«الجوارح الشعبي».. طبق الـ «غوزي» على نار هادئة

ت + ت - الحجم الطبيعي

في حلقة «وين بنسير اليوم؟»، يتجلى تاريخ دبي، حيث نحط رحالها في منطقة القصيص، ذات التاريخ العريق، ونطوف بين أروقة سوق التوفير، البالغ من العمر 35 عاماً، ونزور خلال جولتنا مطعم الجوارح الشعبي، حيث نتعرف إلى تفاصيل طبق الـ «غوزي» التراثي، الذي يحتاج نضوجه إلى نحو 4 ساعات، كما نتناول حلويات جولاب جامون، التي يعشقها زوار سوق التوفير.

تتعدد مناطق دبي، لكل واحدة منها سحرها الخاص، وتاريخها الذي تقرأه على صفحات مبانيها، وتلتقط تفاصيله من شوارعها وأروقتها، حيث تروي هذه الصفحات، تاريخ أناس حطوا رحالهم في المكان، وملؤوا فضاءه بأصواتهم وحركاتهم، ونشروا فيه قيمهم وتقاليدهم، التي لم تنفصل يوماً عن تقاليد أهل «دانة الدنيا»، فهي أصيلة فيهم، ومزروعة بقلوبهم.

من تلك المناطق، تطل علينا القصيص، تلك التي تعد من أقدم مناطق دبي، حيث يعود فيها التاريخ إلى الوراء عقوداً طوالاً، فهي حاضنة لموقع «القصيص الأثري»، الذي يعد من أقدم المستوطنات البشرية وأكبرها، فكتب التاريخ تشهد بأنها تعود إلى الألفية الأولى قبل الميلاد.

لم تظل القصيص التي تشتهر بمبانيها العتيقة، كما هي، فمع مرور الزمن، تحولت، وباتت قبلة الباحثين عن الهدوء وعبق الماضي، والأكلات الشعبية، وكذلك الأسواق الشعبية، كما «سوق التوفير»، الذي يحتضن في قلبه، مجموعة كبيرة من المحال التجارية التي يقصدها مواطنو الدولة والمقيمون على أرضها، أملاً بالعثور على غايتهم بين أروقته.

ثراء تاريخي
سوق التوفير، له من العمر 3 عقود ونصف العقد تقريباً، وهو يعد واحداً من الأسواق المعروفة في دبي، يضم بين أروقته محال كثيرة، وأيضاً مطعم الجوارح الشعبي، المتخصص بتقديم المأكولات الإماراتية، والذي ما إن تتجاوز مدخله الرئيس، حتى تجد نفسك في حضرة دبي، حيث أطلقت أسماء مناطقها على غرفه المتعددة، بدءاً من جميرا ومروراً بزعبيل، وليس انتهاءً بالقصيص، المنطقة التي يقع في قلبها، ليذكرنا بأهمية هذه المنطقة، ومدى ثرائها التاريخي والأثري.

على جدران المطعم، الذي يعود في نشأته إلى عام 1999، تتوزع الأدوات التراثية، التي تعيدنا إلى زمن الطيبين، ويذكرنا برائحة المأكولات التي تعودت الجدات على إعدادها، ومن بينها الـ «غوزي»، تلك الأكلة الشعبية، التي لا تغيب أبداً عن المائدة الرمضانية، حيث يعشقها مواطنو الدولة، وكذلك المقيمون على أرضها.

تمتاز هذه الأكلة بطريقة إعدادها الخاصة، فنضوجها يحتاج إلى ما يقارب 4 ساعات، حيث توضع مكوناتها على نار هادئة، وتوصف بأنها وجبة غنية ومتكاملة في عناصرها الغذائية، وبكونها خفيفة على المعدة.

رائحة الماضي
المطعم لا يكتفي بتقديم وجبه «غوزي»، وإنما تتسع قائمته لعدد كبير من المأكولات الإماراتية. خلال جولتك في سوق التوفير، لا بد أن تتنسم رائحة الماضي، التي تفوح من بين جدرانه العتيقة، تلك الرائحة التي يقع في «هواها» كل من يزور السوق، الذي لا يخلو من رائحة الحلويات الهندية، مثل «جولاب جامون»، التي يمكن تناولها من إحدى الكافتيريات الموزعة في أرجاء السوق، الذي تفيض فيه رائحة شاي «الكرك»، الذي يعد ضيفاً أساسياً في قائمة المشروبات الساخنة.

تاريخ منطقة القصيص ممتد، وفصوله تسرد على مسامعنا حكايات وأقاصيص تضج بصوت الماضي، يعشقها كل من يستمع إليها، ففي هذه المنطقة، تشكلت بعض ملامح «دانة الدنيا»، التي أضحت اليوم مدينة عالمية، يقصدها الجميع من كل منابت الدنيا.

Email