كراتشي دربار 4 عقود في رحاب المطبخ الباكستاني

تطل حلقة «وين بنسير اليوم؟» من دبي، حيث تقف في ظلال برج نهار التاريخي، الواقف في المكان ذاته منذ العام 1870، ناذراً نفسه لحماية «دانة الدنيا».

وفي رحلتنا نكتشف أسرار مطعم «كراتشي دربار»، الواقف على عقده الرابع، ونمر في الطريق على حلويات قويدر النابلسي، لنتذوق بعضاً من أطايب الحلويات العربية.

منذ قرن ونصف القرن، يتحمل برج نهار الأثري لسعات الشمس ورطوبة الليل، وبرد الشتاء لعقود.. لا يزال شامخاً منذ وضعت اللبنة الأولى في جسمه العملاق، واقفاً كسيف على الساحل، حيث كان الأولون يستخدمونه حصناً لمراقبة بر المدينة وبحرها، من أجل صد الهجمات التي قد تتعرض لها.

بين حجارته، يحمل برج نهار الكثير من حكايات الناس الذين مروا عليه، ويحفظ بين ثناياها أحاديثهم وكلماتهم وحتى أغنياتهم، يقف بكل أناقته وسط منطقة المطينة، ليسرد على مسامع الذين يمرون به.

تلك الحكايات، يقول لهم كيف كان يحرص بعينه «دانة الدنيا» عندما كانت صغيرة، وحتى أضحت مدينة لها وزنها على الخريطة العالمية، يخبرهم كيف كبرت المدينة وتطورت، ويكشف لهم عن أسرار الأبراج العتيقة، يخبرهم أنه برج شيد من أحجار المرجان والطين، كمثل غيره من الحصون والقلاع التي تنتشر في كل أرجاء الدولة، ويخبرهم عن سر صموده حتى اللحظة، ويبين لهم كيف تعرض لعمليات ترميم في 1992، ليبقى محافظاً على هويته التراثية والعمرانية.

حلة خضراء

الساحة المحيطة ببرج نهار لا تخلو من الجمال، فقد تأنقت وارتدت حلة خضراء، بفضل الحدائق المحيطة به، حيث يقصده السياح والزوار والسكان، هناك ينفقون وقتاً طويلاً، وإن تعبوا يركنون إلى ظلاله، ليحدثهم عن ليالي الشهر الكريم، وكيف كان الناس قديماً يصبرون على الجوع، طمعاً في رحمة رب كريم، أنعم عليهم كثيراً.

في رمضان، يحلو الإفطار بالقرب من برج نهار، حيث يقع هناك مطعم كراتشي دربار، البالغ من العمر 40 عاماً، وقد شُيد على يد الباكستاني محمد فاروق، الذي رحل عن الدنيا تاركاً إرثه بين يدي ابنته فاطمة، التي تتولى إدارة السلسلة الممتدة على طول الإمارات، بحسب تعبيرها لـ«البيان»، حيث بينت أنها وصلت إلى سدة الإدارة في 2019، مباشرة بعد رحيل والدها، مشيرة إلى أن المطعم يمتلك حالياً 21 فرعاً.

مائدة عامرة

ما إن تطالع قائمة المطعم حتى تصاب بالحيرة، فهي تتأرجح بين المطبخ الباكستاني والهندي والصيني والعربي أيضاً، ولكل واحد منها زبائنها، وتفيد فاطمة: إن الكثير من العرب يترددون على المطعم طلباً لطبقه الرئيسي «البرياني» سواء بالدجاج أو اللحم، بينما السياح وأهل الفلبين يفضلون الأطباق الصينية، في حين أن الباكستانيين والهنود يقبلون على الأطباق، التي تنتمي إلى بلدانهم.

في رمضان، تكون مائدة كراتشي دربار عامرة بالأطباق، بدءاً من تكة الدجاج، وبرياني الدجاج، وكباب اللحم والدجاج ومروراً باللحم مع العدس، وليس انتهاء بطبق لحم الغنم البشاوري، والذي يعد بمثابة الجوهرة التي تزين عقد «كراتشي دربار»، بينما لا تخلو المائدة من شراب الليسي، والذي يوصف بأنه تقليدي، يتراوح طعمه بين المالح والحلو.

قبل أن تخطو بقدميك خارج منطقة المطينة، لا بد أن تخطو في شارع المرقبات، الذي يعد واحداً من أشهر شوارع «دانة الدنيا»، وفي رمضان يرتدي هذا الشارع حلة أخرى، حيث تتنافس الأضواء في ما بينها، وتتزاحم ألوانها.

لا يمكنك المرور في هذا الشارع من دون أن تعرج على حلويات قويدر النابلسي، الذي يبلغ من العمر 21 عاماً، تعود على مدارها تقديم تشكيلة من الحلويات العربية، بدءاً من الكنافة النابلسية وليس انتهاء بالمهلبية.

 

الأكثر مشاركة