قصتا دربين

ت + ت - الحجم الطبيعي

جميعنا يطعن في السن في وقت ما .. لكن نكتسب صفات جديدة يمكن تحويلها دوما

إلى ميزة إيجابية

 

الجرة المتصدعة

تحكي أسطورة هندية، قصة رجل اعتاد نقل الماء يومياً إلى قريته، مستخدماً جرتين كبيرتين مربوطتين إلى طرفي عصا خشبية متينة يحملها على كتفيه.

وكانت إحدى الجرتين أقدم من الأخرى، ومليئة بالتشققات الصغيرة، وكان الرجل كلما عاد أدراجه سالكاً الطريق إلى بيته، يفقد نصف كمية الماء الموجودة في الجرة القديمة. وعلى مدى سنتين، اعتاد القيام بالرحلة نفسها. وكانت الجرة الأقل قدماً، فخورة دوماً بالطريقة التي تنجز فيها عملها، وواثقة من أنها على مستوى المهمة التي وجدت من أجلها، في حين ان الجرة القديمة، كانت تشعر بالخجل القاتل، كونها غير قادرة إلا على تأدية نصف المهمة الموكلة إليها، على الرغم من إدراكها أن التشققات نتاج سنوات مديدة من الكد والعمل.

وكانت الجرة القديمة تشعر بالخجل الشديد، إلى درجة أنها في أحد الأيام، وبينما كان الرجل يستعد ليملأها بالماء من البئر، قررت ان تفتح حديثاً معه.

فقالت له: "أود أن اعتذر منك، فلأنني موغلة في القدم، لا تستطيع إلا نقل نصف كمية الماء التي تملأني بها إلى البيت، وأن تسقي نصف العطشى الذين ينتظرونك في منزلك".

ابتسم الرجل. وقال لها: "عندما نعود أدراجنا، احرصي على إلقاء نظرة فاحصة على الدرب".

ونفذت الجرة ما طلب الرجل منها، ولاحظت أزهارا ونباتات عدة، تنمو على جانب واحد من الطريق. فخاطبها الرجل: "هل ترين كم هي أجمل الطبيعة على جانبك من الطريق، كنت أعلم أن لديك تشققات، لكنني قررت الاستفادة منها. فزرعت الخضار والأزهار هناك، وأنت كنت تسقينها على الدوام. ولقد قطفت عشرات الورود لتزيين منزلي، وهكذا تنعم أولادي بمذاق أوراق الخس والملفوف والبصل. ولو لم تكوني على الصورة التي أنت عليها، لما تمكنت أبداً من إنجاز ذلك. فجميعنا يطعن في السن في وقت ما، ويكتسب صفات جديدة يمكن تحويلها دوماً إلى ميزة إيجابية".

 

كيف تم تشكيل الدرب

وجدت في العدد 106 من صحيفة "جورنالينو" البرتغالية، قصة تنطوي على دروس كثيرة، تتعلق بالخيارات التي نتخذها من دون تفكير.

"في أحد الأيام، احتاج عجل الى عبور منطقة في وسط غابة عذراء، بغرض العودة إلى حقله، ولكونه حيوانا يتصف في طبيعته باللاعقلانية، فقد شق طريقا ملتوية مقوسة، فأخذ يجول في أنحاء الغابة، ذهاباً وإياباً، قبل الوصول إلى مقصده.

وفي اليوم التالي، مر كلب في هذه السبيل، واستخدم الدرب نفسه لعبور الغابة. ثم جاء دور كبش، (قائد قطيع أغنام)، وما ان رأى الطريق المفتوحة، حتى قاد رفاقه عبرها.

ولاحقاً، بدأ الناس في استخدام هذه الطريق، ذهاباً وإياباً، متجهين يمنة ويسرى، وقد أجبروا أحياناً على الانحناء لتجنب العقبات التي كانت تعترض سبيلهم، وهم يتذمرون ويلعنون الساعة التي مروا بهذه الطريق، وكانوا محقين في قولهم، لكنهم لم يفعلوا أي شيء للتفتيش عن بديل.

أصبحت الطريق بعد الاستخدام المكثف لها، شارعاً ضيقاً سارت على دربه الحيوانات الجائعة المثقلة بالأحمال، والمجبرة على السير لساعات ثلاث، لعبور مسافة، كان يمكن قطعها بسهولة، في غضون ثلاثين دقيقة، لو لم تتبع الدرب الذي شقه العجل.

ومرت سنوات عدة، وأصبحت الطريق الضيقة شارعاً رئيسياً في البلدة الصغيرة، ولاحقاً، غدت الشارع الرئيسي للمدينة. والجميع كان يتذمر من الازدحام المروري لأن الطريق كانت قد اتبعت أسوأ المسارات الممكنة.

وفي غضون ذلك، كانت الغابة القديمة الحكيمة تضحك لرؤية رجال اتبعوا هذه الطريق، التي تم شقها على نحو أعمى، وذلك من دون ان يسألوا انفسهم، إذا كان ما يقومون به، يمثل بالفعل، الخيار الأصح؟

Email