«خض السقا» تجسّد روح التفاني والعطاء في رمضان

ت + ت - الحجم الطبيعي

يعج التراث الإماراتي بالعديد من العادات والتقاليد الثرية التي تعكس روح العطاء الذي يتجلى بوضوح في شهر رمضان المبارك، ومنها تبرز عادة «خض السقا»، التي تعتبر رمزاً لتفاني النساء الإماراتيات في تقديم الطعام المصنوع بحب وعناية، إذ إن «خض السقا» ليس مجرد حرفة تقليدية، بل تعبير عن روح التكافل والعطاء التي تميز المجتمع الإماراتي.

وأشارت الوالدة فاطمة راشد، المعروفة بـ«أم راشد»، وعاصرت مرحلة «خض السقا»، أنه وبعد أذان الظهر، تستعد النساء لاستخراج منتجات الحليب لتكون جاهزة لتقديمها في وجبة السحور، ما يجسد العادة الجميلة والتراث الغني للإمارات.

ويعتمد أسلوب «خض السقا» على «السباي»، وهي عبارة عن 3 أعمدة تربط من الأطراف العلوية، وتتباعد في الأطراف السفلية لتشكل منظراً مشابهاً لأوتاد الخيمة، وفي كل عمود، يوجد فتحة لدخول الحبال، التي تستخدم لتثبيت «السقا» أو القربة، وهي وعاء مصنوع من جلد الماعز وبعد تهيئته وتنظيفه وتطهيره يتم وضع اللبن فيه «حليب الأبقار والماعز»، ويخض اللبن داخل السقا جيداً لتكوين واستخراج الزبدة والجبن، والذي يتفاوت حجمه بين كبير من جلد العجل وصغير من جلد الماعز.

وتبدأ النساء بـ«خض السقا» في شهر رمضان المبارك من الصباح الباكر لاستخدام الزبدة والجبنة وغيرها من منتجات الألبان، ولا يقتصر «السقا» في استخراج اللبن والزبدة فقط، بل يشمل أيضاً إعداد السمن الطبيعي، الذي يُعتبر جزءاً لا يتجزأ من المطبخ الإماراتي.

وذكرت الوالدة «أم راشد» أنها تولي اهتماماً خاصاً بإعداد السمن الذي يتمتع بنكهة خاصة بسبب البهارات التي يتميز بها كل بيت تماماً كالكزبرة والحلبة والكركم الطبيعي، الذي يسبب تفاوت لون السمن حسب تركيزه، مما يميز كل منزل عن الآخر في نكهات طعامه. وتابعت: ما يميز شهر رمضان الكريم تبادل أطباق الطعام بين الجيران والألفة والمحبة.

ومع حلول شهر رمضان، تتألق عادة «خض السقا»، حيث تتكاثر الجهود لتجهيز الأطعمة التقليدية التي تعكس الروح الرمضانية، وتتجلى فيها مدى العناية والتفاني الذي تضعه المرأة الإماراتية في إعداد الطعام لأفراد أسرتها وأحفادها، ما يضفي لمسة من الحب والدفء على كل طبق تقدمه، ويجعل شهر رمضان مليئاً بالذكريات الطيبة والتجارب اللذيذة التي تترك أثراً عميقاً في قلوب الأسرة والمجتمع.

Email