الماء المبخر باللبان.. عادة توارثتها الأجيال

ت + ت - الحجم الطبيعي

رمضان في الإمارات، شهر يحمل في طياته الكثير من العادات والتقاليد الجميلة التي تجسد عبق الثقافة والتراث الإماراتي، ومن بين هذه العادات، تبرز طقوس إعداد الماء المبخر بلبان الذكر، وهي عادة توارثتها الأجيال واستمرت حتى اليوم في بعض الأسر الإماراتية.

في زوايا الذاكرة، تحتفظ الوالدة عفراء الخالدي، بصور حية لجلسات رمضانية عامرة بالود والمحبة، تتذكر كيف كانت تجتمع مع النساء في المجالس، تحت سقف من الحكايات والضحكات، كانت تُعد الماء المبخر بكل حب، تضع اللبان على الجمر وتغطيه بـ«الفلاس الطيني»، ذلك الإناء الذي يحفظ الماء بارداً ويضفي عليه نكهة الأصالة، يُسكب الماء المبرد فوق اللبان المدخن ليمتزج بدخانه ويكتسب نكهة ورائحة مميزة.

كان الماء المبخر يُقدم في المجالس كجزء أساسي من الضيافة، ويشرب بارداً، تقول الوالدة عفراء: «كانت تلك اللحظات تجمعنا على الخير والبركة، وكأن الماء المبخر بلبان الذكر لا يروي العطش وحسب، بل يروي الروح والقلب»، وتستمر في سرد ذكرياتها، مُعبرة عن أهمية الحفاظ على هذه العادات الجميلة التي تُعد جزءاً لا يتجزأ من الهوية الإماراتية.

وتضيف الوالدة عفراء أن هذه العادة تعد جزءاً من الذاكرة الجماعية لأهل الدار، وتظهر كيف كانت البساطة والتمسك بالتقاليد جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية، ومع تطور الزمن، لا تزال هذه الطقوس تمارس في بعض البيوت الإماراتية، محافظة على روحانية رمضان. وتؤكد الوالدة عفراء أن هذه العادات الرمضانية القديمة تعتبر جزءاً من التراث الثقافي الغني لدولة الإمارات، وتسهم في إثراء الهوية الوطنية وتعزيز الانتماء للوطن. ومن خلال الحفاظ على هذه العادات، يمكن للأجيال الجديدة أن تتعرف على جماليات الماضي وتستلهم منها في حياتها العصرية.

وتتعدد فوائد اللبان في الماء بحسب الوالدة عفراء، حيث يُعرف بخصائصه المضادة للالتهابات وقدرته على تعزيز الهضم وتقوية جهاز المناعة، كما يعتقد أن له تأثيراً مهدئاً على الأعصاب، مما يجعله مشروباً مثالياً للإفطار.

ولبان الذكر، المعروف أيضاً بـ«الكندر»، يحظى بمكانة مرموقة في الطب الشعبي بمنطقة الخليج، حيث يُستخدم منذ قرون لخصائصه العلاجية المتعددة، ويستخرج هذا السائل العطري من جذوع شجرة اللبان ويعتبر مصدراً غنياً بالمضادات الأكسدة، وفي العلاجات الشعبية، يُستعمل لبان الذكر كعلاج لمتاعب الجهاز الهضمي وكمُسكن للالتهابات التي تصيب الجلد، ويمكن تناوله ببساطة عبر مضغه، أو استخدام زيته المُستخلص، أو حتى حرقه كبخور يستنشق، أو شرب منقوعه للاستفادة من خصائصه العلاجية.

ويعتقد أن له تأثيراً ملطفاً على الالتهابات، ويساهم في تحسين جودة الحياة للأشخاص الذين يعانون من التهاب المفاصل، ويعتبر رمزاً للحكمة الإنسانية التي توارثت عبر الأجيال، واليوم يعيد أهل الخليج اكتشاف فوائده العظيمة، مُحافظين على إرثهم العريق في الطب الشعبي.

Email