دوريات الزمن القديم

«الزهور» مطبوعة تدعو لتواصل الأدباء العرب

ت + ت - الحجم الطبيعي

هي مجلة شهرية أدبية فنية علمية، أسسها في القاهرة كل من أنطوان الجميل وهو كاتب لبناني اتسم بجمال الأسلوب وبراعة النثر، يجيد الفرنسية كأهلها، تولى رئاسة تحرير الأهرام حتى وفاته بالقاهرة عام 1948. كان أحد أعضاء مجلس الشيوخ المصري، والمجمع العلمي العربي بدمشق، والمجمع الملكي بالقاهرة.

أما المؤسس الآخر فهو أمين تقي الدين وهو شاعر وأديب لبناني، من وجهاء الدروز، تعلم في بيروت وأقام في مصر ليشترك مع الجميّل في إصدار مجلة «الزهور»، ثم عاد إلى بيروت ليعمل في المحاماة حتى توفي بها عام 1937م.

صدر العدد الأول من مجلة «الزهور» في ربيع الأول 1328ه/ الأول من مارس 1910م. وكان أهم ما يلفت النظر في افتتاحية العدد الأول هي إثارة قضية من الممكن أن يكون لها ظلال هذه الأيام، وهي مشكلة عدم التواصل بين كتّاب الأقطار العربية المختلفة،

وعدم معرفة بعضهم لنتاج البعض، الأمر الذي حدا بكاتب الافتتاحية إلى التنبيه بخطورة هذه المشكلة وتأثيرها السيئ على معالم النهضة الثقافية المزدهرة آنذاك. لذلك يبدو أن اسم «الزهور» يدل على الهدف الذي تسعى إليه المجلة وهو تجميع زهرة من كل قطر عربي في دورية واحدة. كما نوهت المجلة بأنها ستقدم للقراء نوعين من السباقات لنخبة من أعلام الأدب، أحدهما للشعر والآخر للنثر.

اشتمل السباق الشعري الأول على تخيل قصيدة لكل من سيدنا آدم عليه السلام وحواء يرويان فيها تصور كل منهما عن الموت وشكله. ولقد حدد موعد لتلقي الإجابات. أما السباق النثري فقد تضمن كتابة عشر صفحات عن الوسائل الواجب اتخاذها لترقية آداب اللغة العربية بعد إيراد لمحة وجيزة عن حال الأدب العربي أيام الجاهلية وعصر الخلفاء.

كما ورد في أبواب المجلة مقارنة لغوية وبلاغية في نهج البردة بين ما قاله أحمد شوقي والبوصيري، من حيث استبيان القواسم المشتركة بين الموهبتين. كما نشرت مقارنة شعرية بين حافظ إبراهيم والفرزدق من حيث أسلوبهما في مدح الحكام والأمراء.

وفي مقالة بعنوان «الأمراء والشعراء بين الأمس واليوم» جاء فيها ان الأمراء قديماً كانوا يدّعون أن كرمهم علّم الشعراء الشعر، وكان الشعراء يجيبون بأن شعرهم علّم الأمراء الكرم. وقد أورد المقال مقطعين لكل من أحمد شوقي وحافظ إبراهيم في مدح الخديوي عند عودته من الحج.

كما وجدنا موضوعاً بعنوان «الصحافة والصحافيون» تحدث كاتبه عن شرف المهنة وآداب ممارستها مستشهداً في هذا السياق بشهادتين لكل من الأمير الجليل حسين باشا كامل عم سمو الخديوي، واللورد مورلاي. قال الأول: «إن كل أمة متمدنة يجب عليها أن تحترم الصحافة، ونود أن تكون معها يداً بيد، لتتعلم منها وتستفيد مما ينشر فيها من الفوائد».

أما مورلاي فقال في مؤتمر للصحافة في إنجلترا: «مهنة الصحافة شريفة وشاقة، وان الصحافي واحد من قادة العالم، وانه يحتاج إلى الرؤية أكثر من الخطابة» وينتهي المقال إلى وجوب أن يكون الصحافي قارئاً، ومستنتجاً وفاهماً لمعنى الاستقلال والمسؤولية.

ويكتب الأديب ولي الدين يكن قطعة أشبه إلى المرثاة بسبب الإعصار الذي ضرب باريس حتى اقترب من تدميرها، نورد منها: «سأبكي باريس مستمداً دموع الغمائم، مستعيناً بعيون النيّرات، فإن تنفد الدموع، فإن من الأسى ما يجدده الشوق، وينميه الغرام، سلام على باريس في مصابها، سلام عليها في جلبابها الأسود..».

وتنهي المجلة صفحات عددها الأول بمجموعة من الأخبار الطريفة من جميع الأقطار العربية وغير العربية تحت باب بعنوان «حديقة الأخبار». يذكر أن المجلة توقفت عن الصدور عام 1913م، بعد أن أمعنت في رسالتها العروبية عبر استقطاب عدد من خيرة الكتّاب في مصر والشام والعراق.

Email