روعة التليلي: الوعود كاذبة

ت + ت - الحجم الطبيعي

روعة التليلي بطلة تونسية بارالمبية من نوع خاصّ، لا تخرج من بطولة دون انتزاع الذهب أو الفضة، بدأت مسيرتها في 2006 وتحمل في سجلها 6 ميداليات في الألعاب البارالمبية الثلاث الأخيرة في بكين ولندن وريو دي جانيرو، وتحمل في رصيدها 6 ميداليات في بطولة العالم، منها 4 ذهبيات إضافة إلى تتويجات أخرى على الصعيدين العربي والقاري.

كل هذه الألقاب، قالت عنها روعة إنها تحققت بالإصرار والطموح من أجل تغيير واقعها إلى الأفضل، ربما لاعبة غيرها ما كانت ستستمر في ظل الظروف الصعبة التي تعاني منها رياضة ذوي الاحتياجات الخاصة في تونس، خصوصاً في محافظة قفصة بالجنوب التونسي بسبب التهميش وقلة الإمكانيات.

نجحت روعة التليلي في فرض اسمها على الساحة الرياضية العربية والدولية كواحدة من بين أفضل اللاعبات في رياضة ذوي الاحتياجات الخاصة، وبدأ اسمها يسطع منذ دورة بكين 2008 عندما توجت بميداليتين ذهبية وفضية.

منحة شهرية

بفضل تألقها حصلت التليلي على منحة شهرية بـ40 دولاراً، قالت إنها لم تكن في حجم إنجازاتها ولا الجهود التي بذلتها، لكنها لم تعترض وواصلت العمل، وحققت إنجازات جديدة ما مكنها من مضاعفة منحتها الشهرية إلى 80 دولاراً، ثم إلى 250 دولاراً بعد أن توالت نجاحاتها، وقد خطفت الأنظار إليها بشكل لافت في ريو 2016 بحصولها على ذهبيتين.

مسيرة

تحدثت التليلي عن مسيرتها قائلة: «بدايتي كانت صعبة للغاية، لم تكن الظروف مهيأة للاستمرار، في كل لحظة كنت أشعر بالتهميش، ومع غياب الدعم قررت الانقطاع ولكن والدي رفض ذلك وكان يحفّزني على القوة لأتغلب على المعاناة، بعد أشهر قليلة تمّت دعوتي للمشاركة في بطولة العالم بهولندا وحققت ميدالية برونزية، ما جعل الطموح يكبر بداخلي، فقررت المشاركة في البطولة العربية بمصر في 2007، نجحت حينها في الفوز بميدالية ذهبية وتحطيم الرقم القياسي العالمي، هذه البطولة أوصلتني إلى الأضواء، شعرت بأنني على قمة المجد، ومن الصعب التنازل عنه، الظروف الصعبة لم تقتل الحلم الذي بدأ يكبر شيئاً فشيئاً، وهو الصعود على منصة التتويج البارالمبي، كنت أعلم أن الطريق طويل ومظلم».

وتابعت: «عندما عدت من مصر، وشاهدت الفرحة بعيون والدي، وضعت هدفي المقبل، وهو ميدالية ذهبية في ألعاب بكين 2008، وكانت لديّ قناعة بأن الإنجاز لن يأتي بسهولة، وعليّ تحمل المعاناة، سواء في التدريب أو التنقل من قفصة إلى العاصمة، عائلتي فقط والمدرب كانوا مهتمين بما أفعل، وبقدر ما كنت أشعر بالتهميش بقدر ما زاد إصراري على تحقيق الميدالية الذهبية وأن أصبح بطلة بارالمبية، وفعلاً حققت ميداليتين واحدة ذهبية وأخرى فضية».

حذاء واحد

أكدت التليلي أن الحوافز المادية التي تلقتها لم تلبّ طموحها، ولا تغطي ما تنفقه من مصاريف لأجل أن تحافظ على تألقها العالمي، موضحة أنها لجأت للإقامة في ظروف غير جيّدة بسبب قلة ذات اليد، وأضافت: «كان لديّ حذاء رياضي واحد، أحتفظ به للمشاركات الرسمية، لا أستعمله في التدريب خوفاً من تعرضه للخدوش، في الحقيقة مشاكلنا كثيرة، نتدرب في صالة لياقة، تجهيزاتها قديمة وغير آمنة، المعسكرات والمشاركات الدولية قليلة، كل ما نحققه يأتي بعد معاناة كبيرة».

واعترفت التليلي أن غياب المساواة بين الرياضيين من ذوي الاحتياجات الخاصة والأسوياء يشعرها بالقهر الشديد، وأثّر فيها معنوياً، وقالت بحسرة: «تساءلت لماذا يحصل اللاعب السوّي على أضعاف ما نحصل عليه، لماذا يمنحوننا القليل مما نستحق، دائماً ما كانت هذه المقارنة تدور في رأسي، فرحت كثيراً عندما جاء قانون 2016 الذي فرض المساواة بيننا وبينهم ولكن ظل حبراً على ورق، منذ عامين أعيش مع الوعود الكاذبة، قالوا إنهم سيمنحونني عدة أهداف أسوة بالرياضيين الأسوياء، ولم يتحقق شيء، في مثل هذه الظروف، لا أعلم من أين انتزعت القوة للاستمرار في رياضة يصنفونها إنسانية أكثر من كونها نشاطاً بدنياً يحتاج إلى المثابرة وقضاء أوقات طويلة في التدريب من أجل الصعود على القمة».

رسالة ايجابية

صرّحت التليلي بأن نجاحها يظلّ بطعم خاصّ لأنه وُلد من رحم المعاناة، وأنها فرضت نفسها على الساحة الرياضية المحلية بفضل عزيمتها وإصرارها، وقالت: «أتطلع إلى أن أكتب رسالة إيجابية إلى الجيل الذي يأتي بعدي، لقد وصلت إلى هذه النتائج بفضل الثقة في نفسي وفي قدراتي، وما أجمل الفرحة بالإنجاز عندما لا تتغلب فقط على منافسيك بل تقهر الظروف وتتحداها، لقد قضيت الآن 12 عاماً في الرياضة، كانت مسيرة حافلة بالشهد والدموع وما يسعدني أكثر أني أصبحت قدوة للعديد من الشباب في تونس».

ختام

اختتمت حديثها بانها تسعى مجددا إلى الفوز بالمزيد من البطولات، حتى يمكن أن تستثمرها في يوم ما، عقب إعتزالها للتواجد في ذات المجال، حيث ترى أن لها هناك رسالة يجب أن تمضي في تحقيقها للمجتمع، سواء من خلال المساهمة في اعداد ابطال بارالمبيين آخرين، أو إزالة العراقيل من أمامهم.

 

 

Email