لماذا نتأمل؟2

امض إلى مكان هادئ تستطيع فيه التأمل بعمق .. هكذا تصقل ذهنك وتضي ء الشعلة السماوية في دواخلك فتكتسب رؤية أكثر موضوعية ووضوحاً تجاه العالم

 

ألقينا نظرة، في مقالنا السابق، على مقارنة لورنس لوشان بين التأمل والحفاظ على اللياقة البدنية، وعلقنا بالقول إنه على الرغم من أن رفع الأثقال ربما يبدو نشاطا عبثيا، فإن الهدف ليس الثقل في حد ذاته، وإنما الشعور بالتحسن الذي نستشعره لاحقا. وفي حالة التأمل، فإن الهدف ليس أن نجلس ساكنين للغاية منتبهين إلى تنفسنا، وإنما أن نكتسب إدراكا جديدا للواقع.

هل هذا الإدراك الجديد للواقع أمر مهم؟

يوافق لوشان على أن هذه نقطة معقدة للغاية، فنحن من ناحية يمكننا أن نتحرك بكفاءة بالغة في العالم، على نحو ما نعرفه. ومن ناحية أخرى، ندرك أن كثيرا من الناس الجديرين باحترامنا، مثل غاندي أو القديسة تيريزا من أفيلا أو بوذا، حاولوا إدراك الواقع بشكل مختلف، ودفعهم هذا إلى القيام بالخطوات العملاقة التي خطوها، وهي خطوات غيّرت مصير الإنسانية.

وتماما، كما هي الحال في الحفاظ على اللياقة البدنية، التي يبتكر المعلم الجيد في إطارها، مجموعة مختلفة من التمارين الرياضية لكل طالب، ليس هناك أسلوب واحد للتأمل، وأي شخص مهتم بذلك ينبغي أن يجد أسلوبه الخاص، غير أن هناك خطوات أولية معينة موجودة في كل الديانات والثقافات، تقريبا، التي تستخدم التأمل كوسيلة للعثور على السلام الداخلي. وسأتطرق إليها الآن (منطلقا من كتاب لورنس لوشان الرائع بعنوان" كيف تتأمل؟"):

في قصة زن شهيرة، سأل لاو شي معلمه وانغ تاي: " ما الذي ينبغي علي القيام به لكي أصبح أقرب إلى السماء؟". فطلب منه تاي أن يصحبه إلى قمة أحد الجبال، وهناك التقط شمعة من جيبه وأعطاها إلى تلميذه ليشعلها، فحاول لاو شي القيام بذلك مرات عديدة من دون أن تكلل محاولاته بالنجاح. فعلق: " الرياح شديدة هنا، ولا أستطيع القيام بذلك". ورد المعلم: " ولكن على بعد ميل أو نحو ذلك، الرياح ليست شديدة".

فأجابه: " ما جدوى ذلك؟ يتعين علي أن أسير إلى هناك، كي أشعل شمعة في مكان لا تهب فيه الريح".

فرد تاي (المعلم): " بالطريقة نفسها، على وجه الدقة، لكي تعلم ذهنك وتضيء الشعلة السماوية في داخلك، لا بد لك من أن تمضي إلى مكان أكثر هدوءا".

هكذا، فإنك سواء كنت تحاول أن تعثر على اليقين أو على نفسك، إذا قمت بالتأمل فإنك ستجد مكانك الهادئ، وتكتسب رؤية أكثر موضوعية، وأكثر وضوحا، للعالم.

الأكثر مشاركة