جواهر الموروث

«حداء الإبل» تراث شفوي يستمد مخزونه من الحياة البدوية

ت + ت - الحجم الطبيعي

يستحضر شهر رمضان المبارك معه هذا العام، كما في كل عام، بعضاً من عادات المجتمع الإماراتي وتقاليده وطقوسه المتوارثة عن الأجداد.

مستدعياً من الذاكرة معارف وقصصاً تناقلتها الأجيال على مر السنين، هي جزء من إرث البلاد الثقافي الذي حرصت دولة الإمارات على صونه بإدراج عناصره على القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي لليونسكو، ومثال على ذلك، «حداء الإبل» الذي تم إدراجه في ديسمبر 2022 كأحد العناصر الرئيسة لهذا التراث، بهدف حمايته وتوثيقه وإتاحة الفرصة لتطويره.

«الحداء» هو غناء الرعاة ومواويلهم الصادحة في الصحراء العربية وهم ينادون على الإبل لحثها على التجمع أو السير في انتظام، شكل منذ الأزل وسيلةً للتواصل مع قطعانهم، ومع الوقت تطور هذا التعبير الشفوي من مجموعة من الأصوات إلى فن من الشعر الغنائي البدوي، دخلت فيه المعاني والأشطر الموزونة وغنى المحتوى، وتميز بجمال المعنى وعذوبة الصوت.

فكان أنيساً للرعاة في حلهم وترحالهم، وموروثاً شفهياً متناقلاً أسس لمخزون هائل من القصص والمرويات على امتداد تاريخ العرب.

شعر غنائي

وتفيد المصادر المطلعة، أن كل حدوة ينادي بها رعاة الإبل قطعانهم اليوم تتألف من عدة أبيات، وغالباً ما تنساب موسيقاها بلحن حزين في تناغم مع الترحال والتنقل، إلاّ حين يكون غناء الحدّاء لغرض حماسي تشجيعي، حينها تختلف النغمات.

وعندما يطلق الراعي الحدوة، تتفاعل الإبل مع الأصوات اعتماداً على اللحن والطريقة التي دربها عليها الراعي، وهي تعرف صوت صاحبها وتستجيب له فوراً.

ويستقى الحداء كتراث شفوي مخزونه من بيئة البدو وثقافتهم وعلاقتهم الوثيقة بالناقة. فمن دون الإبل لما كانت الصحاري قابلة لسكن البشر، وقد شكلت تلك المخلوقات زاد البدو وعدتهم وكانت سفينتهم في الصحاري، واعتبروها مصدراً للفخر والاعتزاز، ورمزاً للعطاء والخير.

في الماضي، كانت ممارسة هذا التراث الذي توارثته الأجيال مرتبطة بالقوافل، حيث كانت تسير الإبل جنباً إلى جنب مع القوافل محملة بالأثقال في الصحراء، أما في الوقت الحالي فيستخدم لتوجيه قطيع الإبل وتهدئته أثناء الرعي، عن طريق استخدام الأصوات والإيماءات والأدوات الشفهية.

Email