أولمبياد

سيول 1988 دورة الفضائح والعداء الكندي بن جونسون يصبح بطل اشهر فضيحة أولمبية

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

عندما وافقت اللجنة الاولمبية الدولية على منح سيول حق تنظيم الألعاب الاولمبية ب 52 صوتا في مؤتمرها المنعقد يوم 30/09/1981 في مدينة بادن بادن الألمانية الغربية، ظهرت كوريا الجنوبية بين عشية وضحاها في الواجهة السياسية لعالم الرياضة. وفجأة تبين أن الناس يعرفون القليل عنها باستثناء تذكرهم للحرب الكورية التي اندلعت ما بين 1950 و 1953.

عدا ذلك، كانت تعرف بأنها مملكة من القرن الرابع، تحدها بلاد المغول من الشمال، والصين من الغرب، واليابان من الشمال. وأصبح البلد الهادئ مستعمرة يابانية خلال الفترة بين 1910 و 1945.ومع انفراط التحالف الأميركي السوفييتي عام 1945، عرفت كوريا الاضطرابات، وقسمت الدول العظمى كوريا إلى كوريتين، وكان هذا التقسيم أقسى من تقسيم ألمانيا وأشد رهبة. فهناك منطقة منزوعة السلاح على خط العرض 38، وليس فيها اتصالات بريدية، ولا هاتف ولا خط مواصلات وتماما مثل معجزة الصعود الألماني بعد الحرب العالمية الثانية، فان الكوريين نهضوا بقوة، وعلى رغم قلقهم من الاضطرابات السياسية التي تعكر نموهم الاقتصادي وحلفهم الوثيق مع الولايات المتحدة، فإن الكوريين الجنوبيين يعتمدون على أنفسهم في أمور كثيرة.

والرياضة في كوريا حاجة أساسية، وهدف تسعى إليه الأجيال، ينمو ويتطور مع التقدم الاقتصادي والاجتماعي الذي تعيشه البلاد.

وهذه الناحية ليست بجديدة على المجتمع الكوري، أرض التايكواندو إحدى الرياضات القتالية القديمة التي مورست منذ أكثر من ألفي عام إلى جانب السيسروم احد أنواع المصارعة الكورية القديمة. وفي القرن العشرين، كان الفائز الأول في سباق الماراثون في دورة برلين الاولمبية عام 1936، كوريا يدعى سون كيتي (سون كي شونغ) شارك تحت اسم اليابان بسبب احتلال الأخيرة للأرض الكورية.

التألق الكوري

لكن بدءا من عام 1948، بدأت كوريا الجنوبية تخوض المشاركات الاولمبية، وتنافس أبطالها تحت ظل علم بلادها بعد نيلها الاستقلال. وبرز رياضيوها في الملاكمة، المصارعة، رفع الأثقال، الجودو، كرة السلة، كرة القدم، كرة الطاولة، الرماية بالقوس والسهم والكرة الطائرة.

وحققت كوريا الجنوبية أفضل النتائج في دورة لوس انجليس 1984، حيث حصد أبطالها 19 ميدالية بينها ست ذهبيات واحتلت المركز العاشر في الترتيب العام.

وفي 17 سبتمبر1988 تناست كوريا الجنوبية همومها ومشكلاتها على مدى 16 يوما، وكانت سيول قبلة العالم قاطبة وعاصمته. حيث أقيمت أضخم دورة أولمبية حتى تاريخه، وكسبت الرهان بتقديم دورة باهرة.

كانت بداية الانفراج بعد شد الأعصاب، منذ إعلان منح سيول شرف التنظيم. ففي العام 1983، احتدمت بين الشرق والغرب بعد مصرع 259 شخصا على متن طائرة بوينغ للخطوط الجوية الكورية، أسقطتها مقاتلة سوخوي سوفييتية بعدما اعتقدت أجهزة المراقبة الأرضية أنها طائرة تجسس. لكن التفاؤل لاح في الأفق في مارس 1985، مع تولي ميخائيل غورباتشوف السلطة في الاتحاد السوفييتي وإعلانه خطط البيروسترويكا الإصلاحية.

وفي كوريا الجنوبية «أرض الصباح الهادئ» كانت الغالبية العظمى من المواطنين مصممة على إظهار أفضل وجه لبلادها أمام العالم، وفي حفلة الافتتاح تجلى تاريخ البشرية كله في الاستعراض الذي أقيم في الاستاد. وتسلم خلاله كل متفرج جهاز استقبال صغير تمكن بواسطته من متابعة وقائع الاحتفال بثماني لغات.

وللمرة الأولى في تاريخ الألعاب، بدأت مراسم المهرجان من خارج الملعب وتحديدا من مياه نهر هان المجاور حيث كانت سفينة كبيرة تتقدم أسطولا من خمسة آلاف زورق وتقوم باستعراضات رائعة.

وحمل الشعلة إلى الملعب الكبير بطل ماراثون دورة برلين وسلمها إلى العداءة لي شام هاي، الفائزة بثلاث ذهبيات في الدورة الآسيوية 1986، التي أوقدت شعلات ثلاثة أشخاص يمثلون الأكاديميين والفنانين والرياضيين، فأوقدوا بدورهم الشعلة العملاقة وفق طريقة مبتكرة.

وتلت قسم المتبارين لاعبة كرة السلة هيوغ جاي. وخاض المنافسات 8465 رياضيا بينهم 2184 امرأة من 159 بلدا وهو رقم قياسي، وغابت تضامنا مع كوريا الشمالية كوبا وإثيوبيا ونيكاراغوا.

البعثة الاكبر

وكانت بعثة الولايات المتحدة الأضخم (722 شخصا)، تلتها بعثة الاتحاد السوفييتي (655). وفي ثاني مدينة آسيوية تستضيف الألعاب بعد طوكيو عام 1964، وتحسبا لأي ردات فعل بعد التظاهرات الطلابية التي قمعتها السلطات قبل الدورة، خصصت تدابير أمنية غير عادية.

وشهد أسبوعا المنافسات حصد الاتحاد السوفييتي 132 ميدالية بينها 55 ذهبية، وجاءت ألمانيا الشرقية ثانية ب 102 (37)، والولايات المتحدة ثالثة ب 64 (36). وكانت المفاجأة الأبرز حلول كوريا الجنوبية رابعة ب 33 ميدالية (21).

وبذلك كرر الاتحاد السوفييتي إنجاز الصدارة للمرة السادسة في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية. أما المحصلة العربية الإجمالية، فقد بلغت ست ميداليات هي: ذهبية المغربي إبراهيم بو الطيب في سباق 10 ألاف م، وبرونزيات المغربي سعيد عويطة في سباق 800م، الذي اعتبر من كبار الخاسرين في الدورة، ومواطنه الملاكم عبد الحق عشيق في وزن 57 كلغ، والجيبوتي أحمد صلاح أحمد في الماراثون.

وسجلت الدورة عودة علنية للمحترفين، ففازت الألمانية الغربية شيتفي غراف بذهبية كرة المضرب، ووصلت المنافسة بين الاميركي كارل لويس والكندي بن جونسون في سباق 100م إلى القمة، فأطلق عليه «سباق القرن».

مسلسل الفضائج

وفاز جونسون مع رقم عالمي جديد مقداره 73, 9 ث في 24 سبتمبر، ثم انفجرت أشهر فضيحة في التاريخ الاولمبي بعد ثلاثة أيام حيث تبين أن العداء الكندي تناول منشطات فقدمت الذهبية إلى غريمه وشطب الرقم. والملفت في هذه الدورة تبادل الألقاب في ألعاب كانت حكرا على دولة دون غيرها، إذ دخل لقب كرة القدم في جعبة الاتحاد السوفييتي بعد مضي 32 عاما، أي منذ العام 1956، وأسقط السوفييتي الاميركيين للمرة الثانية بعد الأولى عام 1972.

في المقابل، انتقل لقب الكرة الطائرة إلى الاميركيين للمرة الأولى، وخرجت اليابان إمبراطورة الجودو بذهبية واحدة، وانتزع الكينيون «عداؤو السافاري» معظم سباقات الجري من ال 800 إلى 5000 م بفضل بول ايرينغ وبيتر رونو وجون نغوجي وجوليوس كاريوكي، ولم يصل أي صيني إلى الدور نصف النهائي في فردي كرة الطاولة. وعلى صعيد الأرقام القياسية، تسجل 27 رقما عالميا في ألعاب القوى والسباحة ورفع الأثقال والرماية، وكانت هناك ميزة خاصة هي تحطيم بعض هذه الأرقام بالجملة، لا بل من دقيقة إلى أخرى.

ونال 34 لاعبة ولاعبا ميداليتين ذهبيتين على الأقل، والأوفر ألقابا بين الرجال هو السباح الاميركي مات بيوندي الذي أحرز سبع ميداليات منها خمس ذهبيات في سباقات 50 و 100 م حرة، والبدل 4 مرات 100 م و 4 مرات 200 م حرة و 4 مرات 100 م متنوعة.

وكانت الألمانية الشرقية كريستين اوتو نجمة الأحواض والاولمبياد معا، فقد انتزعت ست ذهبيات من أصل ميداليات بلادها ال 37، أي بنسبة تقل عن السدس بقليل.

وأخيرا بات بطل العالم السوفييتي سيرغي بوبكا بطلا اولمبيا في القفز بالزانة، وهو الموقع الطبيعي للقفاز الفذ، وفي سيول اجتاز ارتفاع 90, 5م فاهتزت العارضة ولم تقع ما ضمن له الميدالية الذهبية بعد مخاض عسير أمام مواطنيه روديون غاتولين وسيرغي ايغوروف.

وللمرة الأولى تعود ميداليات مسابقة الترويض في الفروسية للسيدات، وكانت بطلاتها الألمانية الغربية نيكول ابوهوف والفرنسية اوتوكريبين والسويسرية كريستين شتوكلبرغر.

وإذا كانت لا تمر أية دورة من دون مفارقات، يسجل في سيول بعض الاتهامات للتلاعب في نتائج الرماية والملاكمة، والتهجم على الحكام وضربهم، ومن أبرزها تحول حلبة الملاكمة التي كانت تقام عليها مباراة الكوري الجنوبي بيون يونغ والبلغاري ألكسندر خريستوف إلى مسرح لفوضى كبيرة واشتباكات عدة.

كما تسجل محاولة سرقة تمثال من احد الملاهي الليلية، قام بها بطلا السباحة الاميركيان في فريق البدل 4 مرات 400 م، تروي دلبي ودوغ جيرتسن. والى الفضيحة المدوية في المنشطات وبطلها الكندي بن جونسون التي عكرت «أرض الصباح الهادئ»، أثيرت فضيحة الرباعين البلغار الذين عادوا إلى بلادهم بعدما اكتشف تعاطي مواطنيهما متكو غرابليف وأنجيل غونيتشيف الحائزين على ذهبيتي وزني 56 و67, 5 كلغ العقاقير الممنوعة.

ولحق بهم المجريون بعدما اكتشفوا أن رباعهم أندرو تشاين الحائز على فضية وزن 100 كلغ متنشط. أما الاكتشاف الحسي للحالات فشمل ستة رباعين فضلا عن لاعبين في الخماسية الحديثة ولاعب جودو، و«أبطالها» من أسبانيا وإنكلترا واستراليا.

تنشر بالترتيب مع وكالة الصحافة الفرنسية

Email