فنون اسلامية

أحمد مصطفى: غرافيكيّة الحروف

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

(أحمد مصطفى) فنان تشكيلي حروفي مصري من مواليد الإسكندرية، يقيم ويعمل في لندن. درس الفن في كلية الفنون الجميلة بمسقط رأسه، ثم تابعه في جامعة الفنون والتصميم في لندن، فحصل على درجة الماجستير، وعلى منحة خاصة لإكمال دراسته العليا في أشكال الحرف العربي وعلومه.

أقام عدة معارض فردية لأعماله في لندن، وجامعة العين بدولة الإمارات العربية المتحدة، وجنيف. وكان الفنان مصطفى قد حصل على الجائزة الأولى في النحت بالإسكندرية عام 1974، وعلى الجائزة الثانية في الرسم بالإسكندرية أيضاً عام 1960. يشير بعض النقاد إلى أن أحمد مصطفى فنان موهوب، وهو أحد أندر الفنانين الذين تمكنوا من مزج الفن التشكيلي مع الفن الإسلامي، فهو الوحيد الذي تمكن من الحفاظ على التقاليد الإسلامية العريقة. بمعنى آخر: جعل لفنه عموداً أساسياً هو: القرآن الكريم وآياته.

بعد دراسة طويلة ومتأنية قام بها الفنان أحمد مصطفى، للعلاقة التي تربط بين بيت النحل وبين القوانين والنظم والقواعد التي وضعها ابن مقلة للخط العربي، وجدها في الطريقة الهندسية القائمة على الشكل السداسي. يقول الفنان أحمد مصطفى ان معظم الناس يتحدث عن هيئة الحرف على أنه ذو بعد واحد، لكن نظام ابن مقلة، يجعله ذا مساحة في عرض وطول. فمساحة الألف تقاس بالنقطة، لكن من أين تأتي النقطة؟ ثم جعل طول الألف سبع نقاط. الموضوع هنا أصبح خارج الحروف، ذلك لأن الإنسان نفسه مقداره سبع نقاط!! ويؤكد الفنان مصطفى أن علماء عصر النهضة، نقلوا هذه الحقيقة من المخطوطات العربيّة. فالفنان الإيطالي الشهير (ليوناردو دافنشي) الذي قال ان ارتفاع رأس الإنسان هو سبع ارتفاعه كله.

كان العلماء العرب والمسلمون، قد توصلوا إلى هذه النسبة قبل دافنشي بخمسمئة سنة!!. لقد أعاد الفنان أحمد مصطفى، بدأبه واجتهاده وموهبته وعشقه للخط العربي، اكتشاف قانون الهندسة العربي المنسي، ثم قام بمزاوجته مع الأحرف العربية التي نسيها العالم منذ مئات السنين. لم يقتصر نشاط الفنان أحمد مصطفى على البحث في قواعد ونظم وقوانين الخط العربي التي وضعها ابن مقلة، ومن بعده مجموعة من العلماء والباحثين العرب والمسلمين، بل قام بإنتاج لوحات حروفيّة مدهشة، قائمة بكاملها، على الطاقات والقدرات التشكيلية الغرافيكيّة الكبيرة للخط العربي، وبصيغة خاصة، تتماهى إلى حد كبير، بخصائص فن الحفر المطبوع بوساطة القوالب والأختام الخشبية التي سادت في عددٍ من الفنون والحرف العربيّة التقليدية، خاصة طباعة الأقمشة وتزويقها.

فالفنان مصطفى المتمكن من قواعد الخط العربي وطرزه، يبني لوحته من حشد كبير للحروف والكلمات التي تتوضع ضمن مساحات واسعة، بطريقة التهشير، وبأقل ما يمكن من الألوان، وهذه التشكيلات الحروفية تشغل كامل مساحة اللوحة، إنما باتجاهات مختلفة، وبنوع من التنظيم الهندسي المدروس، الذي يمنح اللوحة إحساساً بالحجم والبعد الثالث، وغالباً ما تأتي تهشيرات الحروف ومساحاتها، فوق أرضية فاتحة مؤلفة من تشكيلات حروفية مكرورة، تبرز التشكيلات الأخرى وتؤكدها. لدى الفنان أحمد مصطفى أيضاً، تجارب أخرى تنتمي إلى التكوينات الحرة، يعتمد فيها على البعد الواحد، وألوانٍ كثيرة، إنما منفذة بنفس الصيغة والأسلوب التراكمي،

حيث تأتي الكتلة الرئيسية للحروف (وهي معمار اللوحة) فوق خلفية فاتحة مطرزة بالحروف والكلمات المرصوفة باتجاهات مختلفة، وبألوان شفيفة لا تشاغب على الكتلة الرئيسية من الحروف، وإنما تبرزها وتؤكدها. أهم وأبرز مقومات وخصائص اللوحة الحروفية للفنان أحمد مصطفى، الصيغة الغرافيكية الطاغية عليها، والحشد الهائل للحروف والكلمات التي تتشكل منها.

د.محمود شاهين

Email