دلائل قدرة الله

البروج والمنازل

ت + ت - الحجم الطبيعي

تقع دائرة البروج السماوية، وهي بذاتها البروج الشمسية، على الكرة السماوية بميل قدره 5,23 درجة على مستوى دائرة خط الاستواء السماوي وتسير على هذه الدائرة الشمسية الظاهرة داخل حزام يقدر بثماني درجات على جانبي الدائرة، ويطلق على هذا الحزام اسم «الزودياك».

وهو اسم باللغة اللاتينية، يعني حديقة الحيوان، حيث ان أغلب أسماء هذه البروج تكون بأسماء الحيوانات، ولقد أقسم الله سبحانه وتعالى بالسماء ذات البروج، كما جاء في (سورة البروج الآية الأولى) والسماء ذات البروج (صدق الله العظيم). وكذلك جاءت البروج في (سورة الحجر الآية 19) ولقد جعلنا في السماء بروجاً وزيناها للناظرين (صدق الله العظيم).

وهذه البروج الموجودة في السماء الدنيا تشير إلى مواقع الشمس الظاهرية ولكن الحقيقة أنها تشير إلى مواقع الأرض الحقيقية في حركتها السنوية حول الشمس وبالتالي تظهر المجموعات النجمية مساء لتعطي مدلولاً على كل برج تتواجد فيه الشمس الظاهرية أو مواقع الأرض الحقيقية، وتعتبر أهم هذه البروج هي البروج الرئيسية الأربعة، حيث البرج الأول هو برج الحمل، والذي تبدأ عنده السنة الشمسية، وهو ينتج من تقاطع لدائرة البروج مع دائرة خط الاستواء،

وفيه يكون إعلان للربيع في نصف الكرة الشمالي، بينما يكون إعلان للخريف في نصف الكرة الجنوبي ويتساوى الليل والنهار وتمر الشمس الظاهرية تباعاً ببرج الثور ثم برج الجوزاء لتحتل بعدها الشمس الظاهرية في 22 يونيو برج السرطان ليعلن بدء فصل الصيف وأطول نهار في نصف الكرة الشمالي، بينما يكون في الوقت نفسه بدء فصل الشتاء في نصف الكرة الجنوبي وأقصر نهار، ثم تمر الشمس تباعاً بالنزول إلى أسفل برج الأسد والعذراء إلى أن تأتي إلى برج الميزان في 23 سبتمبر،

حيث يعلن بدء الخريف في نصف الكرة الشمالي والربيع في نصف الكرة الجنوبي، كما يعلن في هذه اللحظة تساوي الليل والنهار على جميع أنحاء كوكب الأرض، ثم تستمر الشمس الظاهرية في النزول إلى أسفل مارة ببرج العقرب والقوس إلى أن تصل إلى برج الجدي في يوم 22 ديسمبر لتعلن بداية فصل الشتاء، وكذلك لتعلن أطول ليل في نصف الكرة الشمالي،

بينما تعلن في اللحظة نفسها أقصر ليل في نصف الكرة الجنوبي ثم تبدأ الشمس الظاهرية في الصعود إلى أعلى لتمر ببرج الدلو ثم برج الحوت لتصل إلى برج الحمل مرة ثانية في 21 مارس، لتعلن بدء السنة الشمسية الجديدة. ويوجد فرق كبير بين السنة الشمسية والسنة الميلادية رغم تساويهما في عدد الأيام، ولكن نقطة البداية تختلف، حيث السنة الميلادية تبدأ في أول يناير، وهي من صنع الإنسان ولا تعبر عن أحداث فلكية، ولكنها تعبر عن مولد المسيح، إذ اختلف في مولده،

فمن قال انها في 7 يناير للمسيحيين الشرقيين ومن قال انها في 25 ديسمبر للمسيحيين الغربيين، واتفقوا فيما بينهم على أخذ القيمة المنتصفة بين الوقتين لتكون هي أول يناير من كل سنة، أما التوقيت الفلكي الذي يتبع حركة الشمس الظاهرية فهي السنة الشمسية التي تبدأ في 21 مارس من كل سنة الذي يحتفل فيه بعيد الأم، حيث أن شمسنا الجديدة هي أم لجميع كواكب المجموعة الشمسية.

* المنازل القمرية

أشار الله العلي الكريم الى المنازل القمرية وتقدير الحسابات الفلكية للسنة القمرية وذلك في الآية (وهو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نوراً وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب). صدق الله العظيم ولقد كان العرب يعلمون ما قبل الإسلام المنازل القمرية، حيث قسموا دورة الأرض السنوية إلى 28 منزلاً مبتدئة بذلك من نقطة البداية نفسها للبروج الشمسية وهي النقطة الأولى لبرج الحمل والتي تتواجد بها الشمس الظاهرية في يوم 21 مارس وعند النقطة نفسها تبدأ المنزلة الأولى وهي الشرطان،

وهي عبارة عن نجمين لامعين من نجوم كوكبة الحمل واقعين على قرنه، ثم تأتي المنزلة الثانية وهي البطين والتي تقع في بطن الحمل وهي ضعيفة اللمعان ولذلك سميت بالبطين «أي تصغير لكلمة بطن» والمنزلة الثالثة هي الثريا تحتوي في شكلها الخارجي على ستة نجوم لامعة تراها بالمرقب الفلكي فيها 300 نجم، والثريا من أشهر المنازل القمرية عند شعراء العرب حيث قالوا فيها الكثير من الشعر.

ورابعة هي الدبران والتي تقع في عين مجموعة الثور، والمنزلة الخامسة اسمها الهقعة تشبيها بالشعر المستدير على فخذ الفرس وتقع بالقرب من برج الجوزاء، والمنزلة السادسة اسمها العنهة «الاهنع هو قصير العنق» والمنزلة السابعة هي منزلة الذراع، والثامنة النثرة والتاسعة الطرفة والعاشرة الجبهة وتتوالى المنازل القمرية، الزبرة ثم الصرفة ثم العواء ثم السماك الاعزل ثم الغفو ثم الزباني ثم الاكليل ثم القلب ثم الشولة ثم النعائم ثم البلدة ثم سعد الذابح

ثم سعد بلع ثم سعد السعود ثم سعد الاخبية ثم الفرغ الأول ثم الفرغ الثاني (المؤخر)، وآخر المنازل القمرية هو الرشاء والذي يقع في بطن الحوت، والواقع في آخر البروج الشمسية هو برج الحوت. ومن هذا نرى ان عرب الجاهلية قد قاموا بتقسيم مسار القمر إلى ثمان وعشرين منزلة حيث يتحرك القمر ثلاث حركات: فالحركة الأولى حول محوره، والحركة الثانية نسبية بالنسبة للأرض، ثم حركة ثالثة أيضا بالنسبة للحركة الظاهرية للشمس.

ويتحرك القمر في كل منزلة له مدة 13 يوماً ويكون حاصل ضرب المنازل وعددها 28 منزلاً في عدد أيام كل منزل وهو 13 يوماً مساويا 364، ولهذا يزاد يوم على آخر المنازل القمرية وهو منزلة الرشاء ليصبح طول فترته 14 يوماً وبالتالي يصبح طول مدة المنازل القمرية مساويا تماماً لمدة البروج الشمسية، وإذا كانت السنة الشمسية كبيسة أي بعدد 366 يوماً فانه يزاد يوم في منزلة الفرغ المؤخر ليصبح طول فترتها 14 يوماً.

وتطابق السنة القمرية مع السنة الشمسية فيما يعرف عند العرب باسم النسئ وقد حرمه الإسلام وعده كفرا بنعم الله التي انعم بها على عباده، إذ انه قصر السنة القمرية على السنة الشمسية فيأتي شهر الصيام في الربيع ثم في الشتاء ثم في الخريف ثم في الصيف، ولا يبقى شهر رمضان ثابتاً في فصل الصيف مثلا كما كان يجعله عرب الجاهلية حتى جاء اسم الشهر الكريم من الرمضاء وهو شدة الحرارة.

ولكن استخدام المنازل القمرية غير ما يختص به من العبادة يجوز ذلك مثل تحديد مواعيد الزراعة وتحديد موعد الصيد وتحديد مواعيد المد والجزر. كل ذلك من خلال المنازل القمرية فلا حرج في استخدامها لأغراض الحياة العامة فقط وليس في العبادات، حيث نهى الإسلام عن ذلك كما جاء في سورة التوبة آية (37) (انما النسئ زيادة في الكفر ..) صدق الله العظيم

* حظك اليوم

لم تخلق البروج الشمسية والمنازل القمرية لهواً وعبثاً، حاشا لله، بل خلقت كآيات علمية لأصحاب العقول الذين يتدبرون ويتفكرون فيما خلقه الله. فمن خلال البروج الشمسية الأربعة الرئيسية وهي الحمل والسرطان والميزان والجدي يمكن تحديد الفصول الأربعة، وهي على التوالي الربيع والصيف والخريف والشتاء وبالتالي تحديد مواعيد الزراعة وحصاد المحاصيل، وكذلك يمكن تحديد مواسم الصيد البحري للأسماك والصيد البري للحيوانات والصيد الجوي للطيور المهاجرة،

وكذلك يمكن تحقيق مواقيت المد والجذر وبصفة خاصة بعد تحديد مواعيد الكسوف الشمسي والخسوف القمري والذي تتفق فيه البروج الشمسية مع المنازل القمرية وكذلك يمكن تحديد مواسم فيضان الأنهار وأخيرا تحديد حساب طول السنة الشمسية والسنة القمرية.

ويبرع في ذلك العرب بأحوال الجو والطقس وخاصة بطول الأمطار ومواعيد الأنواء بارتباط المنازل القمرية داخل البروج الشمسية، ومن ثم تأتي بعد ذلك كل الآيات العلمية ليكذب المنجمون فيقولون حظك اليوم، وهذا الأمر مرفوض علمياً وعقلياً والسر في الرفض القاطع هو أن هذه النجوم والتي تزين البروج السماوية قد تكون ميتة من آلاف بل ملايين السنين

ونحن نرى منها اليوم ما تبقى منها من ضوء بناء على سريان الضوء بالسرعة الضوئية المعروفة والتي قدرها العلماء بمقدار 186 ألف ميل في الثانية فكيف يأتي برج سماوي قد تكون نجومه ميتة من هذا الزمن البعيد ثم يتحكم في حاضر ومستقبل إنسان حي، ان الحي الذي لا يموت هو الله وهو جل جلاله الذي يتحكم في الحاضر والمستقبل بكل انسان ولننتبه الى الآية 59 من سورة الأنعام (وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو). صدق الله العظيم

ثم لننتبه إلى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم «كذب المنجمون ولو صدفوا» وكذلك في قوله «من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه بما قال فقد كفر بما أنزل على محمد» صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم لننتبه إلى الحساب العقلي، فان عدد البروج اثنا عشر برجاً وعدد البشر 6 آلاف مليون،

وهذا لا يعني أن ناتج قسمة الاثنين أن الحظ لعدد 500 مليون شخص متساو بعينه فإذا جاءت البروج لتقول سيموت عزيز عليك فهذا يعني الموت لـ 500 مليون شخص، لقد خلق الله تعالى الاختلاف في بصمات أصابع اليد الواحدة وهو ما أشارت إليه الآية 4 في سورة القيامة (بلى قادرين على أن نسوّي بنانه). صدق الله العظيم

فإذا كان هذا الاختلاف في أصابع اليد الواحدة فحتماً سيكون الاختلاف بين جميع الناس أمراً واقعاً في جميع شؤون الحياة.

ولننتبه الى الغيب المطلق الذي أشارت إليه الآية 34 من سورة لقمان (إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت). صدق الله العظيم

الربان قاسم لاشين

Email