رمضان لوّل

أحمد الجابر: بساطة ومجالس تعمّق الروابط المجتمعية

ت + ت - الحجم الطبيعي

«المجتمع الإماراتي ما زال يحتفظ بعادات رمضان قديماً، ولكن ضغوط التحضر ومرور السنين أسهما في اندثار بعضها، فيما لا تزال أخرى تقاوم الاندثار».. هكذا بدأ أحمد سلطان الجابر، العضو الأسبق في المجلس الوطني الاتحادي، حديثه عن رمضان زمان، والذي أكد أنه لم يختلف كثيراً في شكل الفرحة التي تعم الإمارات وكافة الدول العربية فور قدومه، كما كنا نعتقد قبل 50 عاماً أن رمضان الإمارات يختلف عن دول الخليج في العادات والتقاليد، ولكن المختلف هو طريقة التعبير عن هذه الفرحة؛ فقديماً رمضان يتميز بالتكافل الأسري وتجمع الأهل والجيران عقب صلاة التراويح في المجالس.

وقال الجابر: شهر رمضان المبارك له أجواء وذكريات خاصة تختلف عن باقي شهور السنة، ولكن مع التطور الذي شهدته الحياة في السنوات الماضية اختلفت الظروف الخاصة به، فقد كانت الحياة في الماضي أكثر بساطة تجسدت في الالتفاف العائلي وتبادل الزيارات بين الأقارب والعائلات، كما أن المجالس العائلية الرمضانية كانت تثري ثقافة الجميع، ويتم فيها تبادل الموضوعات المهمة بين الحاضرين، فتستفيد منها الأجيال العمرية الصغيرة والشابة من ذوي الخبرات في كافة شؤون حياتهم، إضافة إلى اكتساب الخبرات من أصحاب الأعمال المتنوعة، كما كانت أعداد المجالس أقل، ولكن كانت الفائدة أكثر على الجميع وأعم.

نخب

وأضاف: المجالس الرمضانية في الماضي كانت تظل مفتوحة طوال الشهر الكريم، وتقدم فيها الضيافة المعهودة لتعكس الكرم الإماراتي الأصيل، وكانت بمثابة ملتقى ثقافي ديني اجتماعي يجذب إليه الجميع، مثنياً على المجالس في الوقت الحاضر والتي أصبحت أكثر تنظيماً - خصوصاً - وأن الدولة أنشأت العديد منها وسط الأحياء السكنية، فتقام فيها الاحتفالات والمناسبات، الأمر الذي خفف كثيراً من الأعباء المالية على الأسر المواطنة.

واستطرد الجابر: إن المجلس الرمضاني الخاص به كان يلتقي فيه الكثير من المعارف والنخب من المثقفين منذ العام 1969، ويتم من خلاله مناقشة المواضيع التي تصب في صالح المجتمع، شأنه في ذلك شأن المجالس الرمضانية في الإمارات التي تتميز عن خلافها بالبساطة ولم شمل الجميع، والتقاء كافة فئات المجتمع بعضها مع بعض في أجواء مفعمة بالحب والتواصل المباشر بين جميع الحاضرين، فتزداد قيم التراحم والتسامح رسوخاً.

بذخ

وأضاف الجابر، أن بعض الأسر تبالغ في عرض مائدة الإفطار حالياً، فتشمل الأطباق المحلية والعالمية التي تزيد على حاجتها، كما أنه حينما نتذكر الاختلاف بين الماضي والحاضر، نتذكر الحب الذي كان يجمع أفراد الفريج جميعهم على سفرة واحدة وقلب واحد وطعام بسيط، يتقاسمونه معاً، أما اليوم فبات اجتماع الفطور مقتصراً على الأسرة الواحدة ربما قد يجتمع الجميع أو لا يجتمعون، كما أنه خلال الشهر الفضيل ينبغي على الأسر التخفيف من البذخ في الموائد الرمضانية، والمحافظة على النعمة واستذكار الحياة التي عاشها الأجداد والآباء، كما أنه يجب عليها إكساب الأبناء ثقافة الترشيد في النفقات والتوازن فيها، لافتاً إلى أنه في الماضي كانت الحياة قاسية والدخل محدوداً، ولكن بعد التطور الذي شهدته الإمارات بفضل الله تعالى، ثم بفضل باني نهضتها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، عمّ الخير كافة الإمارات، حيث كان العطاء والسخاء من زايد الخير لكافة أبناء الدولة، ما انعكس إيجاباً على حياتهم والتي ازدادت رفاهية بفضل دعم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، والذي تجسد في توفير الحياة الكريمة لأبناء الإمارات بمختلف فئاتهم.

بساطة

وبيّن أن بيوت السعف كانت هي الواقي من حرارة الصيف، خصوصاً في شهر رمضان وأيام اشتداد الرطوبة، فلا مكيفات ولا ثلاجات، ورغم ذلك كان لرمضان نكهة خاصة وحلاوة يحسها جميع مواطني الدولة من خلال البساطة التي كانوا يعيشونها، كما أن الإفطار يكون في الساحات خارج المنازل كعادة أهل الإمارات، لأنهم كانوا حريصين على تقوية الروابط الأسرية والاجتماعية فيما بينهم، فتجلى ذلك في الموائد الرمضانية المفتوحة، التي كان يلتف حولها الجميع، وبعد صلاة التراويح يلتف الناس ويجتمعون في المجالس ويستمعون إلى قصص كبار المواطنين فيما يتعلق بأمور الحياة، فيتبادلون الحكايات في جو مشحون بالألفة والمحبة، وأن تلك التجمعات كانت لها إيجابيات عديدة يستفيد منها الكبار والصغار، فهي تنمّي فيهم روح التكافل والتعاضد وحب الآخرين.

Email