جواهر الموروث

الصقارة.. تقليد إماراتي عريق مغزول بجناحي طائر

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يستحضر شهر رمضان المبارك هذا العام، كما في كل عام، بعضاً من عادات وتقاليد المجتمع الإماراتي وطقوسه المتوارثة عن الأجداد، مستدعياً من الذاكرة معارف وقصصاً تناقلتها الأجيال على مر السنين، هي جزء من إرث البلاد الثقافي الأصيل، الذي حرصت دولة الإمارات على صونه، بإدراج عناصره على القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي لليونيسكو، ومثال على ذلك، رياضة الصقارة، التي تم تسجيلها بتاريخ 16 نوفمبر 2010.

الصيد بالصقور

وتمثل الصقارة من التقاليد المحببة في الإمارات، لارتباطها الوثيق بثقافة البلاد وأهلها، وطريقة عيشهم الممتدة في الصحراء، إذ كانت تلك الطيور الجارحة وعلى مر السنين شريكاً في صيد الطرائد، كالحبارى والأرانب، ما جعلها مصدراً مهماً للغذاء، وملهماً لقصص وحكايات كثيرة لا تنضب، فيما يقال إن الصقارين فضلوا تلك الطيور عن غيرها في الصيد، لسهولة تدريبها على التقاط الطرائد حية دون قتلها، أو قضم أجزاء منها.

وعلى مر العصور، ومع غياب الحاجة إلى الصيد، تطورت الصقارة في الإمارات إلى رياضة شعبية، وازدادت جاذبيتها، بدعم من جهات ومؤسسات متنوعة، وعبر العديد من البطولات والمهرجانات السنوية، النوعية، كبطولة فزاع للصيد بالصقور.

من جهة أخرى، أصبحت عروض الصقارة شكلاً من أشكال صون التراث الثقافي الإماراتي واستدامته، إذ تحول الصقّارون لحراس لهذا التراث القديم. ويمثل الصقر الشعار الوطني للدولة. كما يحتفظ بمكانته المعتبرة في ثقافة البلاد، لارتباطه بقيم نبيلة وصفات أصيلة، مثل الشجاعة والفخر والتواضع والعمل بروح الفريق.

صون وحماية

وحفاظاً على هذا الطائر المذهل، اتخذت دولة الإمارات العديد من الخطوات لحمايته، فوضعت برامج لإعادته إلى بيئته الطبيعية، وتمكينه من التكاثر، وكانت أول دولة تصدر نظام جواز خاص للصقور، كما افتتحت مستشفيات ومراكز مخصصة للاهتمام بها، في دبي وأبوظبي.

وفي سياق متصل، اتخذت خطوات لتكريس الصيد المستدام، عبر تأكيد أهمية اقتناء الصقور المتكاثرة، بدلاً من الصقور البرية، ووضع ضوابط تتعلق بصيدها.

وعادة ما تستخدم إناث الصقور في الصيد، ويجري الاعتناء بها جيداً أثناء تدريبها، فعملية التدريب تتطلب صبراً وفهماً لسلوك الطائر، كما تتطلب احتراماً، وإيجاد رابط قوي معه، وتجري العادة أن يُغطّى وجه الطائر بغطاء مصنوع من الجلد الناعم، يسمى «البرقع»، لتهدئته وللحفاظ على تركيزه، ويستمر تدريبه من شهرين إلى ثلاثة أشهر.

ومثل الخيول، يتم تقييم الصقور بناء على قوتها وسرعتها، فبصرها ثاقب، وهي ترى ثماني مرات أبعد من البشر، كما تصل سرعة طيران بعض أنواع الصقور إلى 200 ميل في الساعة.

Email