«المنصب التطوعي».. سري للغاية

ت + ت - الحجم الطبيعي

طوال عقود زمنية خلت، وربما إلى سنوات مقبلة، عاش ويعيش مفهوم «المنصب التطوعي» في رياضة الإمارات، أندية واتحادات، في دائرة ملفات «سري للغاية»، ولغز محير، يدور حوله الجدل الذي يبدو أنه بلا نهاية في المدى الزمني المنظور على الأقل، هل رؤساء وأعضاء مجالس إدارات الأندية والاتحادات في عموم تشكيلات رياضة الإمارات، يعملون فعلياً، وكما هو معلن، بصورة تطوعية مجانية، وما حقيقة أنهم لا يتقاضون مقابلاً مالياً؟!

خلاصة مبسطة

وكما هو معلوم، فإن العمل التطوعي في أي مجال حياتي، نظرياً، هو عمل بلا مقابل مالي، كون ذلك العمل في الأساس، نابعاً من مبادرة طوعية من إنسان لا يرى في المال دافعاً نحو العمل والخدمة المجتمعية العامة، وهذه هي الخلاصة المبسطة لمفهوم العمل التطوعي، سواء في الرياضة أو غيرها من قطاعات الحياة الأخرى.

وفي ظل التأثيرات والتبعات السلبية المتوقعة الناتجة عن «فيروس كورونا» على حاضر ومستقبل رياضة الإمارات، قفز إلى الواجهة نقاش يكاد يكون محتدماً، وشبه متواصل على مختلف وسائل التواصل الاجتماعي حول «المنصب التطوعي» في رياضة الإمارات، هل صاحبه يعمل متطوعاً فعلاً، بلا أي مقابل مالي، هل المسؤول الرياضي المتطوع، جاء بدافع خدمة المصلحة العامة، أم أنه جاء، سواء عن طريق التعيين أو الانتخاب، بهدف الحصول على مقابل مالي بأي شكل من الأشكال، واصلاً إلى ذلك المنصب على صهوة جواد التطوع؟!

وبعيداً عن نقاش «السوشيال ميديا»، يكاد يكون معلوماً لدى غالبية القريبين من تفاصيل المشهد الرياضي الإماراتي، أن غالبية، إن لم يكن، كل رؤساء وأعضاء مجالس إدارات الأندية والاتحادات في الإمارات، يتقاضون مالاً جراء عملهم في تلك المؤسسات، إما على شكل مكافأة شهرية عن كل اجتماع، أو عبارة عن مخصص مالي يُمنح في نهاية العام، ما يعني انتفاء صفة التطوع عن عمل المسؤول في الأندية والاتحادات في رياضة الإمارات!

وما يزيد من مستوى الحيرة والغموض في قضية «المنصب التطوعي» في رياضة الإمارات، غياب الآليات الصريحة المعلن عنها حول مجمل تفاصيل العمل التطوعي في المجال الرياضي من قبل الجهات المعنية بإدارة شؤون القطاع الرياضي في الدولة، ما أفرز سيلاً من التأويلات والاجتهادات التي يفتقر أغلبها إلى الدقة، نظراً لغياب النص القانوني الصريح الذي يُنظم العملية برمتها، ويُجيب عن الأسئلة والاستفسارات بشأنها بلسان عربي فصيح!

إصدار التشريعات

راشد المطوع، المستشار الاستراتيجي في الإدارة والأداء المؤسسي، نائب رئيس إدارة «حوكمة» استراتيجية وزراء الشباب والرياضة في الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي، لفت إلى أن العمل الرياضي التطوعي في الإمارات يفتقد بشكل واضح القوانين التي تنظم حركته، داعياً إلى حتمية إصدار تشريعات لتنظيم هذا المفصل الحيوي من مفاصل العمل الرياضي في الدولة.

وكشف النقاب عن أنه شارك قبل أيام قليلة بصفة محاضر رئيسي في «ورشة» نظمتها جمعية الرياضيين في الإمارات حول مفهوم التطوع الرياضي باعتباره مسؤولية وقيمة، وبمشاركة أكثر من 180 شخصية معنية بمختلف جوانب الشأن الرياضي، وتم مناقشة 6 محاور تتعلق بمفهوم التطوع الرياضي، وواقع العمل التطوعي، ومجالات التطوع، وخطوات نجاح التطوع، والأسباب المؤثرة سلباً في التطوع، والمهارات اللازمة للمتطوعين الرياضيين.

10 أسباب

ونوه راشد المطوع إلى أن هناك 10 أسباب محددة تقف وراء تفاقم ظاهرة عدم استثمار العمل التطوعي بشكل فاعل لمصلحة رياضة الإمارات، تمثلت بعدم وجود لوائح موحدة لتنظيم العمل الرياضي، وغياب إدراك أهمية العمل التطوعي، وضعف أداء المهام تحت ذريعة أن المسؤول متطوع وبدون راتب، وتراجع صلاحية البيئة الرياضية للعمل التطوعي، وتغليب «البعض» للمصلحة الخاصة، وغياب الأهداف الحقيقية للمؤسسة الرياضية في كيفية إنجاح عمل المتطوع، وعدم تقدير المتطوعين، وضبابية استقطاب المتطوعين، والخوف من عمليات التغيير والتطوير، والاندفاع غير المدروس أو المجازفة العشوائية في العمل التطوعي الرياضي.

وطالب بحتمية وضع لوائح موحدة لتنظم العمل الرياضي التطوعي حسب مواصفات محددة، وضرورة أن يكون الاحتراف الرياضي، مستوعباً لأهمية العمل التطوعي، والتكامل مع منظومة التطوع في الدولة، وحتمية وضع قاعدة بيانات خاصة بالمتطوعين الرياضيين، وجعل التطوع الرياضي وتحمل المسؤولية فيه حلقة متكاملة، واستحداث منظومة احترافية متكاملة لتنظيم العمل التطوعي في رياضة الإمارات.

وشدد على أن التطوع في مجال العمل في الأندية والاتحادات الرياضية، غالباً ما يتطلب توفر مواصفات محددة، منها، أن يكون المتطوع من أصحاب الرؤية والمعرفة، والمقدرة على تحمل المسؤولية، والموهبة في معالجة الإشكالات، والإبداع في تحفيز الآخرين، وأن يكون قدوة حسنة، والشجاعة في اتخاذ القرارات، والحرص على خدمة المصلحة العامة، والمقدرة على التفكير الإيجابي، والقابلية على تقييم الذات والآخرين بشكل شفاف وموضوعي، وحتمية توفر القيم والمهارات الإدارية والإنسانية والفنية والذهنية التي تُمكن المتطوع من تحمل مسؤولية التطوع الرياضي بشكل إيجابي.

مجالات التطوع

لفت راشد المطوع إلى أن مجالات التطوع الرياضي متعددة، منها، تنظيم الأحداث الرياضية، واللجان التنظيمية للمشاريع والبرامج الرياضية، والعمل في مجالس إدارات الأندية والاتحادات، أملاً بالوصول إلى الأهداف المنشودة، المتمثلة في تعزيز القيم الإنسانية، وزيادة المهارات الفنية، وبناء العلاقات الإيجابية مع الآخرين، وتعزيز الانتماء لدى الشخص، وزيادة الخبرات اللازمة للمساهمة مستقبلاً في تطوير العمل الرياضي، وتنمية مبدأ تحمل المسؤولية، وتقديم الصورة الحضارية للدولة.

Email