شهاب غانم مسافر بين اللغات على متن القصيدة

ت + ت - الحجم الطبيعي

الحديث معه لا يجد طريقه إلى الملل. إن تحدثت إليه يصبح كله آذاناً صاغية، وبمجرد أن ينطق، يفتح أمامك مخازن معارفه، إنه الشاعر الإماراتي د. شهاب غانم، الذي تظلل براية الشعر وحملها على ظهره منذ سنوات، فأصبح مغرماً بـ«ديوان العرب»، تاركاً في الوقت ذاته العنان لشعره لأن يسافر بعيداً فيعبر اللغات، بينما وضع معارفه بين دفتي كتب كثيرة باللغتين العربية والإنجليزية، من بينها «مختارات من شعر د. محمد عبده غانم»؛ الإصدار «العزيز على قلبه». 

مكانة

منذ سنوات طوال، والدكتور شهاب محمد غانم، يحجز له مكانة متقدمة في المشهد الأدبي والثقافي المحلي، لتتسع حدوده لاحقاً ويصبح علامة في المشهد الثقافي العالمي، مستحقاً عن ذلك جائزة طاغور للسلام، مسجلاً بذلك اسمه أول عربي يحصل على هذه الجائزة، التي بدت وساماً يزين صدره، فيما أعماله سواء تلك التي أنجزها في الترجمة أو التي تنتمي إلى «ديوان العرب» لا تزال تشهد على علو مكانته في المشهد الثقافي المحلي والخليجي.

الدكتور شهاب غانم، وهو ابن الشاعر الراحل د. محمد عبده غانم، رضع الشعر منذ أن كان طفلاً، فبدايته معه كانت في المدرسة الثانوية، ثم الجامعة في أسكتلندا، وتألق في الشعر العاطفي والوطني والتأملي وبعض الشعر الروحاني، ثم كتب شعر الأسرة وشعر الحب والشعر الإنساني.

وفي بداياته مع الشعر تلقى الكثير من توجيهات والده، وتعلم على يديه كيف يتقبل النقد، وطرق التعبير عن النفس، ووسع تجربته الشعرية عبر الاطلاع على مدارس الشعر المختلفة، بدءاً من الجاهلي، ومروراً بالعباسي، وليس انتهاء بالمعاصر، فيما لم يغض طرفه عن الشعر الصوفي والكلاسيكي، وقرأ لأمير الشعراء أحمد شوقي.

وذهب إلى أبعد من ذلك، ليحط رحاله عند حدود شعر جاك بريفر، وشكسبير، وغيرهما، لينمي ذلك في قلبه الشعر الإنساني، ولعل ذلك ما عزز من اعتقاده بأن «الشعر عابر للغات»، وأنه «يمكن ترجمته إلى لغات عدة، وبرغم ذلك يظل حافظاً لجمالياته الأصلية كالمعاني والصور والمشاعر، حتى وإن خسر الوزن والإيقاع والجناس».

16 لغة

تجربة د. شهاب غانم عامرة وطويلة، مزروعة بمعاني الشعر وصنوف الترجمة، وهو الحائز شهادة البكالوريوس في الهندسة الميكانيكية والكهربائية من جامعة أبردين البريطانية، ودرجة الماجستير في تطوير موارد المياه من جامعة روركي البريطانية، ودرجة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة كارديف البريطانية.

واشتغل بالترجمة كثيراً رغم كونها تقتصر على ترجمة الشعر، فكل الأعمال التي ترجمها كانت شعرية، ما عدا كتاباً واحداً يحوي 25 قصة إماراتية ترجمها إلى الإنجليزية بالاشتراك مع ابنته وئام غانم، ليحصل الكتاب لاحقاً على جائزة العويس للإبداع، فرع الترجمة عام 2017.

قصائد د. شهاب غانم لم تبقَ حبيسة «لغة الضاد»، وإنما تزينت بحروف لغات أخرى يصل عددها إلى 16 لغة، ويأتي ذلك إيماناً منه بأن «الاهتمام بالترجمة، يمثل جزءاً من الاهتمام بالحضارة وتقوية عودها»، إذ تعطي متسعاً أمام الآخرين للتعرف إلى أهم الإنتاجات الأدبية والعلمية وسواهما. وفي هذا السياق، كان د. شهاب غانم قد قال في أحد حواراته مع «البيان»: «لا شك في أن انطلاقة الحضارة الإسلامية في العصر العباسي كانت مع الاهتمام بترجمة ثقافات الأمم للعربية. ولكن ينبغي أيضاً الاهتمام بترجمة أهم نتاجنا إلى اللغات الحية».

صدر د. شهاب مثقل بالجوائز والأوسمة، وشهادات تقدير عدة، فهو شخصية العام الثقافية بجائزة العويس للإبداع عام 2013، وهو أول من حصل على جائزة العويس للإبداع عام 2012 في مجال الترجمة، كما حصل على جائزة معرض الشارقة لأفضل كتاب مترجم مرتين عامي 2003 و2007، وأيضاً جائزة راشد للتفوق العلمي عام 1989.

وجائزة العويس للبحث العلمي 1998، وجائزة نادي أبها للديوان الشعري في السعودية، والجائزة الأولى للشعر في الإمارات عام 1984 من دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، كما يتزين صدره بقلادة الشعر من الدرجة الأولى من بيت الشعر اليمني وسميت الدورة 2010-2011 باسمه، وهو حاصل أيضاً على قلادة السلام من منظمة سوجي جاكاي اليابانية في عام 2012.

لم يتوقف مداد د. شهاب غانم حتى اللحظة، فلا يزال عود الشعر لديه أخضر ولم يجف بعد، ولعل ذلك ما قاد قصائده لأن تحلق في عوالم الموسيقى، إذ غنى له المنشد الإماراتي أسامة الصافي، وكذلك الفنانان اليمنيان أحمد بن أحمد قاسم، وفرسان خليفة وغيرهما.

 
Email