث، والدكتورة آمنة المازمي لاتحاد النت بول.

كما نجحت الرياضية الإماراتية في فرض شخصيتها من خلال النتائج والإنجازات التنافسية، وتفوقن في العديد من المحافل الخارجية، ووصلن إلى منصات التتويج، ومنهن على سبيل المثال، سارة العمري صاحبة أول ميدالية ذهبية آسيوية في تاريخ كاراتيه الإمارات، والرامية فاطمة محمد الفائزة بالميدالية الفضية العربية في رماية الأطباق للسيدات، والملاكمة حنان الزيودي الفائزة للإمارات بأول ميدالية برونزية آسيوية في الملاكمة.

كفاءة

عن الحركة الرياضية النسائية في الإمارات، وإنجاز اللجنة الأولمبية الدولية بالمساواة في المناصب الإدارية بين النساء والرجال في لجان اللجنة، تقول المهندسة مجد البلوشي عضو مجلس إدارة اتحاد كرة الطاولة رئيسة اللجنة النسائية: «ليس من المهم أن يكون هناك تساو في المناصب بين المرأة والرجل في المناصب الإدارية، والأهم من وجهة نظري، أن تكون الكفاءة هي المعيار في الاختيار والتكليف، والعدالة في توزيع المناصب والحقائب، وباختصار، من المهم التركيز على كفاءة العنصر سواء كان سيدة أو رجلاً، وليس المهم العدد».

وأضافت: «من المهم في توزيع المناصب أيضاً، مدى الصلاحيات التي تم إعطاؤها للعنصر النسائي، ومدى تقبل الرجل، وإعطاء المرأة حقوقها كرياضية وقيادية، ومع هذا أعتبر أن المساواة في العدد شيء جميل، وبادرة رائعة من اللجنة الأولمبية الدولية، وهو أمر يعزز من حضور المرأة، ويمنحها الفرصة لإثبات جدارتها من خلال دعم بعضهن، والتركيز على الجوانب التي تكمل من دور وحضور الرجل، لأنه في النهاية هناك تكامل في الأدوار بين الرجل والمرأة في كل مجالات الحياة، ومنها المجال الرياضي». وأكملت: «دولة الإمارات بدأت منذ سنوات طويلة في تقليد العنصر النسائي للمناصب القيادية التي تستحقها، وبدأت في وضع التشريعات والقوانين التي تسهم في التوازن بين جميع فئات المجتمع، بهدف تحقيق التوازن بين الجنسين أكثر من مبدأ المساواة في الأعداد، لأنه كما سبق وأكدت أن التساوي ليس ضرورياً، والأهم الكفاءة والعدالة في توزيع المناصب والحقائب الإدارية».

توجيهات

من جانبها، قالت أحلام حسن سالم عضو مجلس إدارة اتحاد ألعاب القوى رئيسة اللجنة النسائية في الاتحاد: «تسير كل جوانب الحياة في دولة الإمارات وفق توجيهات القيادة الرشيدة، ومنذ سنوات طويلة، وتنفيذ المساواة بين المرأة والرجال في كل المجالات يتم وفق آلية مدروسة وناجحة، وهو الأمر الذي امتد إلى المجال الرياضي حتى أصبحنا نرى المرأة تتصدر المشهد في العديد من الأحداث والمناصب الرياضية المهمة، كخطوة ضمن خطوات كثيرة على هذا الطريق، وينتظر أن تتبعها خطوات أخرى».

وأضافت: «الإمارات غنية بالموهوبات، وسبق أن حققت لاعباتنا إنجازات خليجية وعربية وقارية، وبالتالي فمن المنطقي رفع سقف الطموحات، ونحن نسعى من خلال عملنا كلجنة نسائية في اتحاد ألعاب القوى الإماراتي إلى اكتشاف الموهوبات، وتوفير الرعاية المناسبة لصقلهن والوصول بهن إلى أعلى المستويات، ونحن نجد في الحقيقة تعاوناً كاملاً ومساندة من الأندية، مع توسع في قاعدة ممارسة المرأة لمسابقات وسباقات ألعاب القوى في الدولة، وللمرة الأولى، أصبح لدينا ناد متخصص لأم الألعاب في أبوظبي، وهو الأمر الذي يزيد من فرص الفتاة الإماراتية في التفوق الرياضي».

تطور

فيما قالت نورة الحمر عضو مجلس إدارة اتحاد الإمارات للكرة الطائرة رئيس اللجنة النسائية والمدرسية: «المجتمع الإماراتي غير نظرته للمرأة الرياضية، وأصبح في الوقت الحالي هناك تقبل كبير لممارسة المرأة للرياضة، وهو ما انعكس على زيادة عدد ممارسات الألعاب الرياضية في الأندية والمنتخبات الوطنية، وهو توجه كان متوقعاً مع تطور الدولة في كل مجالات الحياة، وازدياد الدور المجتمعي المهم الذي تقوم به المرأة حالياً، إلا أن المرأة الإماراتية لا تزال تحتاج إلى وقت طويل قبل أن تتساوى مع الرجل في قوة المسابقات المحلية».

يذكر أنه يوجد 546 منصباً في لجان اللجنة الأولمبية الدولية، وبات الآن يشغلها 273 رجلاً، و273 امرأة، وتلعب لجان اللجنة الأولمبية الدولية دوراً حيوياً في عمل المنظمة، مع التركيز على مجالات محددة، وتقديم توصيات إلى رئيس اللجنة الأولمبية الدولية، والمجلس التنفيذي. ويتبع التوازن الكامل بين الجنسين في لجان اللجنة الأولمبية الدولية، ما حققته اللجنة بالفعل في ميدان اللعب في دورة الألعاب الأولمبية في العاصمة اليابانية طوكيو 2020، إذ مثلت النساء 48 % من المتنافسين في أكثر الألعاب توازناً بين الجنسين حتى الآن، ومن المنتظر في أولمبياد باريس 2024، أن يكون هناك تكافؤ كامل بين الجنسين في مجال اللعب، مع 50 % من مقاعد المشاركة للنساء، ومثلها للرجال.