«التدبير المنزلي».. سلوك تربوي منسي فمتى سيعود؟!

إدارة البيت مسؤولية صعبة، تتعدد أوجهها وتتعاظم متطلباتها في الوقت الراهن، وعلى الرغم من أهمية حصص التدبير المنزلي التي أضافت إلى رصيد أمهاتنا الكثير، وعلمتهن فنوناً حياتية عدة؛ أهمها الطهي والخياطة والأشغال اليدوية، إلا أن إهمال الكثير من المدارس لها حرم فتيات اليوم من فائدة كبيرة، خاصة وأن الهدف الأول من تلك الحصص هو تسهيل مهامهن لاحقاً في بيت الزوجية.

وتزويدهن بالمهارات الضرورية لرعاية مختلف الجوانب النفسية والعقلية لدى أبنائهن في المستقبل، حيث تعمل على تثقيفهن بأسس التغذية السليمة، بالإضافة إلى تدريبهن على الاقتصاد وترشيد الاستهلاك والقيام بواجباتهن الضرورية.تتخذ أنشطة التربية الحياتية أشكالاً وأسماء مختلفة، فالبعض يطلق عليها حصص الحياة في المدارس.

والبعض الآخر يسميها ورش عمل حياتية، ومنهم من يفضل تسميتها حصص التدبير المنزلي، وجميعها تسعى إلى متابعة الفتيات ومساعدتهن على أداء أدوارهن الحقيقية في الحياة على أكمل وجه، بالإضافة إلى إكسابهن المهارات التي تمكنهن من التكيف بطريقة سوية مع أنفسهن أولاً، ومع ما سيحيط بهن لاحقاً بعد التخرج من المدرسة.

عناصر الجذب

في هذا الإطار قالت مريم الشحي إدارية في مدرسة أحمد بن ماجد ورئيسة مفوضية مرشدات رأس الخيمة إن حصص التربية الحياتية موجودة في مدارسنا الحكومية، لكنها غير مفعلة بالشكل الصحيح، وخالية من عناصر الجذب، للأسف.

وقد أدى ذلك، إلى جانب قلة وعي الأمهات وانشغالهن الدائم عن المنزل، إلى اتجاه نسبة كبيرة من بناتنا نحو دورات الماكياج والحاسوب وتعلم اللغات وغيرها، بدلاً من التركيز على تعلم إدارة البيت والتدرب على القيام بالأمور الضرورية فيه، مثل الطهي والغسيل وكي الملابس وترتيب الغرف.

 

ست البيت

وأضافت أن غياب الوعي في مجتمعنا تجاه هذه البرامج الحياتية المهمة أحدث أزمة كبيرة، فللأسف يبحث الشباب هذه الأيام عن «ست البيت»، ولكنها غير موجودة بسبب اعتمادنا على الفئات المساعدة «الخدم» في كل الأمور، فالزوج مضطر لسؤال الخادمة عن مكان «غترته» لأن زوجته لا تعرف، والزوجة لا تستغني عن الخادمة لانشغالها إما في العمل أو في حضور الأعراس والمناسبات الاجتماعية، والأبناء يستمدون ثقافتهم وأسلوب حياتهم من مواقع الإنترنت والفضائيات.

 

وعي الطالبات

وأكدت رئيسة مفوضية مرشدات رأس الخيمة أن وعي الطالبات بمدى أهمية هذه الحصص الحياتية، يتيح لهن تعميق معرفتهن بذواتهن وقدراتهن، مشيرة إلى أنه من الضروري أن تتكاتف جميع المؤسسات المعنية بشؤون الأسرة في الدولة لتشجيع الطالبات على الإقبال على هذه الدورات والبرامج التي تساعدهن على فهم حياتهن وواجباتهن المستقبلية؛ مثل القيام بشؤون البيت من نظافة وإعداد للطعام في الوقت المناسب، وتربية الأبناء، وعدم الإسراف في الزينة والكماليات والإخلال بالضروريات، وهي الأمور التي تثلج صدر الزوج وتجعله يشعر بالراحة والاطمئنان.

 

من البيت

من جانبه، أوضح طارق الشميري خبير إتيكيت، أنه في الماضي كانت الفتاة تتعلم الأمور الأساسية المتعلقة بإدارة البيت على يد والدتها في المنزل، وتكتسب مهارات جديدة في مجال الطهي والخياطة على أيدي خبراء متخصصين في المدرسة، والرائع أنها كانت تطبق ما تتعلمه في المدرسة في منزلها لتبهر أفراد عائلتها.

وهذا ما ساعد أمهاتنا على تخطي جميع تحديات الحياة الزوجية التي كنّ يواجهنها في الخامسة عشرة والسادسة عشرة من عمرهن وبمهارة، أما اليوم فالحال مختلف تماماً، ومعظم البنات العشرينيات لا يتقنَّ عمل شيء في البيت بشكل عام، والمطبخ على وجه الخصوص، وذلك بسبب تقصير المدارس في هذا الجانب، وعدم اهتمام الأمهات بتوعية بناتهن حول واجباتهن الزوجية.

والاتكال على الخدم في أدق التفاصيل. واقترح خبير الإتيكيت، أن يتم تطوير المناهج الدراسية بحيث تتناول القضايا الضرورية التي من شأنها تخريج أجيال متسلحة بالعلم والخبرات الحياتية، وقال: لا بد من أن تعطى حصص التدبير المنزلي والإتيكيت وغيرها على أيدي متخصصين لا مدرسات عاديات أو صاحبات خبرة، لأنهم الأقدر على إيصال المعلومة بأسلوب سلس يحبب المتلقي في بالمادة المقدمة.

الأكثر مشاركة