علوم القرآن

لولا الجبال لمالت الأرض وانقلبت وانعدمت الحياة على سطحها

ت + ت - الحجم الطبيعي

تعد الجبال من المعجزات الكثيرة التي أوجدها الله سبحانه وتعالى على الأرض وذلك لما تمتع به من قوة وعظمة وقد وصفها الله بالأوتاد لشدتها، وحتى وقت قريب كان الجميع يعتقد بان الجبال هي تلك النتوءات الكبيرة التي تقبع على سطح الأرض الا ان ذلك غير دقيق فقد ظهرت نظريات جيولوجية كثيرة أهمها نظرية mingler .

وهو عالم جيولوجي ألماني تكلم عن الجبال وقال إن لها امتدادات ضخمة تحت سطح الأرض وان هذه الامتدادات هي أكبر بكثير من الجزء البارز على الأرض.

تشير نظرية mingler إلى ان الاعتقاد ان الجبال ليست لها امتدادات تحت سطح الأرض هي اعتقادات خاطئة حيث أثبتت الدراسات الجيولوجية ان للجبال امتدادات طويلة تحت التربة، وأضاف انه بعد دراسة ميدانية لنحو 2800 جيل تبين ان التربية التي تحيط بالجبال تختلف عنه تربة الجبال نفسها.

وأضاف إن الدراسة أجريت على جبال في المانيا وفي سويسرا وفي الصين وفي إفريقيا والولايات المتحدة الأميركية واستراليا بحيث غطت الدراسة جميع القارات حيث تبين ان التربة والمعادن التي يتألف منها الجبل تختلف كليا عن التربة المحيطة به.

وهذا يعني ان الجبال لها استقلاليتها أي انها ليست جزءا من الأرض التي عليها بدليل انه تم فحص تربة مئات الجبال فوجدت فيها معادن كثيرة خاصة معدن الحديد في حين أن التربة المحيطة بالجبال لم تكن كذلك مما يعني أن الجبال جاءت «بصفة مستقلة» لتركيز تلك التربة .

وهذا تصديقا لقوله تعالى «والجبال أرساها» وقوله تعالى « والجبال أوتادا» وقوله تعالى «وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم» صدق الله العظيم ولم تكتف نظرية mingler بهذا بل قالت إنه لولا الجبال لما استقرت الأرض دقيقة واحدة بل ستميل بما فيها من أنهار وبحار ومحيطات وأشجار وستنتهي الحياة عليها إلى الأبد.

وأضاف إنه تم تتبع بعض الجبال على عمق نحو خمسين الى ستين مترا حيث تبين من خلال الحفر أن الجبل كتلة مستقلة مغروسة في وسط على عمق مئات الأمتار أو بضعة أميال كما ينغرس الضرس باللثة وانه في كثير من الأحيان تكون التربة الخاصة بالجبل منها لون غير لون التربة المغروس فيها الجبل.

ففي الوقت الذي تكون فيه الجبال عبارة عن كتلة صخرية صلدة مغروسة في باطن الأرض تكون الأرض المحيطة بها زراعية ذات لون بني وفي أحيان أخرى تكون لون تربة الجبل بنية وتكون الأرض المحيطة به ذات لون أسود داكن أو حتى صحراوية او رملية وهذا يعني ان الجبال لها «شخصيتها» الذاتية عن الأرض وانها جاءت إلى الأرض لتؤدي مهمة خاصة.

وهي تثبيت سطح الأرض الذي يمتد من السطح إلى الجزء الثاني باتجاه باطن الأرض بمقدار 50 كيلومترا وهذه المسافة تسمى بقشرة الأرض، واشارت النظرية إلى أن الجبال تخترق هذه القشرة، وهذا مؤشر على قوة الجبال وحتى تغلغلها في سطح الأرض «وذلك تصديقا لقوله تعالى «ألم نجعل الأرض مهادا والجبال أوتادا»!

معنى كلمة الوتد

الوتد كما هو معروف لغويا هو قطعة من الحديد أو الخشب تثبت به الخيمة حتى لا تحركها الرياح أو الامطار ولولا الوتد لما وجدت الخيمة وهذا الوضع بالنسبة للجبال فهي الأوتاد التي ثبت الله بها الأرض، ولقد أشارت الدراسات الجيولوجية من خلال أجهزة الى sonars ان لكل جبل جذر وهذا الجذر يصل مابين 5 ـ 6 أضعاف الجزء الظاهر فوق السطح .

ومن هنا تأتي أهمية الجبال في تثبيت الأرض فالأرض عدا القشرة التي تمتد الى عمق نحو 50 كيلومترا هي اما طبقات غازية أو سائلة أي معادن وأحجار منصهرة. وهذه الأنواع من المواد لا تبقى على حال .

حيث تتحرك بصفة مستمرة وهذا التحرك المستمر يجعل الطبقة العليا التي تليها غير ثابتة أيضا أي ان قشرة الأرض تكون غير ثابتة وذلك بفعل الضغوط الكبيرة بل والهائلة التي تتعرض إليها من أسفل لذا جاء الجبال وبأمر من الله سبحانه وتعالى لتجعل الطبقة التي نعيش عليها طبقة مستقرة وثابتة حتى يتمكن الإنسان والحيوان والنبات من الاستمرار في البقاء وإلا فإنها لولا هذه الجبال لما بقيت ولا نشأت حياة على سطح الأرض.

ألوان الجبال

كما أشرنا في السياق فان الجبال عادة تختلف عن الأرض التي تكون فيها وبذلك تكون مكونات الجبال تختلف إلى حد كبير عن مكونات تلك الأرض فالجبال الشاهقة والمرتفعة تقابلها السهول المنبسطة وهذه لها تربة وتلك لها تربة أخرى، فالسهول تجدها مساحات كبيرة ليست فيها حجارة في حين ان الجبال المحيطة بها تجدها عبارة عن صخور وأتربة ومعادن وغير ذلك.

ومن الواضح ان الجبال لها ألوان مثلها مثل البشر فهناك جبال بيض وأخرى سود وأخرى حمر ولقد لفتت هذه الألوان البعثات الجيولوجية الكثيرة حيث أشارت الموسوعة البريطانية إلى ان البعثات الجيولوجية البريطانية التي قامت بدراسة لجبال التبت والهملايا وجدت بان لكل مجموعة من الجبال ألوانا خاصة بها فمثلا الجبال التي تكون غالبية المواد المكونة منها من الحديد تكون ألوانها مائلة إلى اللون الأحمر.

حيث ان الحديد الموجود في تربة تلك الجبال يتفاعل مع المطر أو الندى أو الرطوبة مما يجعل الحديد يتأكسد ويتحول لونه إلى اللون الأحمر أو البني أما الجبال التي تكون مكوناتها من البازلت أو من البراكين فهذه الجبال تكون سوداء وكأنها صخور محروقة وأضافت الموسوعة بان ألوان الجبال تختلف من مكان إلى آخر كما انها تختلف وفقا لكمية ونوعية المعادن التي فيها.

وهذا ما يجعل الجبال تأخذ ألوانا وفقا لذلك وهذا منا جاء في قوله سبحانه وتعالى «ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود» صدق الله العظيم لقد كان الإنسان يستغرب قبل هذه الدراسات الجيولوجية لماذا تأخذ هذه الجبال ألوانا مختلفة واكثر ما كان لافتا تلك الجبال بلونها الأسود مع أن الله سبحانه وتعالى أشار إلى ألوانها قبل أكثر من 1400 عام .

وهذا بحد ذاته إعجاز آخر من جمل الأعجاز الذي جاء به القرآن الكريم، أما الجبال التي تكون ألوانها بيضاء فهذا دليل على ان هذه الجبال مملوءة بالمواد الجيرية ولهذا فإن معظم مصانع الجير «الجير معروف بلونه الأبيض» تكون عادة بالقرب من هذه الجبال حيث تستخرج منها صخور ضخمة لونها يميل إلى البيضاء ثم تحرق في أفران فتصبح تلك الصخور بيضاء ناصعة حيث تقوم النار بسحب جميع الشوائب التي بها عندها تصبح بيضاء صافية .

حيث تستخدم في تبييض المباني والأعمال الأخرى، ومع ان هناك جبالاً خضراً الا ان الله سبحانه وتعالى لم يأت على ذكرها وذلك لان هذه الجبال اخذت لونها الاخضر من لون الأشجار والغابات التي تكسوها أي ان هذا اللون ليس من أصل الجبال وإنما هو طارئ عليه.

ولهذا تجد جبالا مكسوة بالخضرة حتى انها تسمى سلسلة الجبال الخضراء وهذه الجبال موجودة في وسط أوروبا ابتداء من أراضي Mount of negro الا انه بعد انفصال تلك الدول عن بعضها البعض وتقسمت ما كان يعرف بجمهورية يوغسلافيا تحولت تلك الجبال من اللون الاخضر الى جبال شبه جرداء وذلك نتيجة لتقطيع الأشجار والغابات واستغلالها اسوأ استغلال نتيجة الحرب التي شهدتها تلك النظرية.

إذاً فاللون الأخضر الذي كان يغطي جبال ما يعرف بـ redrig of Europe لم يكن من أصل الجبال وإنما كان طارئا عليها بينما ألوان الجبال التي ذكرها الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم من لون أبيض وأحمر وأسود فقد كانت من أصل التربة التي تتشكل منها تلك الجبال ولهذا فهي جبال ثابتة الألوان وهذه الألوان تبقى في الجبل رغم ما يستخرج منه من معادن أو أحجار أو غير ذلك.

كما أشار القرآن الكريم فإن الجبال هي أوتاد للأرض وهي بذلك لا تقوم بتثبيتها فقط بل وبعمل توازن لها فكما هو معروف فإن الطبقات الداخلية للأرض طبقات منصهرة أوغازية وهذا النوع من الحال لا يمكن ان يكون ثابتا لذا فإنه يحتاج إلى توازن بقية «أي بعد تثبيته يحتاج إلى ما يجعله متزنا» من هنا يأتي دور الجبال من حيث تقسيمها على الأرض فانت لا يمكن ان ترى دولة ما أو منطقة ما لا يوجد فيها جبال فقد جاء توزيع تلك الجبال لحفظ توازن الأرض وتثبيتها.

كيف تكونت الجبال؟

لم يستقر رأي علمي حتى الآن على كيفية تكون الجبال ففي الوقت الذي قالت فيه الموسوعة البريطانية ان الجبال تكونت شأنها شأن بقية الأرض بعد الانفجار العظيم super nova الا ان نظريات أخرى تقول غير ذلك فهذه النظرية ترى الكثير من الاوساط العلمية بانها غير واقعية.

فالانفجار العظيم نتج بسبب ان الكون في البداية كان كتلة غازية هائلة وكانت هذه الكتلة تحتوي على غازات سائلة مضغوطة بسبب درجة الحرارة العالية التي كانت بداخلها ثم انفجرت تلك الكتلة وتكونت النجوم والكواكب والأرض والجبال التي على الأرض الا ان ذلك لم يلق الموافقة العلمية من الكثير من الباحثين.

حيث رأوا ان اقرب نظرية لنشأة الجبال انها جاءت من الأرض أي من باطن الأرض حيث باطن الأرض عبارة عن كتلة منصهرة ودرجة حرارتها لا يعلمها الا الله «قدر العلماء درجة حرارة باطن الارض ما بين 000 ,8 ـ 000 ,12 درجة مئوية حيث تقوم هذه الحرارة العالية بدفع كتل من الاتربة والصخور الى الأعلى وبقدر كمية الدفع بقدر ما يكون الجبل.

فهناك جبال صغيرة وأخرى كبيرة وهكذا في حين ان نظرية أخرى تقول ان الأرض كانت متحركة بشكل سريع وكان من المستحيل العيش عليها حتى جاءت الجبال وأوقفت حركتها السريعة «أي بطأتها» لتكون مناسبة للعيش عليها.

أي ان الجبال جاءت بعد نشوء الأرض ولكن مهما قيل عن الجبال وتكوينها فإنها في النهاية جاءت مسخرة لما أرادها الله له وهو تثبيت الأرض وصدق الله حيث قال «والجبال أرساها» و «ألقى في الأرض رواسي ان تميد بكم» هذا هو السر الحقيقي من وراء وجود الجبال أي حتى لا تتحرك الأرض حركة سريعة وتتقلب ويختل التوازن.

ترجمة وإعداد ـ أحمد سلطان:

Email