المغرب.. تنوّع الإرث وعراقة التقاليد

ت + ت - الحجم الطبيعي

يستقبل أهل المغرب رمضان بطقوس خاصة، إذ تتعانق قداسة الشهر الكريم مع عراقة الإرث الثقافي الذي يخترق في بوتقته خلاصة الحضارات التي مرت على أراضي المملكة.

وتعم الأفراح البيوت التي تستعد للمناسبة بالزغاريد والأضواء والبخور وترتيب كل زاوية من المنزل بشكل ينسجم مع طبيعة الاحتفال، كما تخرج النساء للتبضع وشراء ما يلزم للمطبخ.

وتشهد الأسواق القديمة بالمدن العريقة حركة ونشاطاً اقتصادياً متميزاً، إذ تهفو نفوس المتسوقين إلى كل ما هو عتيق وعريق، وللإرث الحضاري الأصيل الذي تتميز به البلاد سواء من حيث اللباس والديكورات والإكسسوارات أو من حيث أطباق الطعام والحلويات ومكوناتها.

ومن أبرز وأهم مميزات رمضان في المغرب، الدروس الحسنية وهي دروس دينية تلقى بحضور الملك محمد السادس وتحت رئاسته الفعلية وبحضور كوكبة من العلماء والمشايخ والدعاة والقراء وأصحاب الفكر والثقافة من المغرب وخارجه طيلة أيام الشهر.

وتعتبر الدروس الحسنية خصوصية انفردت بها المملكة المغربية في رمضان، بحيث أصبح القصر الملكي بالرباط جامعة رمضانية، يتم دعوة الفقهاء والباحثين لإلقاء دروسهم من خلالها حول قضايا وهموم الأمة الإسلامية ومشاكلها، وفق منهجية علمية تكرس قيم الحكمة والوسطية في الطرح والمعالجة.

وتقاوم التطرف الإيديولوجي بكل أشكاله وتنبذ الإرهاب، وتدعو إلى التضامن والتعاون والتكافل بين المسلمين وتبني القيم الإنسانية في سموها وشموليتها.

مائدة رمضان

تتميز مائدة الإفطار المغربية بتنوع وتعدد مكوناتها المستلهمة من التراث العريق بأبعاده المختلفة من أمازيغية وأندلسية ومتوسطية وعربية وإفريقية. ولا تكاد مائدة تخلو من «الحريرة» وهي شوربة من اللحم والحمص والعدس والشعيرية مع الكزبرة والبقدونس والكرافس والطماطم والبصل. ويقبل المغاربة في رمضان على عدد من الأطباق والأكلات التقليدية من بينها خبز البغرير الذي يقدم على مائدة الإفطار.

والرغايف والسلو وهو معجون الدقيق والزبدة والسكر معاً والشباكية المصنوعة من الدقيق الأبيض والعسل والسمسم وماء الورد والكسكس الذي يعتبر طبقاً خاصاً بدول المغرب المغربي. ويخرج المغاربة من بيوتهم لأداء صلاة العشاء والتراويح بالمساجد في مختلف أرجاء المملكة، وفي الطريق يتبادلون التحايا والتهاني والتمنيات بدوام الصحة والعافية، وتحظى بعض المصليات بشهرة واسعة.

وبعد صلاة التراويح، تشهد الفضاءات الثقافية والعامة عروضاً فنية متنوعة بعضها مسرحي وبعضها موسيقي غنائي يتوزع عادة بين الترانيم والأناشيد الروحية والصوفية والابتهالات الدينية وبين الأنماط الموسيقية التقليدية كالموشحات الأندلسية والطرب الغرناطي الذي يحتل مكانة كبيرة بين المغاربة.

وفي العشر الأواخر يحتفي المغاربة بالأطفال الذين جربوا الصيام لأول مرة، ذلك بهدف تعويدهم على أداء هذه الفريضة وربطهم بإرث الآباء والأجداد كما يتم إحياء بعض العادات القديمة ومنها الزفة الخاصة بالفتيات الصغيرات والتي تتزامن مع إحياء ليلة القدر والمقصود بها تكريم البنات الصغيرات اللواتي بدأن الصيام كتجربة جديدة في حياة كل واحدة منهن.

Email