الشكوى من تقلّب الزمان

أقوال مختارة قيل لا تجادل الأحمق، فقد يخطئ الناس في التفريق بينكما. وقيل للفضيل بن عياض، وكان رجلاً زاهداً: ما أزهدك! قال: فأنتم أزهد مني. فقيل: وكيف ذلك؟ قال: لأني أزهد في الدنيا وهي فانية، وتزهدون في الآخرة وهي باقية.

وقال المنصور لولده: خذ عني ثنتين: لا تقل من غير تفكير، ولا تعمل بغير تدبير.

فروق لغوية

في الاستعمال اللغوي ثمة فروق دقيقة لا يدركها العامة ويعرفها المهتمون باللغة والمختصون فيها، ومنها هذا الذي نعرض له هنا:

الفرق بين الإطراء والمدح: أن الإطراء هو مدح في الوجه، أي بحضور الممدوح، أما المدح فقد يكون مواجهة أو غيبة، أي لا يشترط فيه أن يكون الممدوح حاضراً.

 

فوائد لغوية

يخطئ كثير منا في استعمال الفعل اعتذر، حين يقول: اعتذر فلان عن الحضور للاجتماع. والصواب أن نقول: اعتذر فلان عن عدم الحضور للاجتماع.

ويخطئ نفر منا حين يقول: ذهب الكثير منهم إلى هذا الرأي، أو: ذهب البعض منهم إلى هذا الرأي، بإدخال الألف واللام عليهما. أما التعبير الفصيح فهو أن نقول: ذهب كثير منهم..، وذهب بعضهم إلى..، من دون الألف واللام.ويخطئ كثير منا إذ يعتقد أن كلمة «زَنَقَ» السارية على ألسنة المصريين عامية، فهي فصيحة لا غبار عليها، ومعناها: ضيَّق. والزِناق: حبل يكون تحت حنك الفرس لجذبه منه.

 

شكوى الشعراء

قال الطغرائي:

تقدّمَني أناسٌ كان شوطُهمُ وراءَ خَطْوي إذا أمشي على مَهَلِ

وإن عَلاني مَن دوني فلا عجَبٌ لي أسوةٌ بانحطاط الشمس عن زُحَلِ

 

في هذين البيتين، يعجب الشاعر وهو العفيف وصاحب النسب والعلم، من تغير حال الزمان وانقلاب الموازين في عصره، لما يرى من تقدم أناس عليه، كانوا أدنى منه مرتبة وقدراً، لكنه وهو يعبر عن ذلك بطريق الإيحاء والكناية، يحاول أن يجد تفسيراً مقنعاً للنفس، بانحدار الشمس وهي مركز الأفلاك عن زُحل الجرم الصغير الذي يعتليها.

لكن شاعراً آخر كابن الرومي يبدو أكثر مباشرة وعنفاً في التعبير عن المعنى نفسه، على نحو مباشر هذه المرة، إذ يختار البحر والميزان وسيلة للمقارنة وإقناع النفس، وإن جاءت ألفاظه حادة وعنيفة. لكن خبرته العميقة وذكاءه في التقاط الصور كانا أبرز ما يميزه، إذ يقول:

 

رأيتُ الدهرَ يرفعُ كلَّ وَغْدٍ ويخفضُ كلَّ ذي زِنةٍ شريفة

كمثلِ البحرِ يَغرقُ فيه درٌّ ولا ينفكُّ تطفو فيه جيفة

وكالميزانِ يخفضُ كلَّ وافٍ ويَرفعُ كلَّ ذي زِنَةٍ خفيفة

الأكثر مشاركة